مثلما يصهر العامل المصرى الحديد والنحاس والفضة فى خان الخليلى ويحولها إلى مادة لينة طيعة تستجيب لخياله وإبداعه، تصهر مصر الحضارات والثقافات الواردة إليها وتؤثر فيها إلى أن تصبغها بملامح الشخصية المصرية.. وليس أدل على ذلك من رقصة التنورة ذات الأصل التركى حيث كان الصوفية فى مجالسهم يدورون فى حلقات تشير إلى توحيد الله والفناء فى عبادته.. ولعل أهم وأشهر تلك الجماعات "المولوية" نسبة إلى الشاعر الصوفى الكبير جلال الدين الرومى الذى لقبه تلاميذه ومحبوه بمولانا.. ولكن عندما جاءت رقصة المولوية إلى مصر ومنها انتقلت إلى دول شمال إفريقيا أضاف إليها الفنان الشعبى المصرى الكثير من التفاصيل والزخارف وحذف منها الطربوش الطويل واستبدل به عمامة تناسب البيئة.. كما صارت التنورة الواحدة اثنتين وثلاثا وأخذت حلقات الدوران أشكالا تعبيرية متعددة، وتنوعت الأشعار المصاحبة بين الأناشيد الدينية والمدائح للرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام وذكر أحوال الحب الإلهى، كما تنوعت الآلات الموسيقية المصاحبة. ورغم أن الأغانى غير مفهومة للأجانب من جمهور قبة الغورى حيث تقدم حفلات التنورة (أيام السبت والأثنين والأربعاء من كل أسبوع) لكن إبهار الحركة وجمال الموسيقى فضلا عن روحانيات الشهر الفضيل كل ذلك كان كافيا لتجاوب المشاهدين وشعورهم بالصفاء والسكينة والمتعة. المزمار الطبلة