من دلائل محبة الله عز وجل لرسوله-صلى الله عليه وسلم -أن الله-سبحانه وتعالى جعل وجوده صلى الله عليه وسلم مانعا من نزول العذاب، يتضح ذلك جليا عندما نقف مع قوله سبحانه على لسان الملائكة حينما أرادوا أن يهلكوا قوم لوط عليه السلام قال لهم سيدنا إبراهيم عليه السلام «إِنَّ فِيها لُوطاً»، فكانت الإجابة «قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ». ومعنى ذلك كما يقول الدكتور عبدالغفار عبدالستار رئيس قسم الحديث بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر أن وجود سيدنا لوط عليه السلام لم يكن مانعا من نزول العذاب، وهذا على عكس قول المشركين (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيم)، يقولون هذا الكلام على سبيل التحدي، وكان يمكن أن يعاجلهم الله بالعذاب، لكن قال الله-عز وجل- «وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»، مع أن الحواريين حينما قالوا لسيدنا عيسى -عليه السلام «هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ»، كانت الإجابة من الله عز وجل «إِنِّى مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّى أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ». ومن دلائل محبة الله-عز وجل- لرسوله- صلى الله عليه وسلم -أن الله- مدح كل عضو من أعضاء حبيبه، فمدح عقله فقال «مَا ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى»، ومدح لسانه فقال «وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى»، ومدح بصره فقال «مَا زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى»، ومدح فؤاده فقال «مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأى»، ومدح صدره فقال «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ»، ومدح ذكره فقال «وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ»، ومدح طهره فقال «وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ»، بل مدحه كله فقال «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ». ومن دلائل محبة الله-عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أن الله أقسم بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال «لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ»، قال ابن عباس-رضى الله عنهما: ما خلق الله وما ذرأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله تبارك وتعالى أقسم بحياة أحد إلا بحياته.