الحرب التجارية هى قيام الدول برفع أو إنشاء تعريفات أو حواجز تجارية ضد بعضها البعض استجابة للحواجز التجارية التى أنشأها الطرف الآخر. وتعتبر الحرب التجارية الحالية بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالصين هى الأقوى من نوعها منذ عام 1947 فيعتبرها البعض معركة للقيادة العالمية بين أكبر اقتصاديين فى العالم للوصول إلى النفوذ العالمي. بدأت تلك الحرب التجارية فى بداية العام الماضي، وفى 26 مارس 2018 طلبت الولاياتالمتحدة من منظمة التجارة العالمية إجراء مشاورات مع الصين بشأن بعض التدابير الصينية التى ترى الولاياتالمتحدة أنها تقوض حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة من خلال إجبار الشركات الأجنبية على الانخراط فى مشاريع مشتركة مع الشركات الصينية، والتى تمنح الشركات الصينية إذنا باستخدام تقنياتها أو تحسينها أو نسخها, واستندت فى ذلك على المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974 الذى يمنع الممارسات التجارية غير العادلة وسرقة الملكية الفكرية، والذى يمنح الرئيس سلطة فرض غرامات أو عقوبات أخرى من جانب واحد على شريك تجارى إذا كان يُعتقد أنه يضر بشكل غير عادل بالمصالح التجارية، خاصة إذا كان ينتهك اتفاقيات التجارة الدولية. وفى مايو 2018، أعلنت الصين أنها ستخفض الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة من 25% إلى 15% فى 1 يوليو فى خطوة ينظر إليها على أنها محاولة لتخفيف التوترات التجارية مع الولاياتالمتحدة. ولكن بعد فترة وجيزة تحديداً فى 6 يوليو رفعت الرسوم الجمركية على السيارات الأمريكية الصنع إلى 40% رداً على تحرك الولاياتالمتحدة لفرض ضريبة على 34 مليار دولار من المنتجات الصينية. وفى هذا السياق، ظلت الدولتان فى فرض تعريفات بمليارات الدولارات من الرسوم الجمركية على سلع كل منهما طوال العام الماضي. حيث حصلت الولاياتالمتحدة على أكثر من 250 مليار دولار من البضائع الصينية من خلال التعريفات الجمركية منذ يوليو 2018 وتراوحت تلك الرسوم الجمركية بين 10% و25٪ غطت مجموعة واسعة من المواد الصناعية والإستهلاكية. وقد ردت الصين بفرض رسوم بقيمة 110 مليارات دولار على المنتجات الأمريكية، وقد استهدفت منتجات المواد الكيميائية والفحم والمعدات الطبية مع رسوم تتراوح بين 5% و 25%. وفى ديسمبر 2018 اتفقت كلتا الدولتين على وقف التعريفات التجارية الجديدة لمدة 90 يوما للسماح بإجراء محادثات والوصول إلى صفقة تجارية مناسبة؛ ووفقاً لتلك الصفقة ستمنح بكين حتى عام 2025 للوفاء بالتزاماتها بشأن مشتريات السلع، والسماح للشركات الأمريكية بتملك شركات تجارية كاملة فى الصين. على الجانب القطاعي، كان هناك قطاعات رئيسية أكثر تضرراً من غيرها نتيجة الحرب التجارية أهمها صناعة السيارات والدراجات النارية, حيث خفضت العديد من الشركات الكبرى لصناعة السيارات توقعات الأرباح مستشهدة بارتفاع أسعار الصلب والألومنيوم بسبب التعريفات الأمريكية الجديدة مثل: فورد وجنرال موتورز. كما انخفضت مبيعات شركة فيات كرايسلر فى الصين عام 2018، وفى العام نفسه أعلنت شركة جاكوار لاند روفر عن خسارة للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات بعد تباطؤ المبيعات فى الصين. أما على جانب التداعيات السلبية على الشركاء التجاريين الرئيسين، فتعتبر تلك الحرب عامل مخاطرة رئيسيا بالنسبة للمستثمرين هذا العام خاصة فى دول آسيا وأوروبا. فأوروبا بشكل خاص تمثل صادرات السيارات بها نحو عُشر إجمالى صادرات البضائع من الاتحاد الأوروبى إلى الولاياتالمتحدة، وبالتالى فتلك التدابير الخاصة بزيادة التعريفات المفروضة ستضيف إلى حد كبير إلى التكاليف، وستؤثر سلبًا على خطط الاستثمار التجارية فى جميع أنحاء العالم. أما على صعيد الاقتصاد العالمي، فقد تباطأ نمو الاقتصاد العالمى إلى نحو 4% فى عام 2018. ويتوقع بعض الاقتصاديين أن تلك الحرب يمكن أن تقلل نمو الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنسبة 0.7 نقطة مئوية إلى 2.8% فى عام 2019. وسيكون التأثير أكبر على نمو الصين (متوقع إنخفاض-0.9%) بسبب الآثار التجارية المباشرة، وفى أوروبا (المتوقع انخفاض -0.8%) بسبب الآثار التجارية غير المباشرة والروابط المالية، وسوف يتراجع الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى بأقل من (-0.4%) بسبب تأثيرات التجارة المباشرة والروابط المالية غير المباشرة. وأخيرا، يتوقع صندوق النقد الدولى أن تصاعد التعريفة الجمركية المشتركة قد يؤدى إلى انخفاض بنسبة 0.5% عن النمو العالمى بحلول عام 2020. لمزيد من مقالات لبنى عبد الحميد