على مدى ثلاثة أيام أبهر الشعب المصرى العالم كله، بخروج هو الأول من نوعه فى الانتخابات والاستفتاءات، وحققوا رقما قياسيا غير مسبوق عندما اصطفوا أمام اللجان فى الداخل والخارج، لكى يقول كل منهم رأيه بحرية دون أى تدخل من أحد، وجاءت النتيجة النهائية لمصلحة الموافقة على التعديلات الدستورية، والتى تعنى بمثابة مرحلة جديدة، ولنقلها بصراحة تفويضا جديدا للرئيس عبدالفتاح السيسى ليكمل ما بدأه منذ 2014 من مشروعات قومية وتنمية حقيقية وتوفير فرص عمل لملايين المصريين. خروج الملايين من المصريين للاستفتاء فى كل المحافظات والمسيرات الضخمة التى جابت الشوارع فى مظهر يعكس قوة هذا الشعب على كتابة تاريخه وهو صاحب الكلمة الأخيرة والانحياز للوطن وللاستقرار كانت السبب الأساسى وراء الحشود الكبيرة التى كانت تتحرك وتصطف أمام اللجان منذ الساعات الأولى من الصباح مع مظاهر الاحتفالات والأغانى والأهازيج والمزمار، كلها حالة عبر عنها جموع الشعب لتأكيد فرحتهم وانتصارهم، وعمت هذه الأفراح جميع المحافظات بلجانها المنتشرة بين النجوع والقرى والمراكز وحتى فى المدن الكبرى ومنها القاهرة والجيزة والدقهلية والغربية والبحيرة وسوهاج وأسيوط، وهذا الخروج غير المسبوق من جموع الشعب كان رسالة للعالم كله بأن أبناء مصر يعرفون متى يتحركون لإنقاذ بلدهم مثلما أنقذوها فى ثورة 30 يونيو 2013، ومتى يصطفون أمام اللجان مثلما فعلوا فى انتخابات الرئاسة عامى 2014 و 2018 واليوم فى ابريل 2019، لكى يثبتوا الأمن والاستقرار والنظام السياسى ومنح الصلاحيات الكاملة للقوات المسلحة للحفاظ على مدنية الدولة ولضمان عدم سقوط مصر فى الفوضى مرة ثانية، بل وقطع الطريق على دعاة الإرهاب بعدم عودة الدولة الدينية، ومد فترة حكم الرئيس عامين جديدين ليستكمل فيهما ما قدمه لهذا الوطن، وتأخذ المرأة والشباب والعمال وذوو الاحتياجات الخاصة والمسيحيون وأبناء مصر فى الخارج ما يستحقونه من مقاعد فى البرلمان المقبل. التزمت مؤسسات الدولة بالكامل بالحياد، ولم يحدث أى تدخل على الإطلاق من أحد ولا حتى توجيه، ولكن ظهر بشكل كبير المشاركة الواسعة من العمال والشباب والمرأة وهو ما ثبت من المتابعة لمختلف اللجان، وربما وجود الشباب وحرصهم على الوقوف فى طوابير طويلة لساعات عدة وهو ما نراه لأول مرة يكشف أن هذا الجيل من شباب مصر عاد أخيرا لكى يمارس دوره فى إبداء رأيه فيما يتعلق بمستقبل الوطن، وكانت لمؤتمرات الشباب التأثير الكبير أيضا فى ثقتهم بالقيادة السياسية التى أولت مع بداية تولى الحكم الاهتمام بشباب مصر والحوار معهم، وظهر أثر ذلك بالفعل لأول مرة أمام اللجان فى مختلف المحافظات، وشاركت كتل كبيرة من العاملين فى هذا الاستفتاء نتيجة لإحساسهم بالمخاطر التى تواجه الوطن وتأثر حياتهم ودخولهم بسبب الظروف الصعبة والفوضى التى مرت بها مصر بعد 2011، فكان من واجبهم الخروج ليعبروا عن رأيهم والانحياز لبناء الدولة واستقرارها لسنوات مقبلة. رفض المصريون التجاوب مع دعوات قنوات الإرهاب ولم يستجيبوا لدعاة المقاطعة، بل ردوا على كل هؤلاء بالوجود بكثافة والتصويت غير المسبوق، وهذا يعنى أن الشعب العظيم ينحاز فقط لوطنه ويلفظ كل ما هو ضد أمنه، ويعرف من يتاجر على حساب الوطن مثل هؤلاء المرتزقة عملاء تركيا وقطر من المنتمين لعصابة الإرهاب الإخوانى وكل من يسير معهم فى طريق الخراب، وكانت الضربة الكبرى التى وجهت للأعداء هذه الأعداد الرهيبة وكل منهم كان حريصا على الهتاف لمصر ورفع علمها عاليا والتعبير عن الفرحة والبهجة فى كل موقع. نجحت مصر بشعبها فى تحقيق هذا الإنجاز التاريخى والذى سيكون له تأثير على الأرض فى الفترة المقبلة مع بدء جنى ثمار تعب المصريين الذين يستحقون دوما التحية على ما يبهرون به العالم عندما يلبون جميعا نداء الواجب مثلما فعلوا فى كل المناسبات التى مرت بها مصر وصولا للاستفتاء على التعديلات الدستورية والتى خرجت وفق ضوابط دستورية محترمة من جانب البرلمان الذى اقترح وناقش وسمع جميع الآراء وخرجت من داخله التعديلات للشعب فى الاستفتاء الكبير، والذى أشرف عليه قضاة مصر الأجلاء فى كل اللجان والهيئة الوطنية للانتخابات بقضاتها الذين التزموا بتطبيق القانون كاملا، وكان الجهد الكبير للقوات المسلحة والشرطة فى بسط التواجد الأمنى حول جميع اللجان، مما سهل مهمة الناخبين لتأدية واجبهم دون مشكلات أمنية، وحقق المصريون ما أرادوه لبلدهم. لمزيد من مقالات أحمد موسي