هل حقا أخفقت جائزة البوكر للرواية العربية هذ العام؟..ليس الهدف من طرح هذا التساؤل التقليل من شأن كاتبة كبيرة مثل هدى بركات لها ثقلها فى الأدب العربى واللبنانى تستحق كتاباتها كل الاحتفاء والتقدير، وإنما محاولة لرصد أسباب الجدل والهجوم الذى صاحب إعلان الفائز بجائزة البوكر للرواية العربية والدعوة لمقاطعتها. فقد بدا للكثيرين أن لجنة تحكيم الجائزة تعمدت اختيار «بريد الليل» لهدى بركات ضمن الترشيحات لتعلن فوزها فى النهاية وأنها الرواية المختارة منذ البداية! وهذا الاستنتاج تسيد مواقع التواصل الاجتماعى منذ ظهر الثلاثاء الماضى قبل ساعات من إعلان الفوز. كانت البداية مع ما نشره الكاتب عبده وازن فى مقالة ظهر الثلاثاء أعلن خلالها تسريبات بفوز بركات عن روايتها «بريد الليل»، مشيرا إلى أن التسريب وراءه دار نشر عربية استبعدت روايتها، وأن مصدرها أحد أعضاء لجنة التحكيم ، لافتا إلى رفض بركات الترشح للجائزة من الأصل، لكن لجنة التحكيم طلبت ترشيحها، وبحسب نظام الجائزة يحق للجنة التحكيم إذا ما وجدت نقصاً أو ضعفاً فى القائمة، أن ترشح رواية غير مرشحة، شرط أن توافق الدار والمؤلف. أحدث مقال وازن جدلا موسعا على مواقع التواصل زاده اعتذار مرشحة القائمة القصيرة للجائزة، الكاتبة العراقية أنعام كجه جى صاحبة «النبيذة» عبر حسابها على «فيسبوك» عن حضور حفل الإعلان عن الفائز بالجائزة بسبب التسريبات. وكانت القشة الأخيرة ما قالته بركات فى خطاب فوزها، مشيرة إلى لقائها مع رئيس مؤسسة الجائزة بلندن،قائلة: «أنا زعلانة منهم لأننى فى عام 2013 كتبت رواية «ملكوت هذه الأرض»، وهى الرواية التى مازلت فخورة بها حتى الآن، لكنها لم تصل للقائمة القصيرة، وحين التقيت بصديقى «جونا ثان تايلور»، فى لندن عام 2015، وسألنى عن رأيى فى جائزة «بوكر» بنسختها العربية، قلت ليست جيدة، لأننى لم أرق إلى القائمة القصيرة...قلت لناشرتى أننى لا أريد أن أتقدم لهذه المسابقة من جديد؛ لأننى كبرت على الامتحانات، وأشكر لجنة التحكيم لأنها طلبت ترشيح الرواية». انقسمت مواقع التواصل بين منتقد لبركات وبين مهاجم لإدارة الجائزة. علق الكاتب العراقى محسن الرملى أن »فوز هدى بركات بجائزة البوكر يشبه فوز عادل عبدالمهدى برئاسة وزراء العراق.. كلاهما لم يرشح نفسه لها أصلاً«، وشارك الشاعر السورى مروان على مقال »وازن«، معلقا: »لمن فاته الفضيحة«، معتبرا أن كلمة بركات فضحت اللجنة. وقال الكاتب السودانى حمور زيادة: «ما كتبه وازن يستحق التحقق منه ومتابعة مصادره. لأن وجود هذا التسريب يضرب الجائزة فى مقتل». حملت «الأهرام» تساؤلات هذا الجدل وكواليس اختيار «بريد الليل» وما تردد عن تورط أحد أعضاء لجنة التحكيم بالتسريبات إلى إدارة الجائزة التى أرسلت ردا قالت فيه نصاً: «فوجئ أمناء الجائزة الدولية للرواية العربية بخيبة أمل كبيرة لأن حقيقة فوز هدى بركات كانت معروفة قبل الإعلان الرسمي. لقد راجعوا الأحداث الأخيرة وعملية التحكيم لهذا العام بعناية فائقة. إنهم مقتنعون بأنه، كما فى السنوات السابقة، تم تنفيذ التحكيم بدقة من قبل لجنة القضاة المستقلة، تماشيا مع العملية المحددة للجائزة ونزاهتها. إن الأمناء ممتنون للقضاة على جديتهم وتفانيهم فى اختيار رواية هذا العام الفائزة«. لا شك أن ما حدث فى دورة البوكر العربية لهذا العام لن يمر بسهولة، وسيوجه المزيد من الانتقادات للجائزة. ربما لن تفلح دعوات مقاطعتها ولكنه بالتأكيد يشكك فى مصداقيتها ونزاهتها.