عن الصحف المحلية، والأخرى العربية والأجنبية، وعن الفضائيات العربية والأجنبية، عن رويتر، عن مصدر قضائى سوداني، أن النيابة العامة السودانية فتحت التحقيق فى بلاغين مقدمين ضد الرئيس المخلوع عمر البشير، بتهم غسيل الأموال وحيازة أموال ضخمة دون مسوغ قانوني، وعن صحيفة الرأى العام السودانية أنها قالت فى وقت سابق: إن فريقًا من القوات المسلحة والمخابرات العسكرية السودانية دهم مقر إقامة البشير، وعثر على كميات كبيرة من النقد الأجنبى والعملة المحلية، بلغت أكثر من 6 ملايين يورو وكذلك 351 ألف دولار و5 مليارات أى خمسة آلاف مليون جنيه سوداني! أى ما يوازى إجمالًا حسب يورونيوز أكثر من مئة مليون يورو. ذلك كان الخبر معنونًا يوم الأحد 21 أبريل 2019، وهى أرقام لمبالغ سائلة كاش فى بيته، وحتى تاريخه، أى الأحد الماضي، لم ينشر شيء عن ضبطيات أخرى سائلة فى بقية مقاره ولا مقار الذين هم من الضالين أو الضلالية، وربما حتى تاريخ نشر هذا المقال، وما بعده من أيام، قد تكشف الضبطيات ما يوضح كيف عاش السودان فقيرًا وهو من أغنى بلاد الله على وجه البسيطة. والضلالى هو من يصل إلى أريكة الحكم ممتطيًا ومتدثرًا ومتحليًا ومهللًا ومناديًا بقال الله وقال الرسول.. والضلالى هو من يحمل أهله وعشيرته وجماعته وعصابته على رقاب الخلق، ويمكنهم من ثروات البلاد ومصائر العباد.. وكل هذا باسم الإسلام.. والكل يعلم أن الدين من ذلك براء!. والضلالى هو من يرتدى لكل موقف قناعًا.. ويندفع لعناق الآخرين بينما الخنجر تحت عباءته يطعن به ظهور من يعانقهم.. فعناق لمصر وفى التو واللحظة تحريض للإثيوبيين وإثارة باطلة لحكاية حلايب وشلاتين! ثم كلام لا ينتهى عن أبدية وأزلية العلاقة مع مصر.. وفى التو واللحظة تآمر مع قطر وتركيا لتهريب السلاح إلى مصر وإلى ليبيا ودعم الميليشيات الإخوانية الإرهابية، ومنح قواعد فى البحر الأحمر الذى هو صميم الأمن الوطنى لمصر والسعودية والأمة العربية كلها. وإذا كان شر البلية هو ما يضحك، فإن الحسنة، ربما الوحيدة، للبشير هى أنه وفّر على السودان جزءًا من مشقة مطاردة الأموال المنهوبة فى بنوك سويسرا وغيرها، فاحتفظ بها أو بمعظمها أو بجزء منها كاش عدًا ونقدًا فى داره، ولم يفعل مثل الذين خلعوا عندنا، ومازالوا يدوخوننا دوخة الأرملة واليتيم بين اللئام بحثًا عن سبيل لاسترداد الأموال التى نهبوها من المحروسة! وربما كان الذى منع البشير وشركاه من التهريب للخارج هو أنه مطلوب للعدالة الدولية وخشى أن تجمد أى أموال باسمه بسبب ذلك، وربما أيضًا يكون قد وضع أموالًا وغيرها كالذهب بأسماء آخرين.. لأن من يستبيح مليمًا أو سنتًا من أموال الوطن مستعد لاستباحة المليارات. ونعم هو لا تصدق عليه ولا تنطبق قاعدة أنه بريء حتى تثبت إدانته بأحكام قضائية، لأن الثلاثين سنة فى قمة الحكم دون أن يتغير حال السودان بأرضه وموارده الزراعية والحيوانية والمائية والمعدنية وغيرها هى وحدها ثلاثمائة مليون إدانة وثلاثمائة مليار دليل على إجرامه.. وفى هذا السياق ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد نشر فى أثناء حكم مبارك أن شخصًا كان فى المستشفى الذى يرقد فيه مبارك عندما أجرى عملية جراحية بألمانيا، وسأل الشخص عن سبب ما يبدو أنه إجراءات أمنية قوية بالمكان، فقيل له إن مبارك رئيس مصر يجرى جراحة. وكان التعليق المباشر من السائل: إن من يحكم بلدًا كمصر للمدة التى حكمها مبارك دون أن يقيم نظامًا صحيًا ووضعًا طبيًا علميًا يستطيع أن يعالجه لهو رئيس فاشل! وها قد انتقلنا من السودان إلى المحروسة.. لأننا مهما «شرقنا وغربنا أو بحرنا وقبلنا فلا بد أن تبقى هى فى خلايا كياننا، ولذلك نظل نتساءل عن أموال الشعب المصري، التى نهبت ولم نستطع استردادها حتى الآن، ونتساءل بعد الواقعة التى كان بطلها هو الرجل الوطنى الفذ كامل الوزير، وتتعلق بمزاد خردة السكة الحديد، حيث استطاع الرجل فى حالة واحدة أن يرفع ثمن الخردة من أقل من عشرين مليونًا إلى أكثر من ثلاثمائة مليون.. ماذا عن تاريخ مزادات ومناقصات وتوريدات واستيرادات السكة الحديد فى العقود الأربعة الفائتة، خاصة أننى وغيرى من المؤكد لم ننس ما قاله ونشره الراحل العظيم الدكتور إسماعيل صبرى عبد الله عن أن تقديرات ما استولى عليه أحد وزراء النقل فى عهدى السادات ومبارك وصل لثلاثة عشر مليار جنيه، وذكر اسم ذلك المسئول الذى لم يرد، ولم يسأله أحد، ولم يتابع أحد ورثته بعد أن رحل! إن أى عين عادية غير فنية تستطيع أن تشاهد عشرات الأماكن الممتلئة بالخردة الحديدية فى أحواش ومسارات السكك الحديدية، وبعضها مطمور بالأطنان تحت الزلط والتراب والقمامة فى مدخل طنطا من ناحية الإسكندرية ومن ناحية القاهرة.. ولذلك لماذا لا يتم حصر المزادات السابقة وتبين مدى وجود ما فيها من فساد، ليس فى السكك الحديدية فقط، وإنما منذ قرر عاطف عبيد أن ينتقم من مصر عبر بيع أصول وأراضى شركات القطاع العام برخص التراب.. ومنها أثرى الذين صدعونا بأنهم رأسمالية مصرية تسهم فى التنمية والتنوير! لقد كانت مرحلة عجيبة فى تاريخ المنطقة، أن يكون الحكام متطابقين فى مسألة اعتبار الذمة المالية للدولة هى ذمتهم الشخصية، وليس هناك فرق بين جيب الدولة وجيوبهم هم وعائلاتهم وأتباعهم!. وأختم بما تداوله المصريون عبر وسائل التواصل إياها، فصوروا مبارك يكلم البشير ويقول له:« بسرعة اعمل عيان وبتموت واطلب دخول المستشفى واجعل أحد عيالك يمسك مصحف ويحملونك على كرسى متحرك يتناوب عيالك دفعه.. وأنا سأرسل لك المحامى اللى يجيب الديب من ديله». لمزيد من مقالات ◀ أحمد الجمال