نقيب الصحفيين يلتقي المؤقتين بالصحف القومية لبحث أزمة تعيينهم    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة رانيا الإمام عميدة لكلية التربية النوعية بجامعة طنطا    انفجار خط مياه رئيسي في تلا بالمنوفية.. وقطع الخدمة عن قرى صفط جدام    تكريم ستة فائزين بمسابقة المنصور الجامعة للأمن السيبراني    بعد تهديد ترامب.. كولومبيا تستدعي سفيرها لدى الولايات المتحدة (تفاصيل)    مباشر الآن.. مباراة الاتحاد والشرطة العراقي (2-1) في دوري أبطال آسيا للنخبة    سيراميكا كليوباترا: الأهلي فاوض أحمد هاني.. ولا مانع لانتقال القندوسي إلى الزمالك    ترحيل كروان مشاكل إلى سجن 15 مايو بعد سلسلة من القضايا المثيرة للجدل    سناب شات يتوقف عالميًا في عطل غامض.. ومصدر يكشف المتهم الحقيقي    حريق هائل بمصنع مواد غذائية في مدينة السادات بالمنوفية.. و11 سيارة إطفاء للسيطرة عليه    في 10 دقائق فقط.. كيف نُفذت أكبر عملية لسرقة متحف اللوفر؟ (فيديو)    افتتاح مركز «خوفو» للمؤتمرات بميدان الرماية أمام المتحف المصري الكبير    نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس    رئيس جامعة دمنهور: حريصون على توفير بيئة تعليمية بالجامعة الأهلية    انطلاق الدورة الرابعة من ملتقى التميز والإبداع العربي لتكريم رموز الفن    قافلة طبية جديدة إلى مركز شباب شرق حلوان    ليلى فاروق تنعى والدة طليقها أمير عيد    ليلى علوي تسرق الأضواء بكلماتها المؤثرة عن يسرا في الجونة    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    ياسر الزابيري بطل كأس العالم للشباب مرشح للانتقال إلى أتلتيكو مدريد    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    لا تهاجموا صلاح.. انظروا ماذا يفعل مدرب ليفربول    طلب عاجل من توروب في الاهلي    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    بروفة ريهام عبد الحكيم على أنغام الموجي استعدادًا لمهرجان الموسيقى العربية    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    مدبولي: الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للجنة التنسيقية لمنظومة التأمين الصحي الشامل    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    «التنظيم والإدارة» يُعلن عن مسابقة لشغل عدد 330 وظيفة مهندس بوزارة الري    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألبرت أينشتاين وأحمد زويل.. قصة ثقافتيْن
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 04 - 2019

الدكتور مصطفى مشرفة هو أبو علم الفيزياء فى مصر. التقى الدكتور مصطفى مشرفة ألبرت أينشتاين فى بورسعيد، وإذْ يمثل لقاء مشرفة وأينشتاين حدثًا مهمًا للغاية.. غيْر أنه سرعان ما اختزل البعض عبقرية مشرفة فى أنَّه التقى أينشتاين. تمَّ التغاضى عن سيرته العلميّة الكبري، وعن تشييده للعلم المعاصر فى مصر.. والاكتفاء بسطرٍ واحدٍ فى سيرته.. عوضًا عن كتاب حياته الممتلئ.
كان أينشتاين أسطورةً حقيقيةً.. لكنّ الإعلام الغربى نجح فى أن يضاعف حجم الأسطورة، وفى أن يفصل بينه وبين عمالقة العلم الآخرين.. بالعديد من السنوات الضوئية.
كان الدكتور أحمد زويل أسطورةً حقيقية.. أعظم عالم كيمياء فى العالم على امتداد عقودٍ طويلة.. حصل على جائزة نوبل منفردًا وترشَّح لجائزة نوبل ثانية.. تفرّد فى النظرية وأبدعَ فى التطبيق.. وأسَّسَ بمفرده علمًا كاملاً جديدًا.. هو علم كيمياء الفيمتو. لكنّ الإعلام فى ديارنا نجحَ فى أن يحطِّم جانبًا من الأسطورة.. وأن يُبقى أينشتاين وحده فى علياء الشهرة.. هابطًا بعميد علم الكيمياء فى سنواتِه الأخيرة إلى شخصٍ يتنازع على قطعة أرضٍ.. لأجل بناء جامعة.
بدأ عصر الأساطير برحيل أينشتاين، وبدأ عصر الصمت برحيل زويل. لم يعد الدكتور زويل موجودًا بما يليقُ بأعظم عالمٍ فى تاريخنا.. ولكنَّ حجم الأساطير والخرافات التى تعزِّز عبقرية أينشتاين تتوالى يومًا بعد يوم. كثيرٌ ممَّا يقال عن أينشتاين غير صحيح، وكثيرٌ من الأقوال والحِكم المنسوبة غير دقيقة.. كما أن كثيرًا ممّا ينشر عن تشريحه وعن مخِّه ورأسه.. من دون أساس. ولكنَّ العالم كله مستعدٌ أن يسمع ألف أسطورة حول أينشتاين كل يوم. كل لحظة عاشها أينشتاين باتتْ تاريخًا، وكل كلمةٍ قالها ولو كانت من لغو الخطاب باتتْ مصدر تحليل وتفكير. وحين نشرت جامعة برنستون فى 2018 مذكرات أينشتاين التى تشمل ملاحظاته بشأن رحلته إلى آسيا والشرق الأوسط.. كانت كل كلمةٍ فيها حديث الإعلام فى كل مكان.
كان علم الفيزياء محظوظًا بأينشتاين، وكان أينشتاين محظوظًا بالإعلام.. دفع أينشتاين العلم إلى الأمام.. وحافظ الإعلام على أينشتاين فى سجل الخالدين.. لا يمرّ يومٌ واحدٌ فى العالم دون ذكرٍ أو إشارة.
لم يعد الدكتور زويل موجودًا فى مؤسسات الإعلام عندنا، ولا فى أحاديث الناس فى بلادنا.. تبدو أُمَّتنا وكأنها تحمل تاريخًا عظيمًا وذاكرة هزيلة.. أصبحنا أمّة النسيان.. نحطِّم أوطاننا بالبلادة، ونرمى أبطالنا بالحجارة.
إنَّنى واحدٌ ممن يتابعون ما ينشر من حقائق وأساطير حول أينشتاين.. ما يخصُّ العلم وما يخصُّ الفكر والدين. ولقد اندهشت من حجم الموضوعات التى نشرت حول أينشتاين والإسلام ثم أينشتاين والشيعة.. وحول ما إذا كان أينشتاين قد اعتنق الإسلام، على المذهب الشيعي. لقد قادتنى قراءةٌ حول عالم الفيزياء الإيرانى الدكتور محمود حسابي.. إلى قراءاتٍ عن احتمالات تشيّع أينشتاين بعد دراسته المذاهب فى الإسلام..
نشر موقع إيلاف، وموقع قناة العربية، ومئات المواقع العربية والفارسية.. قصصًا عديدة حول مراسلات دارت بين رجل الدين الإيرانى آية الله حسين بروجرودى وبين ألبرت أينشتاين عبْر محمود حسابي. تقول القصص: إن هناك مراسلات بين رجل الدين ورجل العلم.. وأن العالم الإيرانى إبراهيم مهدوى حاول شراء المراسلات من سمسار وثائق يهودى مقابل ثلاثة ملايين دولار.. لكن الصفقة لم تتمّ.
وحسب محمد باقر المجلسى فى كتابه بحار الأنوار الذى ترجمه شقيق شاه إيران حميد رضا بهلوي.. فإنَّ: النسبيّة ظهرت أولاً فى آثارٍ شيعية حول معراج الرسول (صلى الله عليه وسلم).. عند ارتقاء النبى من الأرض تصطدم رجله أو عباءته بآنيةٍ من الماء.. وتنقلب فتهرق الماء. وعند رجوعه (صلى الله عليه وسلم) من المعراج يشاهد الماء مازال يجرى من الآنية رغم مرور الوقت.. وهذه دلالة على نسبية المكان والزمان.
وحسب كتاب بحار الأنوار أيضًا.. فإن عقيدة المعاد الجسماني، أى بعث الموتى بأجسادهم وأرواحهم معًا.. وما جاء فى علوم آل البيت من مئات السنين حول حركة النور والجسد.. يؤكده أينشتاين فى إمكانية تحول المادة إلى طاقة.. والطاقة إلى مادة. ولقد كان ذلك سببًا فى إسلام أينشتاين على المذهب الشيعى الاثنا عشري! لا يوجد ما يؤكد شيئًا من ذلك.. لا المراسلات.. ولا الإسلام.. ولا تشيّع أينشتاين.. لكنّ أسطورة أينشتاين نجحت فى أن تمتد عبْر الجغرافيا وعبْر الثقافات والأديان والمذاهب.. لتملأ العالم وتشغل الناس.
أصبح كل حرف نطق به أينشتاين وكأنه نصٌّ. وكل هفوة صدرت من أينشتاين وكأنها حكمة.. وحتى صورته وهو يخرج لسانه للكاميرا أصبحت واحدة من أكثر الصور شهرة فى العالم. لم يكن العالم الأسطورة ألبرت أينشتاين يملك معرفة مهمة خارج العلم.. ولكن جرى تصويره بالذى يعرف كل شيء عن كل شيء، وبالذى يُحصى كل مجالٍ علمًا.
وعندنا.. جرى تصيّد كلَّ حرفٍ للعالم الأسطورة أحمد زويل.. جرى تضخيم كل هفوة وتجريم كل حركة.. وهبطَ البعض إلى حد القول إنه مجرد مدرس كيمياء كان محظوظًا بالسفر للولايات المتحدة. لقد كان من حظّى أنّى حررت مذكرات الدكتور أحمد زويل عصر العلم والتى كتب مقدمتها الأستاذ نجيب محفوظ.. وشاهدت كيف تعاملت قامات بوزن نجيب محفوظ وفاروق الباز ومجدى يعقوب ومصطفى السيد ومحمد غنيم مع الدكتور زويل. ثم كان من حظّى أنّى شاهدت أيضًا كيف تعامل المجتمع العلمى الأمريكى والأوروبى مع الدكتور زويل.
إنّ الدكتور زويل أكثر من أسطورة.. ولكنّ الأسطورة صادفتْ تلك الحالة العبثيّة العربيّة.. التى تبنى وجودها، وتبذل قصارى جهودها من أجل هدف واحد: الحياة عند مستوى الصفر.
لقد نجحتْ أمّتنا فى قتل كل أسطورة جاءت من بيننا.. لتنضَّم - فخورةً - إلى تعظيم أساطير الآخرين.. العبقرية عندهم ولا عبقرية عندنا.. البقاء لهم والغياب لنا.. هم بلاد المجد ونحن بلاد العدم.
حان الوقت لنعيد الاعتبار إلى أنفسنا.. إلى علمائنا وعظمائنا.. إلى الذين أعطونا المهابة والمكانة. حان الوقت لإنهاء حرب الإهمال لمصادر الفخر فى بلادنا. العلم هو الحل.
لمزيد من مقالات أحمد المسلماني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.