لا أدرى أين ذهبت خفة الدم المصرية.. أين الابتسامة التى كنت تراها على وجوه الناس فى الشوارع.. أين النكتة المصرية وكانت تراثا قديما فى كل شىء حتى فى السياسة حتى المسرحيات التى نشاهدها الآن دمها تقيل، وهناك برامج فكاهية تشجعك على البكاء بجانب سلاسل العنف على الشاشات، أما الغناء فهو يثير الغثيان أمام أصوات قبيحة.. كان محمد عبدالوهاب لا ينام إلا مبتسما وكان يقول إن أصعب الأشياء أن تنام مكتئبا حزينا ولهذا كان يشاهد جزءا من مسرحيات فؤاد المهندس أو عادل إمام قبل أن ينام وكان عاشقا للريحانى وأفلامه القديمة.. والشىء المؤسف أن الابتسامة. أصبحت صعبة رغم أنها ضرورية فى الحياة.. ولا شىء الآن يقدم لك هذه الابتسامة إن الرغى على الشاشات يدعو للكآبة، والبذاءات على النت تدعو للحزن حتى المسلسلات كلها صراخ وعويل وشتائم.. إن الأخطر من ذلك كله أن موجات العنف تسيطر على كل شىء ابتداء بالإعلانات، وانتهاء بصور الأطفال المرضى الذين تلقى بهم الجمعيات الأهلية إلى المجهول.. ولا أدرى لماذا غابت النكتة المصرية رغم أن لها رصيدا شعبيا كبيرا كان البعض يتسابق فى تقديم النكت لكبار المسئولين فى الدولة، وقد تخصصت بعض أسماء الحواريين فى هذه العملية حتى إن البعض كان يؤلف النكت ويلقيها آخر الليل على المسئول الكبير حتى ينام سعيدا مبتهجا رغم الكوارث التى تحيط بالبلد فى كل مكان.. إن الابتسامة التى غابت عن الشاشة وفى النكتة المصرية الساخرة وفى أحاديث الأصدقاء وجلسات الأسرة لم تكن عملا هزليا، ولكنها كانت رسائل لصاحب القرار ووسيلة للتعبير عن الرأى وكم من الضحايا الذين دخلوا السجون بسبب نكتة أو حكاية.. إن غياب النكتة فى الشارع المصرى يعنى شيئا من السلبية والخوف أحيانا، وكلها ظواهر غير صحية لأن انسحاب الإنسان إلى ذاته يمكن أن يتحول إلى مرض خطير من السلبية والمعاناة.. وهنا كان دور الفن حين يوزع الابتسامات على الملايين والضحكات على القلوب المتعبة.. الإنسان المصرى يموت إذا لم يبتسم. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة