نجحت إنجريت كرامب كارينباور بفرض صورتها كزعيمة تعمل جاهدة على جمع شمل حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى الألمانى المنهك، فمنذ انتخابها على رأس هذا الحزب فى ديسمبر الماضي، ضاعفت التصريحات المدوية واختارت أن تمتدح الجناح اليمينى لحزبها، ويعترف لها المراقبون بأنها مقدامة وتريد إثبات حيويتها ونشاطها، وبالذات أنها تأتى عقب زعيمة حزبية رائعة تمثل رمزا أوروبيا ودوليا ليبراليا وإنسانيا، وتركت بصماتها على مسيرة ربع قرن لتاريخ ألمانيا! بل القارة الأوروبية. «A.K.K» كما يطلقون عليها لا تستطيع أن تضطلع بهذه الخلافة الثقيلة، وهذا الإرث الضخم بسهولة، وليس من المدهش أن ترسم لنفسها شخصية ذات آراء حاسمة وقاطعة جدا، على الأقل لتجمع معسكرها لتستميل اليمين ولتضم الصفوف، ولكن موقفها حساس لأنها تميل لليسار على مستوى السياسات الاجتماعية. تعرب رئيسة حزب الاتحاد الديمقراطى الجديدة أحيانا عن وقوفها فى صالح حظر الإعلانات المناصرة للإجهاض، وأنها ضد زواج المثليين، وأحيانا أخرى تشارك فى مهرجان يطلق عليه كرنفال «كونستونس» «Constance» نسبة إلى مديرة البيت المثابرة، متنكرة فى زى امرأة تشرف على أمور البيت ونظافته وتسخر «برجال اليوم» وتصفهم بأنهم ينتمون ل«الجنس الثالث»، بمعنى أنها تنتمى للتيار الأنثوى المناصر للمرأة، والذى يطالب بالعدالة بين الرجل والمرأة أو أنها رافضة «للشوفينية الذكورية». إن رؤيتها لفرنسا تثير لدى خبراء السياسة الخارجية الأوروبية الكثير من الاندهاش، فمنذ بداية مارس فإن رئيسة حزب الاتحاد الديمقراطى الكاثوليكى الجديدة رسمت محيط وملامح العلاقات الفرنسية -الألمانية وأصبحت أكثر اختلافا مما كانت عليه فى عصر رئاسة ميركل للحزب، ووجهة نظرها لها دلالات وتوجهات جوهرية يتابعها أن الخبراء والمراقبين خارج حدود ألمانيا، أو ما وراء نهر الراين! فردا على خطاب إيمانويل ماكرون من أجل نهضة أوروبية والمترجم إلى 24 لغة، فلقد وافقت «إنجريت كرامب كارينباور» على أهمية التعجيل بالتحرك وضرورة الدفاع عن الحدود وانتهاج سياسة مشتركة للاجئين، وإنما قدمت كثيرا من التعديلات، وأوضحت الفرق بين فكره وفكرها، وإنها ليست نسخة مطابقة له. فلقد أعلنت أنها تعارض بشدة الاقتراح الفرنسى بتحديد أجر أوروبى ذى حد أدنى ورفضت فكرة مشاركة الديون وفقا لتنظيم تعاونى أطلقه إيمانويل ماكرون من أجل تمويل مشروعات المستقبل وأعلنت أن الوسطية ومذهب ومشاركة الديون وفقا لتنظيم تعاونى وتطبيق المعايير الأوروبية وتوحيدها على الأنظمة الاجتماعية ووفقا للأجر ذى الحد الأدنى سوف تشكل انتهاج الطريق السيئ والأسلوب الأسوأ. وفى حوار لجريدة «لوموند» الفرنسية انتقدت الخط الإستراتيجى الذى يمثله ماكرون ضد القوميين والشعبويين الأوروبيين. وقالت لا أعتقد أنه يجب توجيه حملة سلبية مرتكزة على استهداف أو قصد أى خصم أو غريم! ويرى المراقبون أن السيدة «أ.ك. ك»، «A.K.K» تستهدف الوضع الذى تشغله فرنسا كعضو دائم فى مجلس أمن هيئة الأممالمتحدة، ويعتبر تناقضا جسيما مع اتفاقية «إيكس لاشابيل» التى وقعها ماكرون وميركل يوم 22 يناير الماضى والتى تحتاط وتقدر مسبقا أولوية مساندة فرنسا للإدارة الألمانية كعضو دائم فى مجلس الأمن.. وهذا معناه أنه إذا كان مستقبل رئيسة الحزب الديمقراطى المسيحى الجديدة تعنى فرنسا فى المقام الأول، فإن مسيرتها وأفعالها سوف تكون فى حد ذاتها العلامة الواضحة والجلية لتطور الثنائى الفرنسى الألماني. لمزيد من مقالات عائشة عبدالغفار