بداية علينا أن نعرف معنى كلمة «مافيا» فى اللغة وهى منظمة إرهابية سرية نشأت بجزيرة صقلية فى القرن ال 19 ضد النظام الشرعى.. ورغم أننا على دراية بأن الكلمة قميئة المعنى بشكل عام، إلا أنها تحولت بجهود محمد رمضان الى أسلوب حياة، بعد أن تغنى بها ووصل عدد مشاهديها على اليوتيوب الى 3 ملايين خلال 24 ساعة، ثم ضجت بها قاعات الأفراح، والمقاهى ثم السيارات فى الشوارع! وهنا تذكرت أن أول جريمة فى الإنسانية هى قتل قابيل لأخيه هابيل، ثم نجد الكثير من البشر يسمون أولادهم باسم القاتل ولم نسمع عن اسم الضحية قط وكأن نزعاتنا البشرية ترنو الى الشر. وبينما تعرض نجوم الدراما لهذا العام الى إعصار «سيرينجى» أطاح بالكثير منهم خارج السباق الرمضانى لهذا العام وعلى رأسهم الزعيم عادل إمام، إلا أن زلزال محمد رمضان ظل قابعا على صدورنا بلا اهتزاز وعلى الشاشات بلا أى مهاترات، ورغم أن الحسنة الوحيدة به هو أن كاتبه العبقرى عبدالرحيم كمال الذى كتب مسلسلات رائعة مثل الرحايا وشيخ العرب همام والخواجة عبدالقادر وآخرهم أهو ده اللى صار، ولكن هل سيثمر هذا التعاون عن أعمال درامية شيقة؟ وبعد الخلطة السبكية التى تجرعها رمضان منذ نعومة أظافره الفنية وطوفان البلطجة والعنف، خرج علينا مطربا فى ثوب جديد وأقام حفلا ضخما استعرض فيه كل ما لذ وطاب من وسائل الرفاهية والسفه المادى والعنف والعجرفة ووصل سعر التذكرة الى 1000 جنيه، وكأننا عدنا للخلف سنوات طويلة لنشاهد جنون مايكل جاكسون وتطرفه معا ولا نتمنى لنمبر وان النهاية نفسها. وأثارنى الفضول الصحفى لأعرف ما هو السر الخفى وراء التفاف الشباب حول هذا الكائن الرمضانى الذى تحول الى فنان شامل بلغة السوق يرقص ويغنى ويلعب أكروبات، فسألت أحد الشباب الذين حضروا الحفل والمفترض أنه ينتمى الى طبقة يطلق عليها ولاد الذوات: إيه اللى عاجبك فى رمضان؟ فأجابنى بلا تردد نجاحه! ثم سرد لى قصة كفاحه وأنه كان شابا معدما وكان يحتفظ بصور السيارات الفارهة فوق جدران غرفته المتهالكة وبعد أن أصبح مشهورا قرر أن يشترى كل تلك السيارات! وأكمل الشاب حديثه قائلا: بصرف النظر عن صوته وأنه مش مطرب إلا إنه حالة بتصنع لنا البهجة والتفاؤل، إزاى فى وقت قصير نجح كل النجاح ده، فأصبح نموذجا!! وهنا قطعت الحديث وفررت من نفسى لنفسى فى حالة من الارتباك المدقع وأنا أردد: كيف سيصبح هذا الجيل الذى يتخذ من عبده موتة قدوة! ولماذا لا تتم الاستفادة من شعبيته وتأثيره الجم على قاعدة عريضة من المجتمع، و ترويضه من قبل كبار المسئولين والقائمين على الفن والثقافة للارتقاء بما يقدمه من فن فى محاولة لتحسين شكل القدوة الأسطورة وتحويلها الى كنز معاصر لهذا الجيل البائس. لمزيد من مقالات د.هبة عبدالعزيز