شهدت العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة مراحل مختلفة هبوطا وصعودا، فكانت لهذه المراحل تأثيرات كبيرة على العلاقات الثنائية. وارتبطت القاهرة وواشنطن بعلاقات استراتيجية وثيقة استمرت على مدى العقود الأربعة الماضية، منذ حقبة ما بعد حرب السادس من أكتوبر 1973، وبدء مفاوضات السلام المصرية مع إسرائيل بوساطة أمريكية، واضعة فى الاعتبار الدور المؤثر للولايات المتحدة فى القضايا العالمية والإقليمية والدور المحورى لمصر فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والعالم الإسلامي. وظل التنسيق والتشاور المصرى الأمريكى قائما فى مختلف قضايا المنطقة، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأوضاع فى سوريا ولبنان والسودان والعراق وإيران، فضلاً عن مكافحة الإرهاب. وأسهمت الأهداف الاستراتيجية الإقليمية والمصالح المُتبادلة فى ترسيخ دعائم العلاقات الثنائية مع الولاياتالمتحدة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، والتى قامت بالأساس خلال تلك الحقبة التاريخية على الاعتبارات الخاصة بالدور المحورى لمصر لدعم الأمن والسلم فى الشرق الأوسط، بما يعد المحدد الرئيسى لملفات التعاون المصرية - الأمريكية داخل دوائر صنع القرار الأمريكي. وفى إطار التوجهات الأمريكية لاستعادة جسور التواصل مع شعوب العالم الإسلامى بالمنطقة، والتى تأثرت سلبياً عقب أحداث سبتمبر والحرب الأمريكية على الإرهاب، أعادت الإدارة الأمريكية تأكيد الدور الحضارى والثقافى لمصر بمنطقة الشرق الأوسط، عقب اختيار الرئيس السابق باراك أوباما القاهرة لإلقاء خطابه الشهير لشعوب المنطقة فى يونيو عام 2009، وقد أكد هذا الاختيار الاعتبار الأمريكى لمصر بوصفها دولة معتدلة ولدورها الفعال فى مواجهة قوى التطرف والإرهاب. كما أشاد أوباما بثورة 25 يناير خلال خطابه الذى ألقاه يوم 11 فبراير 2011، والذى جاء بمنزلة الاعتراف الأمريكى بهذا التحول التاريخى فى مصر، إضافة إلى قيامه بالثناء على دور الجيش المصرى فى إدارة الأزمة برمتها خلال خطابه. وعقب ثورة 30 يونيو 2013، أصدرت لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس بيانا اعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين فشلت فى فهم الديمقراطية بشكل حقيقي، ووصف وزير الخارجية الأمريكى السابق جون كيرى فى تصريحات له فى أغسطس ويوليو 2013 ثورة 30 يونيو بأنها خطوة لاستعادة الديمقراطية، وقال إن الجيش المصرى جنب البلاد حربا أهلية، مشيراً إلى أن ملايين الشعب المصرى طلبوا من المؤسسة العسكرية التدخل لحماية البلاد من الفوضى . وعلى الرغم من توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى الفترة ما بعد 30 يونيو بشكل عام، فإن هذا لم يمنع أن يلتقى أوباما مع الرئيس السيسى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك فى عام 2014، كما التقيا أيضا عام 2016 خلال مشاركتهما فى قمة مجموعة العشرين عام 2016 فى مدينة هانجشو الصينية. وبمجيء الرئيس الحالى دونالد ترامب إلى السلطة، توطدت العلاقات بين العاصمتين الكبيرتين بصورة أكبر، وظهر تعاون وتفاهم القيادتين فى أكثر من ملف، إلى أن جاء خطاب وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو فى يناير الماضى بالجامعة الأمريكية فى القاهرة بمنزلة بداية جديدة واعتذار صريح عن سياسات أوباما، كما أثنى بومبيو فى خطابه على الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى وصفه بأنه شريك ثابت فى الحرب على الإرهاب وتعزيز الحرية الدينية، ودعا قادة العالم للاقتداء به. كما يمثل البعد الاقتصادى جانباً مهماً للعلاقات بين البلدين، حيث تتميز العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وواشنطن بالتنوع، ما بين اتفاقيات تجارية واستثمارات متبادلة وسياحة أمريكية وافدة. وتحتل الولاياتالمتحدة مرتبة متقدمة من بين أكبر الشركاء التجاريين لمصر، وتعد ثانية الدول المصدرة للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر، والتى بلغت نحو 22 مليار دولار. كما تجدر الإشارة إلى أن معدلات التبادل التجارى بين مصر والولاياتالمتحدة حققت عام 2018 نسبة زيادة بلغت 34%، حيث سجلت نحو 7٫5 مليار دولار، مقابل نحو 5٫6 مليار دولار عام 2017. كما يمثل التعاون العسكرى ركيزة أساسية فى العلاقات بين البلدين، خاصة فى إطار تنفيذ اتفاقية السلام، فضلاً عن التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب والتنسيق المستمر للتعامل مع النزاعات الإقليمية التى تعنى الطرفين.