تحل هذه الأيام الذكرى ال55 على وفاة أديبنا الكبير، عباس محمود العقاد، عملاق الفكر العربى، وواحد ممن أثروا الحياة الأدبية الثقافية والفكرية فى المجتمع، والذى رحل عن عالمنا فى 12 مارس من عام 1964. وُلِدَ عباس محمود العقاد فى مدينة أسوان يوم 28من يونيو 1889، التحق بكتاب الشيخ نصير وحفظ القرآن الكريم وعمره سبع سنوات ولما بلغ سن العاشرة التحق بالمدرسة الابتدائية ولكنه لم يكمل تعليمه بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، فعمل موظفا بمصلحة الإيرادات بمدينة قنا ثم الزقازيق عام 1904 ثم عمل فى القسم المالى بمديرية الشرقية، وبعد ذلك انتقل إلى القاهرة وعمل بالصحافة، وعين بمجلس الفنون والآداب.. وفى مجمع اللغة العربية، ثم عضوًا مراسلا للمجمع بدمشق. بدأ حياته الأدبية وهو فى التاسعة من عمره، وكانت أول قصيدة نظمها فى حياته فى مدح العلوم قال فيها: علم الحساب له مزايا جمة/ وبه يزيد المرء فى العرفان/والنحو قنطرة العلوم جميعها/ومبين غامضها وخير لسان/وكذلك الجغرافيا هادية الفتى/لمسالك البلدان والوديان/وإذا عرفت لسان قوم يا فتى/نلت الأمان به وأى بيان كان العقاد يعشق القراءة والكتب فلم يكن مصروفه يزيد على خمسة مليمات فى اليوم ليجمع خمسة قروش فى الأسبوع، يتسلمها كل خميس، كان يشترى بها كتاباً، وبهذه الطريقة قرأ العقاد «العقد الفريد، ثمرات الأوراق، المستطرف، الكشكول، والمخلاه، مقامات الحريرى، وبعض الدواوين». انكب على القراءة وأغلبها فى التراث. بلغ من نبوغه أن الشيخ محمد عبده لما زار المدرسة أعجب بحسن بيانه ومنطقه السليم وقال عنه:«ما أجدر هذا أن يكون كاتباً بعدُ..» فكانت تلك الكلمات لها تأثير كبير على العقاد والتى قال عنها «هذه الكلمةُ أقوى ما سمعت من كلمات التَّشجيع » إننى أؤمن بكلمات التشجيع التى يتلقاها الناشئ فى مطلع حياته ممن يثق بهم ويعتز برأيهم, فيمضى إلى وجهته على يقين من النجاح. اشتهر العقاد بسعة اطلاعه، وكثرة قراءاته لمختلف الكتب، فكان يفضل قراءة كتب فلسفة الدين، والتاريخ، وتراجم العظماء، ودواوين الشعر. احتضنت جريدة «الدستور» العقاد عام 1907 والتى كانت مدرسته الأولى كما كان صاحبها محمد فريد وجدى استاذه الأول، ولما أنشأ عبد الرحمن البرقوقى جريدة «البيان» عام 1911 انتقل وكتب فيها، ثم كتب فصولا نقدية فى مجلة «عكاظ» عام 1912، وبعد ذلك اشترك فى تحرير جريدة «المؤيد» للشيخ على يوسف ولما اصطدم بسياستها الموالية للخديو تركها، ثم كتب فى جريدة «المقتطف» عام 1916، حتى انتقل إلى الإسكندرية للعمل فى جريدة «الأهالى» عام 1917 التى انشأها عبد القادر حمزة، ثم تركها بسبب اختلافها مع مبادئ حزب الوفد الذى كان يتبعه. وبعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها عاد إلى الصحافة محررا بجريدة «الأهرام» عام 1925، وبعد ذلك انتقل إلى جريدة «البلاغ» وارتبط اسمه بها، إلى أن أصبح مسئولاً عن القسم الأدبى بجريدة «الجهاد» التى كان يصدرها توفيق دياب عام 1934، ثم كتب فى «روزاليوسف» عام 1935، ثم أنشأ صحيفة «الضياء» عام 1936 التى لم يصدر منها سوى عددين، وعمل بجريدة «أخبار اليوم» عام 1944، ومنذ عام 1953 داوم على الكتابة فى صحيفة «الأخبار» حتى وفاته. جاء ذلك فى كتاب «أعلام الأدب العربى المعاصر» للكاتب محمد هوارى.صدر للعقاد ما يقرب من 100 كتاب متنوع ما بين الأدب والدراسات النقدية والعلمية، والمقالات المجمعة، لعل أبرزها على الإطلاق سلسلة كتب «العبقريات»: «عبقرية محمد، عبقرية عمر، عبقرية خالد بن الوليد، عبقرية الإمام، عبقرية الصديق، عبقرية المسيح»، ومن أبرز أعماله: فلاسفة الحكم فى العصر الحديث، وجحا الضاحك المضحك، الديوان فى النقد والأدب، وروايته «سارة»، الحكم المطلق فى القرن العشرين، ومن كتبه: أنا، وهتلر فى الميزان، وأفيون الشعوب.وترجمت بعض كتبه إلى عدة لغات منها الفارسية والأردية والملاوية، وتُرجمت أخرى إلى الألمانية والفرنسية والروسية. حصل العقاد على عدد من الجوائز التكريميّة تقديراً لمُنجزاته وأعماله، ومنها جائزة الدولة التقديريّة فى الآداب.