ما أعظمها امرأة ذات رؤية ثاقبة استطاعت أن تحول أصعب محنة واجهتها بلادها إلى طاقة هائلة من الحب والتسامح ونبذ الكراهية بفضل ما امتلكته من حكمة هائلة وقدرة خارقة على الثبات والصمود فى مواجهة الكارثة بالتوازى مع سرعة الحركة وسرعة البديهة لإطفاء النيران المشتعلة ومنع اتساعها. لقد تحدثت كتب التاريخ عن الملكة حتشبسوت والملكة نفرتيتى وكليوباترا والخنساء وزرقاء اليمامة ضمن أعظم نساء الدنيا اللواتى أسهمن فى صنع التاريخ الإنسانى وتغيير مجراه إلى الأفضل بفضل ما امتلكهن من قوة وذكاء وطموح نجحن فى توظيفه توظيفا صحيحا فى نشر روح المحبة بين الأمم والشعوب تحت رايات الوفاق وصدق الإيمان بأنه مهما تختلف عقائد الناس وجذورهم فإن ما يجمع البشر أكبر وأشمل وأعمق من أية شرور تؤدى إلى الفرقة والصدام والاقتتال.. وهذا هو ما سوف يكتبه التاريخ بأحرف من نور عن الدور المسئول الذى لعبته السيدة جاسيندا أرديرن رئيسة وزراء نيوزيلندا فى التعامل السياسى والإنسانى الحكيم مع الهجوم الإرهابى البشع الذى استهدف عشرات المصلين من المسلمين وهم يؤدون صلاة الجمعة فى أحد مساجد مدينة «كنيسة المسيح» فى نيوزيلندا. هذه المرأة العظيمة لم تعبأ بتهديدات المتطرفين وذهبت إلى موقع الجريمة مرتدية الحجاب الإسلامى تعبيرا عن المواساة والمساندة لأسر الضحايا مما دفع كثيرا من السيدات غير المسلمات فى نيوزيلندا إلى ارتداء أوشحة الرأس لإظهار التضامن مع الجالية المسلمة ولم تكتف رئيسة الوزراء بذلك وإنما ذهبت للمشاركة فى أول صلاة للجمعة بعد الحادث الإرهابى وهى ترتدى الحجاب وتردد فى كلمة لها أمام أكثر من خمسة آلاف من المصلين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم باللغة العربية: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» ثم عادت وألقت خطابا قصيرا قالت فيه باللغة العربية: «نيوزيلندا تشاطركم الأحزان نحن واحد». حقا ما أعظمها امرأة! خير الكلام: بلاء الإنسان من اللسان وجودة الكلام فى الاختصار! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله