تشير البريكست إلى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى. كبداية تم إجراء استفتاء عام يوم 23 يونيو 2016 حول الموافقة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى من عدمها، صوت البريطانيون لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بنسبة 52% إلى 48% (أى 17.4 مليون صوت إلى 16.1 مليون)، وقد تم الاتفاق على أن يتم الخروج فى 29 مارس 2019 وفقا للمادة 50 من معاهدة لشبونة التى تمنح الجانبين عامين للموافقة على شروط الانفصال، حيث أطلقت بريطانيا المادة 50 فى 29 مارس 2017. ومنذ ذلك الحين، أجرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى مفاوضات بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبى الأخرى حول ما يعرف باسم اتفاقية أو صفقة الانسحاب. وتعد أهم النقاط الرئيسية التى تغطيها هذه الاتفاقية هي: (1) المبلغ الذى ستضطر بريطانيا إلى دفعه للاتحاد الأوروبى ويقدر بنحو 39 مليار جنيه إسترليني؛ (2) وضع مواطنى المملكة المتحدة الذين يعيشون فى أى مكان آخر فى الاتحاد الأوروبى، وبالتبعية وضع مواطنى الاتحاد الأوروبى الذين يعيشون فى المملكة المتحدة، (3) كيفية إدارة بريطانيا لحدودها مع أيرلندا فى حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، (4) الاتفاق على فترة انتقالية للسماح للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى بالاتفاق على صفقة تجارية ومنح الشركات وقتا للتكيف (إذا تم قبول صفقة تيريزا ماى، فستستمر هذه الفترة 21 شهرا من يوم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى 29 مارس 2019 حتى 31 ديسمبر 2020، ويمكن تمديدها لمدة عامين إذا أراد كلاهما ذلك). وقد وافق كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبى على تلك الصفقة فى نوفمبر 2018، إلا أن الأمر يتطلب موافقة أعضاء مجلس العموم البريطانى. ففى 15 يناير 2019 صوتت الأغلبية برفض الصفقة (432 صوتا مقابل 202 صوت)؛ ثم فى 12 مارس الحالى قدمت تيريزا ماى إلى الاتحاد الأوروبى بعض التغييرات إلا أنها قوبلت بالرفض مرة أخرى بأغلبية 149 صوتا (391 صوتا مقابل 242 صوتا) وهى تعد نسبة كبيرة. أما فى 13 مارس، فقد صوت أعضاء البرلمان ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى دون اتفاق. وفى 14 مارس، صوت الأعضاء لمصلحة تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، مما يعنى أن بريطانيا قد لا تغادر فى 29 مارس 2019 كما كان مخططا لها فى السابق، بل ستتأخر لنحو ثلاثة أشهر حتى 30 يونيو 2019. وفى حالة مغادرة المملكة المتحدة دون اتفاق يعنى ذلك أنها فشلت فى الاتفاق على صفقة الانسحاب، ويعنى أنه لن تكون هناك فترة انتقالية بعد 29 مارس 2019، وسوف تتوقف قوانين الاتحاد الأوروبى عن السريان فى المملكة المتحدة على الفور. وفى هذا السياق، تجدر الإشارة إلى بعض المؤشرات المثيرة للاهتمام، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 12.6% من الناتج المحلى الإجمالى لبريطانيا يرتبط بالصادرات إلى الاتحاد الأوروبى، بينما تمثل صادرات الدول الأعضاء السبع والعشرين الأخرى إلى بريطانيا نحو 3.1% فقط من الناتج المحلى الإجمالى. وأن الاتحاد الأوروبى يمثل نحو 44% من صادرات بريطانيا و60% من إجمالى تجارة المملكة المتحدة مشمولا بعضوية الاتحاد الأوروبى. أيضا، يعتمد اقتصاد بريطانيا بشكل كبير على قطاع الخدمات، حيث يمثل نحو 80% من اقتصادها. علاوة على ذلك، فإن نحو خُمس (أو 42.6 % فى يناير 2018) الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبى الأخرى. تنقلنا هذه المؤشرات إلى سيناريوهات النمو المستقبلية لبريطانيا بحلول عام 2030، حيث تعتمد التنبؤات حول الكيفية التى سيؤثر بها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على العوامل الاقتصادية من حيث: 1) تبنى الاتحاد الأوروبى تلك الإصلاحات من عدمه؛ 2) نتائج الاتفاقيات التجارية التى يتفاوض عليها الاتحاد الأوروبي؛ 3) إلى أى مدى ترغب المملكة المتحدة فى تحويل اقتصادها إلى اقتصاد حر؛ 4) ما نوع العلاقة التى تقررها المملكة المتحدة تجاه السوق الموحدة للاتحاد الأوروبى. ونظرا لعدم القدرة على التنبؤ بجميع عوامل النمو هذه، فإن تنبؤات النمو تختلف بشكل كبير بين خسارة 2.2% من الناتج المحلى الإجمالى وزيادة بنسبة 1.6% فى الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2030. لمزيد من مقالات لبنى عبد الحميد