ما زال الأطفال الأبرياء يدفعون حياتهم ثمنا لخطايا آبائهم، وهذا هو الطفل محمود الذى لم يكمل الشهر الثالث بعد السنة الأولى من عمره، كتب عليه القدر أن تخمد أنفاسه بيد رجل غامض فى حياة أمه، فبالرغم من أن الرجل تزوجها عرفيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، إلا أن محمود لم يكن ابنهما وكان الرجل يعرف ذلك جيدا بعد أن عادت به أمه عقب رحلة هروب غامضة لحوالى عامين بعيدا عن البيت الذى تسكن فيه مع زوجها الحالي!. فلم يقدم الشاب أحمد على قتل الرضيع خنقا لأنه يشك فى نسبه إليه، فهو يعرف ذلك من أمه التى تعرف عليها قبل 3 سنوات وكانت مطلقة حديثا واتفقا على أن تقيم معه فى شقة بمنطقة منشية عبد المنعم رياض بحى شبرا الخيمة بعد تحرير ورقة زواج عرفي، فلأمر ما رفضت الأم «ص» أن تتزوج رسميا من الشاب أحمد، ربما لأنه ليس لديه عمل ثابت، حتى الكافيتريا التى يعمل بها لم يكن مستقرا فيها بسبب إهماله، فلم يكد يفعل شيئا منذ تعرفه عليها سوى أن تفرغ لها وللمخدرات ولم يعد يبحث عن عمل. ولكن بعد زواجهما خلال عام 2016 بفترة قصيرة، هربت الزوجة من البيت بسبب كثرة المشاكل التى نتجت من بطالته ومكوثه فى البيت ليل نهار، لكنها بعد ما يقرب من عامين عادت مرة أخرى تحمل على كتفها طفلا رضيعا تقول إنه ابنها!. العجيب أن الزوج لم يهتم بمن يكون والد الطفل ولا كيف أنجبته وهى لم تزل على ذمته وإن كان عرفيا، فهل أنجبته من زوجها السابق؟!.. هل تزوجت بآخر؟!.. وإلى من نسبت الطفل الذى دعت اسمه «محمود»؟!.. لم يهتم أحمد بإجابة هذه الأسئلة ولا غيرها، فقد أعمته شهوة الاحتفاظ بها بعد أن تعلق بها من جديد حتى أنه لم يحاسبها على هروبها الغامض. «ص» كانت أشد عجبا منه، فهى لم تهتم بنسب ابنها ولا حتى قامت وحاولت قيده باسم أبيه وبالتالى لم تستخرج له شهادة ميلاد ولا طلبت منه أن يقيده باسمه ولم تهتم بذلك أبدا، بل كان الهم الأكبر هو كيف يمكن تدبير مصروفات الثلاثة فى ظل عدم وجود مصدر للمال مع استسلام أحمد لحالة الركود اليومى التى سارت عليها حياته، مما دفع الزوجة الغريبة لأن تتصرف. وكان هذا «التصرف» هو مصدر جنون الزوج العاطل، فقد كانت «ص» تخرج من البيت ولا تعود إلا متأخرا ببعض ما يصرف أحوال البيت بالكاد. كانت ترفض أن تخبره بما تفعله طوال فترات غيابها عن المنزل وكان الشجار هو نهاية كل مرة قبل أن يلتهم أحمد ما أحضرته من الطعام، لكن لم يكن هناك ما يكفى للإنفاق يوميا على وجباته الأساسية من المخدرات!. وبالطبع كان خروجها يوجب عليها ترك طفلها فى البيت بدون أى رعاية فتترك الزوج منفردا به لا يدرى ماذا يفعل مع بكائه الذى لا يكاد ينقطع. كان أحمد يدرك تماما ماذا تفعل «ص» فى غيابها، لكنه كان أعجز من أن يواجهها، فقد تكرر هروبها وهو لا يطيق فقدها مرة أخري. وذات مرة تركت «ص» الطفل كعادتها ليصرخ من الجوع أو المغص أو فقده الأم، فما كان من الزوج إلا أن قرر أن يخرج حنقه ويتحدى عجزه أمام زوجته، فانهال عليه ضربا فى فورة جنون ثم أطبق بيديه على فم وأنف الطفل ليسكته إلى الأبد. وأفاق أحمد على جريمته الشنعاء وأسرع بالطفل إلى مستشفى ناصر، لتلحق به الزوجة ولكن كانت أنفاس الطفل قد خمدت وتخلصت روحه من البيت الموبوء ما بين عاطل مدمن وامرأة مستهترة. وخلال التحقيق كانت الاعترافات تكشف الجريمة ومع ذلك يزداد غموض الحياة مع تلك النوعية العجيبة من البشر، فلم تستطع الأم أن تحدد من هو والد الطفل، أما إصرار أحمد على أنه قتل الطفل عمدا لأن «ص» تخونه، فلم يكن إلا تبريرا متهافتا لمجرم عجز عن تبرير جريمته، أما الأعجب فهو إضافة مبرر آخر، بأنه عاقبها بقتل طفلها لأنها لم تعد تهتم به بسبب الطفل!. وقد تم إخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن بالحادث وقد وجهت النيابة إلى الزوج تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار وصرحت بدفن الطفل «محمود» الذى خلت خانة اسم الأب فى تصريح دفن جثته فالطفل لم يدرج اسمه فى السجلات الرسمية للمواليد.