أكد السفير شريف البديوى سفير مصر لدى دولة الإمارات أن العلاقات المصرية الإماراتية تمر بأزهى فتراتها، حيث بلغ التنسيق والتعاون فى مختلف المجالات مستويات غير مسبوقة، مشيرا إلى أن علاقات البلدين تتمتع بقدر كبير من التفاهم المشترك النابع من التواصل المستمر بين قيادتى البلدين والرغبة فى تنسيق المواقف فيما يتعلق بالقضايا الدولية والاقليمية. وأوضح السفير فى حوار خاص ل«الأهرام» أن التنسيق والتواصل المستمر أدى إلى التطابق فى المواقف السياسية من قضايا المنطقة والقضايا الدولية، حيث تتفق سياسة البلدين على سبيل المثال على حل القضية الفلسطينية بوصفها قضية العرب. وأضاف أن هناك اتفاقا وتنسيقا أيضا فى المواقف بين مصر والإمارات فيما يتعلق بالمحددات الرئيسية للتعامل مع القضايا المستجدة فى المنطقة كالأزمة السورية والأزمة الليبية والموقف فى اليمن والعراق، فضلاً عن التعامل مع مشكلة الإرهاب والعنف والتطرف العنيف. وأوضح البديوى أن العلاقات المصرية الإماراتية تقدم مثالاً للعلاقات النموذجية بين الدول العربية على مختلف الأصعدة، سواء فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى أو التعاون السياسى وتنسيق المواقف فى المنظمات الدولية، وهو ما يهيئ المجال للبلدين للعمل على حل أزمات المنطقة بوصفهما طرفين محايدين يحرصان على تحقيق مصالح شعوب المنطقة دون أجندات خفية، ويعملان على استعادة الأمن والاستقرار للدول العربية بشكل عام. كما أكد أن مصر تتطلع لأن تشهد المرحلة المقبلة تعاونا مكثفا بين مصر والإمارات فى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإعادة الإعمار فى الدول العربية التى مرت مؤخراً بظروف اقتصادية وأمنية أثرت على بنيتها التحتية. وفيما يتعلق بتفعيل الشراكة الاستراتيجية فى مجال التحديث الحكومى بين البلدين، قال البديوى إن الحكومتين المصرية والإماراتية تسعيان إلى تعزيز سبل التعاون المشترك فى مجال الارتقاء بجودة الخدمات الحكومية، وتسريع وتيرة الحصول عليها وتطوير مجالات التدريب وبناء قدرات الموظفين والمؤسسات الحكومية، مشيرا إلى أنه فى هذا الإطار، وفى ضوء تميز تجربة الإدارة الحكومية فى الإمارات، وقع الجانبان المصرى والإماراتى العام الماضى على مذكرة تفاهم فى مجال تطوير الأداء الحكومى فى مجالات التميز الحكومى والقدرات الحكومية والخدمات الذكية والمسرّعات الحكومية. وأوضح السفير أن الفترة الماضية شهدت العديد من الزيارات المتبادلة بين الجانبين لإطلاق برامج الشراكة، كان أبرزها إطلاق فعاليات مؤتمر “مصر للتميُّز الحكومى 2018” الذى يعد الأول من نوعه فى مصر لتحديث الأداء الحكومي. وأضاف أن الفترة الماضية شهدت عقد المرحلة الثانية للورش التدريبية لفريق “جائزة مصر للتميّز الحكومي” التى تم تنظيمها فى القاهرة بمشاركة 220 متدرباً من محافظاتالقاهرة والجيزة والقليوبية والوحدات المحلية التابعة لها، والتى تأتى استكمالاً لسلسلة البرامج التعريفية والتدريبية لفريق عمل “جائزة مصر للتميز الحكومي” والهادفة إلى ترسيخ مفهوم الجودة والتميز فى العمل الحكومى وتعزيز قدرات الموظفين وتزويدهم بالمهارات والخبرات اللازمة لتطوير مستوى الأداء وتقديم خدمات متميزة للمتعاملين. وشدد السفير شريف البديوى على أهمية إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسى لجائزة مصر لتطبيقات الخدمات الحكومية لطلاب الجامعات المصرية كمبادرة رائدة تستهدف التشجيع على المساهمة فى إيجاد حلول عملية تضمن تحقيق نقلة نوعية فى الخدمات الحكومية فى مصر تعزيزاً لمسار جهود الطرفين المصرى والإماراتى لتفعيل الشراكة الاستراتيجية فى مجال التحديث الحكومى. وأكد أن إطلاق الجائزة يشكل إضافة لبناء الشراكة الاستراتيجية بين مصر والإمارات ويعكس عزيمة البلدين على تعظيم الاستثمار فى الثروات البشرية والكفاءات الوطنية فى البلدين، فضلاً عن انفتاح مصر على الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة فى مجال تحديث العمل الحكومى فى ضوء مساعيها لتنفيذ “رؤية مصر 2030”، مما يضمن دخول مصر ضمن مصاف أفضل 30 دولة فى مكافحة الفساد والتنافسية العالمية. وعن خطة التحول للاقتصاد الرقمى العربى التى أطلقتها الإمارات ومدى تماشيها مع رؤية مصر 2030، قال السفير البديوى إن الإمارات استضافت فى ديسمبر الماضى المؤتمر الأول للاقتصاد الرقمى العربى الذى يهدف إلى تدشين الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي، حيث تضمنت توصيات المؤتمر ضرورة التركيز على تطوير البنى التحتية الرقمية وتشجيع الابتكار الرقمى وإعداد تشريعات وطنية منظمة لقطاع الاقتصاد الرقمى لضمان تحقيق أكبر مردود اقتصادي. وأضاف أن مصر شاركت فى هذا المؤتمر بفاعلية إيماناً منها بأهمية تعظيم إسهام الاقتصاد الرقمى فى الناتج المحلى المصري، وهو أمر يهدف الى تحقيق “رؤية مصر 2030” من حيث استهدافها الوصول بمصر إلى مصاف أكبر 30 اقتصاداً فى العالم، وأفضل 30 دولة فى مكافحة الفساد، وأفضل 30 دولة فى التنافسية العالمية والتنمية البشرية، وأفضل 10 دول فى الإصلاحات الاقتصادية، مشيرا الى أن التركيز على تطوير محور الاقتصاد الرقمى سيكون له أثر كبير فى تعزيز الربط الاقتصادى للدول العربية، ومن ثم، سيسهم فى رفع معدلات التبادل التجارى البينى بين مصر والإمارات. وفيما يخص رغبة الإمارات فى مضاعفة استثماراتها الحالية فى مصر، أوضح السفير أن الإمارات تأتى فى المرتبة الأولى ضمن قائمة الدول المستثمرة فى مصر بقيمة تبلغ 6٫6 مليار دولار، حيث بلغ عدد الشركات المستثمرة بمساهمات إماراتية حوالى 990 شركة. وأشار السفير إلى أن هناك حالة من التفاؤل بشأن دخول مزيد من الاستثمارات الإماراتية، وتمثل ذلك فى الإعلان عن عدد من المشاريع الإماراتية الجديدة وكان أبرزها : مشروع لإقامة مجمع زراعى صناعى ضخم فى مصر لإنتاج سكر البنجر بتكلفة استثمارية نحو مليار دولار، وحصول شركة على رخصة الجيل الرابع للمحمول بقيمة 535 مليون دولار، وإعلان شركة أخرى عن استثمارات جديدة لزراعة 20 مليون نخلة ضمن مشروع الريف المصرى الجديد، واتفاق شركة للمستلزمات الطبية مع وزارة الإنتاج الحربى على إقامة مشروع مشترك لإنتاج السرنجات ذاتية التلف، وبدء الترويج لمشروع عقارى تقيمه شركة إماراتية على طريق الإسماعيلية ويتضمن بناء 30 ألف وحدة سكنية بتكلفة استثمارية تصل إلى حوالى 2٫5 مليار دولار. وشدد على أن هناك فرصا جيدة للشركات الإماراتية للاستثمار فى مصر، خاصة بعد تسهيل إجراءات الاستثمار وإقرار العديد من التشريعات، وعلى رأسها قانون الاستثمار وقانون التراخيص الصناعية، بالإضافة إلى تعديلات قانونى الشركات وسوق رأس المال وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية فى مجالات البنية الأساسية. وأضاف أن هناك عملا واضحا من الجانبين المصرى والإماراتى على تعزيز التبادل التجارى بين البلدين والاستثمارات المشتركة من خلال تبادل الزيارات بين رجال الأعمال، وتنظيم المعارض التجارية وإزالة العراقيل التى تعترض سبل زيادة التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة وتفعيل مجلس الأعمال المصرى الإماراتي. وعن تعزيز التعاون القضائى بين البلدين، أكد البديوى أن هناك تنسيقا فى هذا المجال بين الجانبين، وخاصةً فى ضوء التاريخ العريق للتعاون القضائى بين البلدين الشقيقين، والذى يجرى خلال العقدين السابقين فى إطار اتفاقية التعاون القانونى والقضائى الموقعة بين البلدين فى أكتوبر 2000، والتى بمُقتضاها تجرى مُتابعة المسائل المتعلقة بملفات التسليم والمساعدة القضائية من خلال القنوات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين. وقال إن السفارة بأبوظبى تابعت على سبيل المثال أكثر من مائة ملف لتنفيذ أحكام قضائية مُتبادَلة بين البلدين خلال العام الماضى 2018، وتجرى حالياً مُناقشة الصعوبات التى تواجه بعض حالات طلب المساعدة القضائية والنظر فى تنفيذ بعض الأحكام الصادرة فى البلدين وإدراج التعديلات اللازمة على الاتفاقية الموقعة بين البلدين فى هذا المجال. وعن كيفية الاستفادة من الجالية المصرية فى الإمارات، قال السفير إن أغلب المصريين المُقيمين بالإمارات من المعلمين والمهندسين والأطباء، حيث تتمتع الجالية المصرية بسُمعة طيبة ترتبط بكونها من أوائل المُسهمين فى النهضة التنموية الشاملة التى شهدتها الإمارات خلال العقود الأخيرة، مشيرا إلى أن مواطنى دولة الإمارات ما زالوا يقدرون المعلم المصرى الذى يتمتع بسمعة طيبة، ويشكل بالتالى قوة ناعمة مصرية قوية فى دولة الإمارات. وأضاف أن الأوضاع الاجتماعية للجالية المصرية ينظمها عدد من الأندية المصرية، حيث تتولى هذه الأندية التنسيق المستمر مع كلٍ من السفارة بأبوظبى والقُنصلية فى دبى لمحاولة تذليل كافة الصعوبات التى تواجه المصريين والحفاظ على حقوقهم ومصالحهم. وقال أيضا إن السفارة تنظم لقاءات مع أعضاء الجالية فى مختلف المناسبات كان آخرها يوم 25 يناير الماضى بحضور السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، وفيما يخص أوضاع المسجونين المصريين الذين يمضون فترات العقوبة فى الإمارات على ذمة جرائم جنائية ومدنية، أوضح البديوى أن المسجونين المصريين تُقدَر أعدادهم بحوالى 200 مسجون فى السجون الإماراتية، وأن السفارة بأبوظبى والقنصلية فى دُبى تتابع أوضاعهم وتلبية متطلباتهم الأساسية فى ضوء القواعد والقوانين الإماراتية المُنظمة لهم. وشدد على أن السفارة فى أبوظبى تنظم زيارة لمندوب من السفارة بصورة دورية كل أسبوع إلى السجن المركزى بأبوظبى للوقوف على أوضاعه النزلاء ومُتطلباتهم وتقديم الخدمات القُنصلية لهم. وأوضح السفير المصرى أن المسجونين المصريين يتمتعون بسمعة طيبة جعلتهم موجودين بنسبة كبيرة على قائمة عفو المسئولين بدولة الإمارات خلال المناسبات الدينية والوطنية الرئيسة بالدولة، وكان آخرها قرار العفو الرئاسى الإماراتى عن حوالى أكثر من ثلاثين مسجونا مصريا بمناسبة العيد الوطنى لدولة الإمارات فى ديسمبر الماضي.
