اعتدنا منذ ثورة 1952 أن يتولي الضباط معظم المناصب الحساسة والقيادية في البلاد علي اعتبار أن مصر هي إحدي جمهوريات الضباط, برغم قلة خبراتهم الإدارية في المجال المدني. والرقابة الإدارية من الجهات التي يحتكر الضباط العمل بها, ولم نفاجأ بخبر إقالة رئيسها, فالرقابة الإدارية المسئول الأول عن تسهيل عمليات الفساد, واعتدنا طوال السنوات الماضية علي عدم تحركها لمحاربة عشرات بل مئات وقائع الفساد التي كشفتها الصحف.. وبدلا من أن يشن محققوها الضباط الحرب ضد الفاسدين أتاحوا لهم الفرصة للتمادي في غيهم والوسائل الكفيلة لتهربهم من المساءلة, وتستر بعضهم علي مخالفات ضخمة وجرائم عديدة وامتنعوا عن اجراء التحقيقات اللازمة وكشف وفضح اصحابها. ويري البعض أن جهاز المخابرات العامة الذي يتولي الضباط وظائفه المهمة يشارك أيضا مع الرقابة الإدارية في تهمة تسهيل الفساد, بصفته المسئول عن حماية الأمن القومي. وبديهي أن يشمل هذا الأمن محاربة التجسس وحماية مليارات الجنيهات التي تحولت إلي دولارات ثم تهريبها للخارج, ناهيك عن العمولات الضخمة التي تسلمها مسئولون سابقون في جهاز الدولة ومرت بسلام أمام أعين قيادات الجهاز دون تحقيق أو حتي مجرد إشارة لوقفها. وبرغم أنه ليس جهة رقابة, فإن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ويتولاه ضابط من الجيش منذ تأسيسه, لم يسلم هو الآخر من الفساد الذي ينخر فيه مثل السوس, ويكفي أن رئيسه الذي يتسلم راتبا ومكافآت تفوق رئيس الجمهورية, يتهمه البعض برفع حذائه في وجه معارضيه في الاجتماعات. ويدعي دائما أنه ضابط ولا يستطيع مسئول في الدولة إقالته من منصبه!. ولا يعرف موظفو الجهاز حتي الآن سر قوة رئيسهم الذي لا يعترف بأن مصر تعيش حالة ثورة لمجرد أنه ذو خلفية عسكرية. نحن في حاجة إلي تطهير مصر من دائرة الفساد الملعونة. المزيد من أعمدة محمد أمين المصري