الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف الأسبق صاحب وأحد أرقى العقول التى تعاملت مع الخطاب الدينى فى مصر منذ سنوات بعيدة، ومنذ أيام أحسنت الهيئة المصرية العامة للكتاب بإصدارها كتاب (رحلة حياة ذكريات وحقائق وتجارب حياتية) للدكتور زقزوق وتوزعت اهتمامات الكتاب بين أفكار كثيرة بعضها عن الحوار بين الأديان والمذاهب، وبعضها عن السنة والشيعة وقضية التقريب وبعضها عن شخصيات بعينها مثل الشيخ محمد سيد طنطاوى كما تناول قسم منها نقدا للعادات فى الموالد. وأتوقف عند ما ذكره الدكتور زقزوق عن (تجديد الخطاب الدينى) باعتبار أنها القضية الملحة الحالية التى ينشغل بها العقل الإسلامى فى مصر، لا بل والعقل السياسى والثقافى والاجتماعى.. ويقول الدكتور زقزوق اكتبت مقالا فى مجلة الأزهر بعنوان التراث بين التجديد والتبديد وأشرت فيه إلى أن التراث ميراث، فإذا آلت ثروة عن طريق الميراث إلى إنسان فأخذها ورماها فى البحر، نقول عنه إنه مجنون، فإذا أخذها وبددها نقول عنه إنه أحمق، أما إذا أخذها واستثمرها ونماها نقول عنه إنه عاقل، وهذا الصنف الأخير هو ما نريد أن نطبقه على التراث، فنحن لا نريد التخلى عن التراث ونرميه فى البحر ولا أن نبدده، وإنما نريد أن نضيف إليه وننميه ونجعله صالحا لأن يكون غذاء فكريا نافعا للأجيال.. وهناك قطيعة بين أروقة الأزهر ومراكز البحوث العلمية، والمفارقة الغريبة أن جامعة الأزهر بها أكثر من ثلاثين مركزا للبحوث العلمية فى الكليات العملية، أما الكليات النظرية أو التى يُطلق عليها الكليات الأصلية فتمتنع عن ذلك، ولعل السبب يرجع إلى الاعتقاد بأن السابقين قالوا كل شىء يتعلق بالعلوم الدينية فالأول لم يترك إلى الآخر شيئا وليس فى الإمكان أبدع مما كان، ولكن إذا كنا نتحدث عن الجمود الغالب على الكثيرين فى أروقة الأزهر، فلا يجوز أن نعمم الحكم على الجميع فهناك بعض العلماء المتفتحين القادرين على العطاء والبحث والمشاركة فى تجديد الفكر الإسلامى ولكن لا تتاح لهم الفرصة، ولا يريد المسيطرون على قلعة الجمود أن يكون لغيرهم صوت مسموع فهم وحدهم الحراس على التراث وعلى الإسلام وعلى الفكر الإسلامى ونقائه. هذا نص مهم تجب قراءته عدة مرات وهو جوهر مواجهة الإمام الطيب فى الأزهر التى ينبغى فهمها لنعذر ونقدر. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع