عديدة هى الرسائل التى وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خطابه الأول عند توليه رئاسة الاتحاد الإفريقى فى مؤتمر القمة الإفريقى الذى احتضنته العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الأسبوع الماضي، مايعنى أن الرئيس أعد عدته جيدا وتدارس الموقف فى القارة الإفريقية بكل تفاصيله، واستعد لتحمل مسئولية الجديدة بما يمكنه من تحقيق الأهداف المنشودة للدول والشعوب، وما من شك أن من يتابع عمل الرئيس السيسى ودأبه وسرعة إيقاعه يدرك انه سيكون كذلك فى أى موقع يتولى مسئوليته، ولذا فالرهان عليه كبير جدا من قبل القارة الإفريقية، والكل سينتظر ليرى مايقدمه على أرض الواقع بعيدا عن الشعارات المنمقة والخطب الرنانة التى تتميز بها المؤتمرات فى التسليم والتسلم للقيادة، والتى غالبا ماتدور حول شكر من سبق والتمنيات بالتوفيق لما لحق، وتدور الايام دورتها ليتكرر المشهد كل عام، وتبقى القارة تنتظر مايحقق طموحات وآمال سكانها، ويكفى هنا للتدليل على حال القارة الصعبة ماقالته السيدة ميناتا ساماتى المفوضة السياسية فى الاتحاد عن الوضع الانسانى فى القارة والذى اعتبرته مدعاة للقلق بفعل النزوح القسرى للسكان، وهاهى كلمة الرئيس الرواندى بول كاجامى وهو يقدم تقريرا عن فترة رئاسته للقمة قبل تسليمها، تركز على ماقام به من جهد فى تعزيز قدرات الاتحاد وبنيته الداخلية لتحقيق الأهداف التى أنشئ من أجلها، والتى لن تتحقق إلا بتميزه بالمرونة والفاعلية. وأعرب عن تفاؤله بتولى الرئيس السيسى الرئاسة، لثقته فى أنه سينهض بالاتحاد ويصعد به الى مكانة عالية، وكشف كاجامى عن كنز القارة السمراء المتمثل فى كوادرها الرفيعة المستوى، وأن ما تحتاجه هو تبادل الخبرات بين دولها لتتمكن من تنفيذ اجندتها. من هنا أصابت كلمة الرئيس السيسى كبد الحقيقة ووضعت النقاط فوق الحروف، من خلال رسائل محددة الكلمات واضحة المعاني، لاتقبل اللبس ولا تدغدغ المشاعر، ففيها تقييم واقعى لما تعيشه القارة فعليا من مشكلات، وخطة عمل طموحة تكفل لها عبور الأزمات وتجاوز العقبات التى تعترض مسيرتها، وأولى تلك الرسائل كانت الدعوة للعمل الجماعى فهو السبيل للنهضة الحقيقية فى ظل حرج المرحلة الراهنة، واستشهد بمقولة الزعيم الغانى الراحل كوامى نكروما: فى انقسامنا ضعف وفى اتحادنا يمكن لإفريقيا أن تصبح واحدة من أكبر القوى فى العالم. وشدد الرئيس على أن الفهم المشترك والاحترام المتبادل هو أعظم قوة دافعة نمنحها للاتحاد الإفريقي، والرسالة الثانية تمثلت فى توجيه التحية للمرأة الإفريقية التى تحملت ويلات الحروب بالصبر، وحان الآن وقت تمكينها لتؤدى دورها فى مختلف مجالات العمل، وجاءت الرسالة الثالثة دعوة للاتفاق على مبدأ الحلول السياسية للنزاعات فى القارة داخل الدولة الواحدة بين الدول بعضها البعض، والرسالة الرابعة ضرورة مجابهة مواجات الهجرة غير المشروعة ولن يتم هذا إلا بالتنمية التى تفتح آفاق العمل والعيش الكريم للمواطنين، والرسالة الخامسة ضرورة مكافحة الإرهاب بكل صوره وأينما يكن. وطالب الرئيس السيسى قادة الدول الإفريقية بضرورة طى صفحة النزاعات والصراعات التى حالت دون تقدم القارة ورفاهية شعوبها بعدما تسببت فى استنزاف خيراتها، وبعد رسائل تشخيص الواقع وتحديد الأولويات لضمان نجاح الأفكار التالية، حدد الرئيس السيسى ملامح خطة عمله لمصلحة القارة، معلنا بوضوح لا لبس فيه، أنه ليس أمام دول القارة بديل عن قبول التحدى لتحقيق رفاهية شعوبها، مواصلا اهتمامه بالشباب وتبنى قضية اعدادهم واكسابهم الخبرات اللازمة لضمان نجاحهم بعد تمكينهم من المشاركة فى صنع مستقبل بلادهم. وتقرر عقد ملتقى الشباب العربى والافريقى فى أسوان يوم 18 مارس المقبل تنفيذا لقرارات منتدى الشباب العالمى الذى أقيم فى نوفمبر الماضى بشرم الشيخ، وأعلن فيه اختيار أسوان عاصمة للشباب الإفريقى فى العام 2019. ويأتى الملتقى ليعزز الحوار بين الشباب العربى ونظيره الإفريقى برعاية مصرية، ووجه الدعوة لمؤسسات القطاع الخاص العالمية، مرحبا بهم للاستثمار فى القارة الإفريقية التى تزخر بخيرات الطبيعة. وأشار الى أن التكامل بين دول القارة هو أحد الحلول لأزماتها الاقتصادية، مشيرا الى أنه سيسعى لتحقيق حلم الربط البحرى من خلال خط ملاحى يربط إفريقيا كلها. هكذا جاءت ملامح خطة العمل التى سينتهجها الرئيس السيسي، الذى يحسن إدارة وقته والعمل بايقاع متسارع يحقق المطلوب فى أقصر زمن ممكن، لأنه يؤمن بأن رئاسة الهيئات القارية ليست مجرد تشريف لمن يتقلدها، وإنما مسئولية تتطلب من صاحبها التحلى بالشجاعة التى تمكنه من اختراق الصعاب وتخطى العقبات من أجل تحقيق أهدافه التى تنعكس إيجابا على رعيته، لذا ليس غريبا وصف كلمة الرئيس فى القمة الإفريقية بأنها اتسمت بالحكمة وبعد النظر، لأنها قدمت خطة عمل قابلة للتنفيذ تقوم على رصد المشكلات ووضع الحلول التى تقيل القارة من عثراتها. لمزيد من مقالات أشرف محمود