رغم أن كوادره مدججون بسلاح قطع الكهرباء فى لحظات الفرز الحاسمة لضمان الفوز الأكيد فى استحقاق البلديات الذى بات قريبا، مثلما فعلوا فى إسطنبولوأنقرة قبل خمس سنوات ، إلا أن الخوف والرعب من الفشل يزحفان رويدا رويدا إلى الساكن بقصره الفاخر بضاحية بيش تبه بالعاصمة أنقرة، بيد أن مساعديه وقيادات حزبه الرابض على البلاد والعباد منذ سبعة عشر عاما، لا يخفون قلقهم من خسارة تلوح لهم فى الأفق، مع أنهم بذلوا ومازالوا جهودا مضنية كى لا يفلت هذا الماراثون المقرر له نهاية مارس المقبل من أيديهم، حيث يدركون أن تلك الانتخابات، التى هى الأولى فى ظل النظام الرئاسي، ستكون حتما بمثابة تصويت على حكم رئيسهم. ومن بين الإجراءات اللافتة فى هذا الصدد، وهو ما كشفت عنه مصادر صحفية معارضة ، قيام حزب العدالة والتنمية، باعداد مشروع قانون قدم الى البرلمان يقضى بتمديد خدمة رئيس الهيئة العليا للانتخابات «سعدى جوفين» لمدة عام والذى بلغ سن التقاعد فى شهر يناير ، كذلك المد لستة من أعضاء الهيئة للاستفادة من خبراتهم. وبالطبع تلك المكأفاة السخية جدا لم تأت من فراغ، إذ سبق للهيئة وبضغط من الحكومة أن أجازت فى استفتاء أبريل العام الماضى استخدام مليونين ونصف المليون بطاقة انتخابية غير مختومة، الأمر الذى منح أغلبية ضئيلة لتمرير تعديلات دستورية منحت الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات تنفيذية مطلقة. وأخيرا رفضت الهيئة بنفس القائمين عليها اعتراضا تقدم به «حزب الخير» القومى المعارض، يطالب بإصدار قرار يمنع رئيس الجمهورية من استخدام إمكانيات الدولة فى الاستحقاقات الانتخابية. وقالت صحيفة «جمهوريت» فى صدر صفحتها الأولي، إنه بهذا الإجراء تمنح الهيئة العليا المفترض أنها مستقلة (وهى ليست كذلك)، الشرعية لقيام الرئيس بتسخير المؤسسات العامة والمصالح الحكومية لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم. وقال مراقبون إن هذا الأمر لا يعدو سوى كونه تزويرا لإرادة الجماهير قبل التلاعب الذى سيحدث فى الصناديق، فى تكرار طبق الاصل لماراثون البلديات الذى جرى فى عام 2014، حينما أعلن فوز المعارضة ببلدتى أنقرةوإسطنبول، لكن مع مجىء صباح اليوم التالى تغيرت النتائج لتصبح من نصيب المقربين من أردوغان الذى كان رئيسا للوزراء آنذاك. فى هذا السياق أيضا أعدت حكومة أردوغان عددا من التعديلات القانونية (هى أشبه بالرشاوى الانتخابية وهذا وفقا للمعارضة) فى محاولة لخطب ود المواطنين بهدف التصويت لصالح الحزب الحاكم، وتتضمن التعديلات اصدار عفو عن أصحاب المنازل التى تم بناؤها بطرق غير قانونية والمطلة على مضيق البوسفور، فضلا عن إعفاء المواطنين الذين تفرض عليهم غرامات مرورية. أيضا جرى ويجرى تلاعب بكشوف الناخبين، هذا ما أعلنه حزب الشعب الجمهورى المعارض، مؤكدا أن هناك زيادة كبيرة ووهمية فى أعداد الناخبين بعدد من المدن خصوصا الكبري، والتى فاز فيها العدالة بهامش ضيئل للغاية. وقال مسئول الحزب عن مدينة إسطنبول الدكتور جنان قفطانجى أوغلو، إنه اكتشف وجود أسماء ناخبين فى عناوين ومنازل مهجورة تماما، بل وعقارات مهدمة، وأوضح قفطانجى أوغلو، أن تلك الزيادات فى أعداد الناخبين الوهميين قد تغير مصير ونتائج الانتخابات، مشيرا إلى أن « هناك أماكن سجلت فيها اسماء 20 ناخبًا يقطنون شقة واحدة وثمة شكاوى كثيرة واردة من المواطنين»، وقال أنهم سيتقدمون بطلبات طعن، غير أن متابعين شككوا فى قبول تلك الطعون التى سترفض بالمجمل بعد أن سيطر الحكم على السلطة القضائية. بالتوازى يقاتل صانع القرار بضراوة مستغلا آلته الإعلامية، كى لا يتسرب اليأس إلى المواطنين، الذين يعانون أوضاعا معيشية شديدة الصعوبة.