لم يكن من بين أحلام «هانى إبراهيم» ذى الخمسة وثلاثين عاما أن تستقر حياته العملية كجامع قمامة.. فبرغم اعتزازه الشديد بذاته لاحظنا رغبته الشديدة والمستمرة فى أن يبرر لنا الأسباب التى دفعته للعمل كجامع قمامة وأكياس البلاستيك وأوراق الكرتون وغيرها من المخلفات التى يلجأ فى النهاية إلى وزنها وبيعها بالكيلو ليحصل منها على جنيهات قليلة ينفق منها على نفسه والباقى يعطيه لوالدته المسنة والضريرة باعتباره عائلها الوحيد. هانى والذى يحمل وجهه قدرا كبيرا من الملامح الطيبة يقول فى لقاء سريع بأحد الشوارع أثناء قيامه بعمله «كنت أعمل فى مجال المعمار وكنت أحب عملى ولكن هذا المجال أصيب بحالة ركود لأكثر من عامين وأغلب المقاولين استغنوا عن عدد كبير من العمالة وكنت أنا أحدهم، وحاولت العمل فى أماكن كثيرة إلا أنها لم توفر لى نفس الدخل، حتى العمل فى شركة القمامة وجدت راتبه لن يكفينى أنا ومصاريف والدتى المريضة فلم أجد إلا العمل فى جمع القمامة من بعض المنازل والشقق السكنية فى بعض الأحياء، ثم لزيادة دخلى لجأت إلى جمع بعض أنواع القمامة من الصناديق العمومية مثل زجاجات الزيوت الفارغة والورق الكرتون وعلب الكانز بأكبر قدر ممكن لأعيد بيعها حتى أحصل على عائد يتراوح ما بين 100 و 150 جنيهاً». هانى يرى أن العمل الشريف فضل ونعمة من الله مادام لم يدخل على والدته بقرش حرام، ويرى أيضا أن العمل فى فرز القمامة بقدر ما هو عمل صعب وقد يعرضه لبعض المخاطر إلا أنه يستطيع العمل لعدد معين من الساعات حتى يتمكن من رعاية والدته الضريرة ومساعدتها فى قضاء ما تحتاجه داخل وخارج المنزل، كما أنها مصابة بالسكر والضغط وهو ما يجعل عمله لساعات طويلة متصلة أمراً صعبا خاصة بعد زواج أخويه وضيق ظروف الحياة عليهما بعد إنجابهما لأطفال.