يعانى البعض اليسير فى المجتمعات الذكورية من شيزوفرينيا متقدة دائما ما بين الرغبة الجارفة نحو أريج الأنوثة والغضب الساطع نحو الأنثي؟ نعم.. فالشعور بالبهجة ينخفض حين يصبح المولود أنثى وليس ذكرا والحزن يرتسم فوق الجباه حين تكون الخلفة كلها بنات ويعيش البعض فى حالة «أرنبية» للإنجاب المتكرر أملا فى مولود ذكر حتى لو رزق ب «عشرة» إناث! ثم يتم التعامل معهن على أنهن فضيحة الى أن يثبت العكس، تصبح الفتاة مواطنة من الدرجة الثانية فى منزل والدها حين يكون لها أخ ذكر فتقوم برعايته وخدمته طيلة الوقت، وتوقع على عقد غير مرئى بضرورة الإلتزام بالمحاذير على طريقة شكل ملابسها ووقت خروجها وعودتها الى المنزل وإمكانية السفر فى رحلات مدرسية او جامعية وما شابه ذلك أما الولد فهو رجل المستقبل ومن حقه أن يمارس كل أهواءه ويلبى كل احتياجاته.. فنخلق جيلا جديدا من المتسلطين والعابثين والمتحرشين والمهترئين. وهذه الرؤية توثق لمشروعى الفكرى الذى بدأته بكتاب «التحرش الجنسى بالمرأة» عام 2009 وصولا الى أحدث كتبى «أنوثة محرمة» الذى صدر منذ أيام، وهذا المشروع قائم على فض الاشتباك الأزلى بين معشرى الذكور والإناث فى مجتمعنا الشرقى، من خلال تسليط الضوء على نقاط التماس بين نصفى المجتمع آدم وحواء، وأؤكد أننى لا أنتمى بأية حال إلى منظمات «الفيمينيست» أو «الإندبيندينت وومن» إنما أقدم لك حضرة عزيزى آدم بالأصالة عن نفسى وبالنيابة عن معشر النساء «روشتة» قد تداوى العديد من الجروح والأمراض التى تسببت فيها سواء عمدا أو بغير قصد، وأهمها أن النوع فى شهادة الميلاد لا يعنى أبدا أنك مواطن درجة أولى كونك ذكر فالأهم أن تتحلى بالرجولة المنشودة والتى لا علاقة لها بالتسلط والديكتاتورية والغشومية، والتى لا تمنحك أبدا جواز سفر أحمر لاختراق حريتى وخصوصيتى قدر ما تعطيك الفرصة لممارسة القوامة التى شرعها الله لك بمعناها العميق، بداية من الإنفاق والاحتواء والاحتضان والدعم العاطفى وصولا الى الرفق والمودة. لست رجلا حين تتحرش بهن، لست رجلا حين تضربهن أو تعنفهن، لست رجلا حين تخونهن، لست رجلا حين تصبح عالة عليهن!! فالخيار خيارك إما أن تصبح أنثاك ثمرة يانعة تؤتى أوكلها بكل ما لذ وطاب من الرقة والعذوبة والأنوثة، أو أن تجف وتتحجر وتسترجل هى عليك ثم تنفر منها! فجزع الشجرة يمكننا أن نحفر عليه لصلابته أما أوراقها لو تم خدشها فسوف تصفر وتذبل لرقتها وهكذا نحن «أنا» و«أنت» مزيج بين الجزع والأوراق لنصبح شجرة مثمرة لهذا المجتمع. وتذكر إن أصعب ما يؤذى حواء هو أن تكتشف أن من ارتبطت به مجرد ذكر خالى من الرجولة، وأن كل ما يمتلكه مجرد فحولة نوعية – إن وجدت- فلسنا من قاطنى الغابات. لمزيد من مقالات د.هبة عبدالعزيز;