لماذا تسعي الدول لاستضافة البطولات الرياضية؟ سؤال طرحته علي أحد أهم خبراء اقتصاديات الرياضة تسويقا واستثمارا من أبناء مصر الذين يعملون خارج الوطن، وسبب طرحي للسؤال، أن مصر فازت باستضافة بطولة أمم افريقيا المقرر إقامتها صيف العام الحالي، لكن ومنذ الإعلان عن الفوز بالاستضافة أطل علينا من يدعون أنهم بذلوا جهدا مضنيا من أجل الفوز بالتنظيم، وبدأوا في تقسيم التورته مابين توزيع المناصب علي الأحباب والمحاسيب، واختيار ملاعب البطولة من المدن التي يرتاحون لها دون غيرها ويرون فيها ميزات أهمها قربها من العاصمة ليتمكنوا من التردد عليها متي شاءوا في أثناء البطولة، متناسين أن لاستضافة البطولات أهدافاً كثيرة أبعد من النظرة المحدودة لبعض القائمين علي أمر اللعبة حاليا. وجاءت إجابة الخبير في شئون الاقتصاد الرياضي لتضع النقاط فوق الحروف، حيث ذكر لي أن تنظيم البطولات أمر مهم للدول من حيث تحسين مستوي التجربة لكوادره، وتحقيق مكاسب اجتماعية لانه في كل الأحوال تبقي المكاسب المالية أقل بكثير من الإنفاق علي تنظيم البطولات، كما أن الدول تسعي للترويج لإمكاناتها السياحية والثقافية والاقتصادية وصناعة علامات تجارية للمدن، واستنكر الخبير الاقتصادي ما تردد عن اختيار ملاعب بعينها في مدن القناة الي جانب الإسكندرية والقاهرة لأنها هي ذات الملاعب التي استضافت كل البطولات التي أقيمت في مصر خلال نصف قرن الماضي، فضلا عن أن البطولات لاتقوم بها اتحادات وأفراد وإنما دول بدليل اشتراط الاتحادات الدولية الحصول علي التعهد الحكومي بالتنظيم، ومن هنا علي الدولة أن تستثمر الحدث في الترويج لنفسها وإبراز إمكاناتها للعالم، لأن تنظيم بطولة إفريقية لن يجذب سياحا من القارة السمراء أكثر من خمسة الي عشرة آلاف مشجع، أما المتابعة عبر الشاشات فستكون للملايين، ومن ثم علي مصر أن تستفيد من هذه الاستضافة التي ستكلف الدولة ميزانية ضخمة بغض النظر عن إمكانية تحقيق أرباح من عدمه، لأن المكاسب الاجتماعية ستكون أكبر مما أنفق علي البطولة وأقل بكثير مما يمكن أن ينفق علي تحقيق المكاسب الاجتماعية للدولة، ومن هنا أيد الخبير الاقتصادي فكرة إشراك مدن أخري لم يسبق لها استضافة بطولات من أجل الترويج وصنع علامة تجارية لها، كتلك العلامة المقترنة باسم دمياط كبلد الأثاث، والأقصروأسوان بلدا السياحة، وتساءل الخبير عن دور وزارة الشباب والرياضة في تنمية البنية التحتية الرياضية في المحافظات، حيث لم يتم بناء أو تطوير أي من الملاعب الكبري في الدقهلية التي يقطنها أكثر من 6 ملايين وبجامعتها 140 ألف طالب، والشرقية التي يقطنها أكثر من 7ملايين وبجامعتها 120 ألف طالب، ما يعني ضمان الحضور الجماهيري والمتطوعين المشاركين في لجان التنظيم، بينما الملاعب التي تترشح دائما لاستضافة البطولات تعداد سكانها في مدن القناة لايزيد علي 3ملايين، وتوقف الخبير عند نقطة مهمة تخص العلامات التجارية للمدن مستشهدا بمدينة سوتشي الروسية التي كانت مجهولة الي أن استضافت الأوليمباد الشتوي فعرفها العالم وباتت مشهورة مثل موسكو تماما، ومن هنا توقفت في حواري مع الخبير عند الأقصروأسوان باعتبارهما علامتين تجاريتين عالميتين لكنهما بحاجة دائمة للدعم والترويج بعد السنوات التي تراجعت فيها صناعة السياحة، وليس أفضل من الرياضة للترويج لهما من جديد، فقال لي أن أحد أهم أسباب استضافة أي بطولة أن تروج الدول لسلعتها، ومصر لديها سلع متعددة أبرزها الحضارة والآثار العريقة، وبالتالي علي الدولة أن تضع أسوان علي الأقل ضمن المدن المستضيفة للبطولة، خاصة أن بها إستاد ظلت وزارة الشباب والرياضة تتباهي بأنها أنجزته ليكون في خدمة البطولات الكبري، ولم تقم بذات العمل في مدن أخري، ولولا قيام القوات المسلحة مشكورة ببناء إستادي الجيش في السويس وبرج العرب الي جانب إستاد حرس الحدود بالمكس والدفاع الجوي بالقاهرة الجديدة وستاد السلام بضاحية النهضة الي جانب العديد من الصالات المغطاة لما كانت مصر مستعدة لاستضافة أية أحداث رياضية، وأنه آن أوان أن يفكر القائمون علي الأمر الرياضي خارج الصندوق ولاينتظرون استعطاف أهل أسوان من أجل منحهم شرف الاستضافة, خاصة أن الاتحاد الإفريقي يسعي للحفاظ علي بطولته المهددة بالإنقراض، بفعل ضعف الإقبال علي تنظيمها، بعد اتجاه الاهتمام الأوروبي الي كوباأمريكا، بدليل أن الكاف فكر في إقامة بطولة السوبر خارج القارة، وبالتالي من مصلحته أن يقدم منتجا جديدا للعالم يقوم علي الإبهار من خلال الدعوة للاستمتاع بالثقافة الإفريقية مع الحضارة المصرية، في بلاد الذهب أسوان بوابة مصر علي إفريقيا، وبلاد الشمس أومدينة المائة باب الأقصر، ولابأس من إقامة حفل القرعة فيها أو في العاصمة الإدارية الجديدة، فلابد أن تظهر مصر قدراتها الكبيرة. لمزيد من مقالات أشرف محمود