زادت عن الحد المقبول بعضُ الصياغات وصارت محفوظة فى تغطيات التليفزيون المصرى لبعض الأخبار المهمة التى تخصّ كبار المسئولين، وعلى وجه الخصوص فى المقابلات الرسمية التى يجرونها مع نظرائهم الأجانب سواء فى مصر أو فى الخارج. حيث تُخلّ هذه المعالجات بالدور الأساسى لتغطية الأخبار، الذى هو إتاحة المعلومات الخاصة بالحدث لعموم المشاهدين، مع الخلفيات المهمة للموضوع، إضافة إلى تفسير هذه المعلومات وخلفياتها وإبداء الآراء المختلفة حولها، وتوقع ما سوف يترتب على هذا، واحتمالاته، وآثارها الممكنة..إلخ. وأما لدينا فقد ساد أسلوب يظن أن الخبر هو فى حدوث المقابلة فقط، وليس فيما دار فيها، ولا فى أسباب المقابلة والغرض منها، ولا ذكر ما تحقق وكيف، ولا الإشارة إلى ما لم يتحقق ولماذا..إلخ. مثلاً، هل كان من الضرورى أن ترافق مراسلة التليفزيون المصرى الدكتور مصطفى مدبولى إلى ألمانيا لكى تكتفى فى كلامها على أنه قابل فلاناً وفلاناً من كبار المسئولين الألمان وأنه ناقش معهم العلاقات الثنائية بين البلدين ودعم الروابط الوطيدة بين الشعبين..إلخ؟! هكذا، ودون سبق بخبر واحد! ألم يكن من الأفضل أن توفر النفقات وتقول من القاهرة هذه العبارات، مثلما يحدث مع بقية الأخبار الأخرى؟ المؤسف أن بعض المشكلات القديمة للصحافة المصرية قد انتقلت إلى التليفزيون المصرى، فقد كان الصحفيون أيامها يلتزمون صاغرين بتعليمات الرقابة التى تمنع نشر بعض الأخبار، خشية المساءلة. وأما فى حالة التليفزيون الآن، فلم يعد أمامه إلا خيار التطوير، بالنظر إلى الطفرة الهائلة المستجدة فى دنيا الاتصالات، والتى جعلت المنافسة شرسة أمام كل قنوات التليفزيون فى العالم، فى التسابق الرهيب لتسجيل نسبة مشاهَدة أعلى، ومن أجل تحقيق أغراض عملية محددة تعود على القنوات المتفوقة بعوائد اعتبارية ومادية عدة، منها التقدير الأدبى فى أوساط المتخصصين وصناع القرار والرأى العام، ومنها كسب إعلانات تغطى التكاليف وتحقق أرباحاً، بما يساعدها على مزيد من التطوير الذى يعنى زيادة الهوة بينها وبين من يظنون أنهم ثابتون فى أماكنهم، ولكنهم فى الحقيقة يتراجعون! لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب