شخصت عيون العالم تجاه مصر التى وقفت فى ليلة ليست ككل الليالى شامخة بحضارتها الخالدة، مرفوعة الراية، عالية الهامة تحاكى الماضى بهمة رجال الحاضر من أجل المستقبل، وقفت مصر تبهر العالم من جديد وهى تطلق رسالة جديدة تعكس حضارتها ومكانتها، رسالة سلام ومحبة وتآخ من أهلها الى كل العالم، رسالة عنوانها التسامح ومضمونها المحبة وهدفها اخراس الأصوات الشاذة، واقتلاع الفتنة المصطنعة من جذورها، فهاهى المئذنة تعانق المنارة، فى مشهد تجده فى كل أحياء مصر، لكن هذه المرة فى العاصمة الجديدة حلم المستقبل الذى ظنه البعض عسيرا بعيد المنال، فإذا هو بعزيمة الرجال واستحضار الإرادة من بناة الأهرام، بات أمرا واقعا تراه الأعين وهو يكبر يوما بعد يوم، ووخيرا فعل الرئيس السيسى عندما تبنى فكرة أن تكون المئذنة والمنارة أكبر شاهدين على هذه الملحمة المصرية الجديدة التى تحاكى كثيرا من الملاحم التى تركت بصمته فى كتاب التاريخ لتؤكد من جديد عظمة هذا الشعب الذى إن آمن بفكره ووثق فى قدراته يقهر المستحيل، فما حدث فى العاصمة الجديدة خلال الفترة الزمنية القصيرة التى بدأت فى يناير 2017 عندما أعلن الرئيس بناء أكبر مسجد وكنيسة فى الشرق الأوسط فى العاصمة الجديدة وكان أول المتبرعين لبنائهما متجاورين ليمثلا التسامح المصرى فى أبهى صوره، وكان ان احتفل الإخوة المسيحيون فى يناير الماضى بعيدهم فى الكاتدرئية الجديدة »ميلاد المسيح« التى اكتمل بناؤها فى مطلع عام 2019، أى نحو عامين فقط استغرقهما البناء الذى تزامن مع بناء أكبر مساجد الشرق الأوسط مسجد الفتاح العليم، ويفتتحان معا فى لحظة واحدة بمشاركة قطبى الأمة المسلمين والمسيحيين وبحضور ضيف مصر الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن فى دلالة على أن فلسطين تسكن قلب كل مصرى وقضيتها جوهرية ومحورية لاتنساها مصر وقيادتها، وبلغت الروعة قمتها عندما تبادل أكبر قامتين دينيتين فى مصر الحديث أمام الرئيس وضيف مصر أبومازن، ليترجما المشاعر التى تسكن قلب وعقل ابناء الوطن الشرفاء المنتمين إليه حقا والمدركين لأهمية التعايش السلمى والمصير المشترك لأبناء الوطن الذى لايفرق الإرهاب بينهم فاختلطت دماؤهم كما سبق أن اختلطت فى كل الحروب التى خاضتها مصر عبر تاريخها، وجاءت كلمتا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا تواضروس بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لتمس القلوب بعذب عباراتها وصدق معانيها الذى شعر به كل من استمع اليها، وتوقف كل منهما عند نقطة مضيئة تمثلت فى قول البابا تواضروس (ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، نهتم بالخبز كغذاء للإنسان ولكن الأرواح تجد غذاءها هنا فى الأماكن الدينية). وأشار الإمام الأكبر الى أن بناء المسجد والكنيسة يعطى النموذج الأمثل والقدوة فى التحاب والتآخى بين الأديان، وأكد أن دولة الاسلام ضامنة شرعا لكنائس المسيحيين، حيث يكلف المسلمون بحماية المساجد وبالقدر نفسه يكلف المسلمون بحماية الكنائس. وأشاد الإمام والبابا بالسواعد الفتية التى انجزت الصرحين الكبيرين فى وقت قياسي. امتد مشهد السعادة التى علت وجوه كل المصريين ليلة عيد الميلاد، وصارت حديثهم الأول يتبادلون التهانى بافتتاح الصرحين اللذين يفخر بهما كل مصري، الى انجاز آخر أدخل السرور على قلب كل مصرى يتمنى الخير لبلده، تمثل فى فوز مصر باستضافة بطولة كأس الامم الافريقية لكرة القدم، وهى الاستضافة التى يجب أن تستثمر لتقديم وجه مصر الحديث للعالم كله وافريقيا على وجه الخصوص، فى العام الذى تتولى فيه مصر زعامة افريقيا سياسيا بترؤسها للاتحاد الافريقي، وتتزامن مع اختيار أسوان بوابة مصرعلى قارتها السمراء عاصمة للشباب الافريقي، لتفتح مصر ذراعيها لأشقائها الأفارقة ولكل محبى بطولتها الإفريقية ليقضوا فى الصيف الحالى شهرا مع متعة الساحرة المستديرة ويبصروا ماتحقق على أرض مصر من إنجازات تهدف الى تغيير وجهها لتواكب التطور الحديث وتحافظ على عراقتها وحضارتها التى وضعتها فى مقدمة الأمم آلاف السنين، ولم يتوقف الأمرعند إسناد التنظيم لمصر وإنما امتد الى فرحة بالفتى الذهبى النموذج المشرف لمصر وشبابها محمد صلاح الذى توج نجما فوق العادة وأفضل لاعب كرة فى القارة الإفريقية للعام الثانى على التوالى فى إنجاز غير مسبوق، يتوج تفوقه الكبير الذى بهر به العالم قبل القارة مع منتخب بلاده وناديه ليفربول الإنجليزي، ليؤكد الحكمة التى تقول من جد وجد ومن زرع حصد ولكل مجتهد نصيب، فمحمد صلاح الذى بدأ ممارسة الكرة فى مركز شباب قريته نجريج بمحافظة الغربية قبل أن يشد الرحال الى القاهرة فى رحلة البحث عن المجد الذى تحقق وفاق الأحلام لم ينس بلده فأهداه إنجازه.. مبروك لمصر. لمزيد من مقالات أشرف محمود