يبدو أن وكالة «رويترز» للأنباء بدأت «تستسهل» فى تغطيتها للشأن المصرى وتعتمد على ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعى من تفاهات وتعليقات مسيئة، للتعبير عن الرأى العام فى مصر، بدلا من اللجوء إلى المعلومات الدقيقة والحقائق الدامغة، أو حتى ما تنشره وسائل الإعلام «المحترمة»، القومية والخاصة. فقد واصلت الوكالة، التى يفترض أنها كانت فى فترة من الفترات قلعة من قلاع الدقة والمصداقية وقوة المصادر Sourcing، دورها فى الترويج للتعليقات المسيئة لمصر المنسوبة لعناصر جماعة الإخوان والطابور الخامس وبعض الصبية تجاه مواقف وتصريحات مسئولى الدولة، رغم ما تتضمنه هذه التعليقات من إسفاف وبذاءات لا يتناسب إطلاقا مع الوقار «المفترض» لهذه الوكالة، مع محاولة الوكالة نفسها كذبا الإيحاء دائما بأن هذا التطاول يمثل موقفا معبرا عن الرأى العام المصري، وهو ما يعكس تحول الوكالة إلى أحد الأبواق المعادية لمصر، رغم أن هذا ليس دورها. فقد بثت الوكالة بتاريخ 19 ديسمبر 2018 تقريرا مطولا بعنوان «المصريون يردون بالسخرية على محاضرة للسيسى عن الوزن الصحى»، حول سخرية بعض الأصوات عبر مواقع السوشيال ميديا من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتى لم تكن محاضرة كما ذكرت الوكالة، والتى دعا فيها المصريين إلى توخى الحذر حيال أوزانهم الزائدة، مشيرة إلى أن هذه هى المرة الثانية التى يتناول فيها الرئيس فى غضون عدة أشهر الموضوع ذاته. وأشارت الوكالة إلى قيام وزيرة الصحة بعرض البيانات الجديدة عن أوزان المصريين، إلا أن الرئيس السيسى قاطعها قائلا: «لماذا نفعل ذلك فى أنفسنا»؟ مخاطبا الجمهور ومشيرا إلى معدل السمنة المرتفع فى مصر، ثم تحدث فى قرابة عشرين دقيقة والكلام للوكالة عن ضرورة أن يمارس المصريون المزيد من الرياضة. وأضافت الوكالة أنه منذ ذلك الحين، لجأ المصريون حسب وصف الوكالة بأعداد متزايدة إلى مواقع التواصل الاجتماعى للسخرية، واضعين تصورات لفرض إجراءات متشددة على أصحاب الأوزان الزائدة. ونقلت الوكالة تفاصيل دقيقة عن بعض النكات والصور «الكوميكس» التى تناقلها البعض عبر السوشيال ميديا عن هذا الموضوع. وربطت الوكالة بين هذه التصريحات وبين ما سبق وأن ذكره الرئيس فى منتدى الشباب فى نوفمبر الماضى بشأن معاناة كثير من الطلاب من زيادة الوزن، ومخاطبته للمصريين قائلا «ابنوا بلادكم بدلا من التركيز على أسعار البطاطس». ونقلت الوكالة عن تيموثى قلدس الباحث فى معهد يدعى «معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط» مقره الولاياتالمتحدة قوله إنه من المرجح أن يتم النظر إلى تصريحات الرئيس السيسى حول الوزن الزائد للمصريين على أنها وسيلة لجذب الانتباه بعيدا عن معدل التضخم المرتفع بشدة. كما نقلت عن منظمة الصحة العالمية قولها إن 63% من المصريين يعانون الوزن الزائد بما فى ذلك قرابة 36% يعانون السمنة، وهو من بين أعلى المعدلات فى العالم. وعلى الرغم من أن الرئيس، وأى مسئول آخر، من حقه تماما إثارة مشكلات المجتمع الذى يتولى أمره، ويبحث عن حلول له، وبخاصة عندما تكون هذه المشكلات مرتبطة بشكل وثيق بالاستهلاك المفرط للغذاء وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، وتأثير ذلك الواضح عن صحة الشباب وتكوينهم البدنى وحالتهم الصحية، وعلى الرغم من النسب الدقيقة التى نقلتها الوكالة عن منظمة الصحة العالمية، والتى تؤكد أن زيادة الوزن مشكلة حقيقية لدى المصريين، فإن الوكالة أصرت على الربط بين هذه المشكلة وبين رغبتها الملحة فى انتقاد السيسى وسياساته، وتحميلها إياه أخطاء من سبقوه، فقالت إن قرابة 30% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وأضافت أن هناك علاقة واضحة بين الفقر والسمنة! وإذا كان من حق الوكالة نقل تعليقات السخرية من زيادة الوزن، وتصويرها على أنها موقف جماعى من المصريين، فقد كان من الإنصاف الإشارة ولو من بعيد إلى السياسات التى تتبعها مصر حاليا فى سبيل تحسين صحة المصريين بصفة عامة، بداية من جهود القضاء على فيروس «سى»، ومرورا بجراحات المرضى على قوائم الانتظار، ونهاية بحملة «100 مليون صحة» غير المسبوقة التى بلغ عدد المشاركين فيها حتى الآن أرقاما فاقت أعداد الناخبين الذين شاركوا فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة! .. ولكنه الإعلام فى زمن «الاستسهال»!