يتمنى كثير ممن ارتادوا فندق شبرد العريق من قبل، وربما جميعهم، أن تجد الخطة التى أعلنت لتطويره طريقها إلى التنفيذ هذه المرة، بعد تعثر الخطط السابقة. مشهد الفندق المغلق يثير الحزن والألم، بعد تاريخ طويل يجعله أحد أهم معالم القاهرة منذ إنشائه فى منطقة الأزبكية عام 1841، وبعد إعادة بنائه فى موقعه الراهن عقب تدميره خلال حريق القاهرة فى يناير 1952. استقبل الفندق العريق عدداً كبيراً من الملوك والرؤساء، وضيوفا آخرين ذوى مكانة فى العالم. غير أن إقامة إمبراطورة فرنسا ماريا أوجينى فيه خلال فترة الاحتفال بافتتاح قناة السويس فى نوفمبر 1869 مازالت هى الحدث الأكثر أهمية فى تاريخه. لم يحضر الإمبراطور لويس بونابرت (نابليون الثالث)، زوج أوجينى، الحفلة، كان يستعد فى ذلك الوقت لمغامرته العسكرية الأخيرة، فى الوقت الذى كانت بروسيا تزداد قوة تحت حكم بسمارك، وتتطلع إلى إخضاع فرنسا. لكن نابليون الثالث لم ينتبه إلى تحايل بسمارك لكى يدفع باتجاه حرب مع فرنسا دون أن يكون هو المعتدى فيها. فقد نشر حوارا غير معلن دار بين السفير الفرنسى لدى بروسيا وملكها (منصب شرفى) فيلهلم حول من يعتلى العرش فى إسبانيا، كما أوحى بأن الملك رفض مقابلة السفير الفرنسى. وأثار ذلك غضب إمبراطور فرنسا، فأعلن الحرب على بروسيا. ولم تمض سبعة أشهر على عودة أوجينى من مصر حتى وجدت فرنسا فى قلب حرب غير متكافئة ضد بروسيا الأقوى تسليحاً وعتاداً. وسرعان ما انتهت الحرب بهزيمة نابليون الثالث فى معركة سيدان، وأسره، تاركاً أوجينى لمصيرها. ولم يدر فى خلد أوجينى، حين كانت نجمة حفلة افتتاح قناة السويس دون منازع، أنه لن تمضى عدة أشهر حتى تجد نفسها مهددة بعد أسر زوجها، ومضطرة للهرب إلى انجلترا، حيث صارت نسياً منسياً. لكنها، فى محنتها هذه، لم تنس مصر. فقد اشتد حنينها إلى البلد الذى أمضت فيه بعض أجمل أيام حياتها، إلى حد أنها زارتها عام 1905 وهى فى التاسعة والسبعين من عمرها. لكنها لم تقم فى شبرد، بل فى أحد فنادق بور سعيد. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد