أصبح استخدام كلمات ومفاهيم دون ضوابط منهجية شائعاً فى الإعلام العربي، وامتد إلى أوساط ثقافية، بل دوائر أكاديمية أيضاً. ولذلك يكثر الخلط بين مفهومى الكراهية والتمييز، حيث يتوسع نطاق استخدامهما فى الظروف الدولية الراهنة. الكراهية شعور تجاه الآخر نتيجة عدم قبول الاختلاف، وتلاشى التسامح. وعندما يتجسد هذا الشعور فى الواقع، يأخذ طابعاً لفظياً بالأساس فى صورة خطاب يدعو إلى كراهية الآخر المختلف دينياً أو عرقياً أو سياسياً، أو يحث على كراهيته. أما التمييز فهو نوع من الممارسات والسلوكيات التى تنطوى على التقليل من شأن الآخر، وإساءة معاملته، وقد تقود إلى اضطهاده. والعلاقة وثيقة بين الكراهية والتمييز. كراهية شخص ما تؤدى إلى تمييز ضده فى الأغلب الأعم، وقد تقود فى النهاية إلى اضطهاده. ولنا فى الحالة الأمريكية مثال دال فى هذا المجال. فقد عرفت الولاياتالمتحدة تمييزاً عرقياً انصب ضد ذوى الأصول الإفريقية أو أصحاب البشرة السمراء لفترة طويلة، لكن مقاومة هذا التمييز نجحت فى إزالة مظاهره الرئيسية، ولكن دون أن تقتلع جذوره من منابتها، إذ تواصلت ممارسات وسلوكيات تمييزية ضد ذوى الأصول الإفريقية فى نطاق أقل مما كانت عليه قبل ظهور حركة الحقوق المدنية ونجاحها فى تحقيق كثير من أهدافها. لكن التطور الجديد هو تصاعد الكراهية التى تنصب ضد المهاجرين الباحثين عن فرصة فى الولاياتالمتحدة منذ حملة دونالد ترامب الانتخابية، ثم الإجراءات التى اتخذها، أو حاول اتخاذها، ضد فئات كثيرة منهم، الأمر الذى أثار معركة سياسية داخلية بين أنصاره وخصومه. غير أن حالة الكراهية هذه لم تصل إلى مستوى التمييز فى النصف الأول لإدارة ترامب، بسبب قوة المقاومة التى تواجهها وظهرت تجلياتها فى انتخابات منتصف المدة التى أجريت فى 6 نوفمبر الحالى وأنتجت مجلساً للنواب هو الأكثر من حيث التنوع الثقافى فى تاريخ أمريكا. لكن حدة بعض خصوم إدارة ترامب أخذتهم بعيداً فى حملاتهم ضد الخطاب الذى يثير الكراهية، الأمر الذى جعل بعض هذه الحملات يتسم بما يمكن اعتباره كراهية مضادة تؤدى إلى تعميق الانقسام فى المجتمع. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد