فى اجتماع تاريخي، وبعد شهور من المفاوضات العصيبة التى كادت تجهض العملية كلها، صدق قادة الاتحاد الأوروبى أمس على اتفاقية خروج بريطانيا من الكيان الأوروبى الموحد «بريكست»، بعد عضوية دامت لأكثر من أربعة عقود. ووصف رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر قرار تصديق قادة أوروبا ال 27 على الطلاق البريطانى ب«اللحظة المأساوية»، قائلا «يوم حزين لأوروبا»، لكنه شدد على أن الاتفاق هو أفضل ما يمكن التوصل إليه فى إطار الخطوط الحمراء لبروكسل ولندن. وصرح يونكر فى مؤتمر صحفى «كان أفضل اتفاق ممكن، أدعو جميع من سيصادقون على هذا الاتفاق فى مجلس العموم البريطانى الى أخذ هذه الحقيقة فى الاعتبار». كما علق دونالد تاسك رئيس المجلس الأوروبي، قائلا «لم يكن أحد يريد إلحاق الهزيمة بأحد، بل كنا جميعا نبحث عن اتفاق عادل، أعتقد أننا توصلنا فى نهاية الأمر إلى أفضل تسوية ممكنة». وكتب تاسك فى تغريدة على تويتر» أن «الأصدقاء يبقون أصدقاء حتى النهاية»، معربا عن ارتياحه لنجاح الدول ال 27 «فى اجتياز اختبار الوحدة والتضامن». كذلك ، قال ميشال بارنييه كبير المفاوضيين الأوروبيين «يتعين على كل طرف الآن الوفاء بالتزاماته»، فى رسالة ضمنية للسياسيين البريطانيين المعارضين للاتفاق. كما حذرت رئاسة النمسا للاتحاد الأوروبى من أن القطاعات الأوروبية الاقتصادية ستكون الأكثر تأثرا فى حالة عدم تمرير الاتفاق الأوروبى بشأن «بريكست». وأضاف البيان أن القطاعات الاقتصادية المختلفة فى الاتحاد الأوروبى تترقب الآثار السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد دون إبرام اتفاق، مشيرا إلى أن المراقبين يرون أن عدم التوصل إلى اتفاق، من شأنه إقامة حواجز أمام التبادل التجارى مع إعادة فرض رسوم جمركية ،وعدم الاعتراف المتبادل بالمعايير البيئية والصحية. ومن جهتها، اعتبرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى أن الاتفاق، الذى تم التوصل إليه بعد 17 شهراً من المفاوضات، سيقدم «مستقبلا أفضل» لبلادها. وفى دلالة على الصعوبات التى تنتظرها، وجهت ماى رسالة مباشرة للبريطانيين لحثهم على دعمها فى الفترة المقبلة، مؤكدة أنها ستعمل «بكلّ ما أوتيت من قوّة» من أجل تمرير الاتفاق فى بريطانيا. وأضافت ماى ، فى رسالة مفتوحة نشرتها الصحف البريطانية أمس، أنّ الاتفاق الذى تم التوصل إليه يحترم نتيجة استفتاء عام 2016، الذى أيد فيه 52% من البريطانيين خروج بلادهم من عباءة الاتّحاد الأوروبي، موضحة أنه يُتيح لحظةً من التجدّد والمصالحة. واعتبرت ماى أن الاتفاق سيكون فى صالحنا الوطني، يعمل من أجل بلادنا وجميع سكّانها، سواء صوَّتم للخروج أو البقاء فى الاتحاد»، مشددة على أنّه اتفاق لمستقبل أكثر إشراقًا يُتيح لنا اغتنام الفرص». وحضت البريطانيين على دعم الاتّفاق، قائلةً إنّ «البرلمان ستكون لديه الفرصة لفعل ذلك خلال بضعة أسابيع من خلال تصويت مهمّ». ومن المقرر أن يتم إحالة الاتفاق للبرلمان البريطانى فى ويستمنستر للتصديق عليه مطلع ديسمبر المقبل، استعدادا لخروج البلاد رسميا من الاتحاد الأوروبى بنهاية مارس المقبل، لكن ماى قد تخوض معركة جديدة مع حزب المحافظين ونواب البرلمان من أجل إقناعهم بالمصادقة على الاتفاق. ولا تتمتع حكومة ماى بأغلبية برلمانية، مما يجعلها فى حاجة للحصول على دعم شريكها فى الائتلاف الحكومي، الحزب الوحدوى الديمقراطى الأيرلندي، فضلا عن نواب من حزب العمال المعارض من أجل تمرير الاتفاقية. وفى هذا الصدد، أوضح أيان دنكان سميث العضو البارز فى حزب المحافظين أنه سيصوت ضد اتفاق ماي، مؤكدا أن الاتفاق لا يحقق للندن السيادة المرجوة، وأن بريطانيا ستظل لسنوات تتبع الترتيبات التجارية والقانونية للاتحاد الأوروبى بسبب استمرار بقائها فى اتحاد التعريفة الجمركية.كما قال وزير الخارجية السابق بوريس جونسون إن الاتفاق سيحول إيرلندا الشمالية إلى «مستعمرة اقتصادية للاتحاد الأوروبي».