طلب رئيس الجمهورية من مجلس النواب إدخال التعديلات اللازمة على قانون الجمعيات الاهلية رقم 70 لسنة 2017 الذى تعرض عند اصداره لانتقادات شديدة وواسعة، حيث تؤكد تجارب التقدم فى كثير من المجتمعات أن إحدى روافع التقدم هى بناء شراكة حقيقية وفعالة بين الحكومة والقطاع الخاص والقطاع الاهلى وتتطلب هذه الشراكة ان يكون القطاع الأهلى بنفس القوة التى تحوزها الحكومة والقطاع الخاص. وبالإضافة الى هذا فإن هذا القانون لم تتوافر له الأسس التى يجب ان يقوم عليها اى قانون للجمعيات الاهلية وهو احترامه لأحكام الدستور واحترامه لأحكام الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان ذات الصلة بحق تكوين الجمعيات التى اوجبت المادة 93 من الدستور الالتزام بها. وفيما يتصل باحترام الدستور يأتى فى المقدمة المادة 75 التى تنص على أن (للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الاهلية على أساس ديمقراطى وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار وتمارس نشاطها بحرية ولا يجوز للجهات الادارية التدخل فى شئونها أو حلها أو حل مجالس اداراتها أو مجالس امنائها إلا بحكم قضائي. ويحظر انشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات اهلية يكون نظامها او نشاطها سريا أو ذا طابع عسكرى او شبه عسكري, وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون). ويهمنا هنا أن نضع أمام مجلس النواب بعض الامثلة للمواد التى تخالف الدستور والتى تخالف بعض احكام المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية التى صدقت عليها مصر. أولا: إلغاء الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الاجنبية غير الحكومية الذى يتكون من ممثلى 10 وزارات وهيئات، حيث يتضمن القانون العديد من الاختصاصات لهذا الجهاز بما يتعارض مع الدستور ويتدخل فى كثير من شئون الجمعيات، والاكتفاء بالصيغة المعمول بها حاليا والتى تقضى بحق الجمعيات الاهلية المصرية فى الاتفاق مع منظمات دولية أو أجنبية مع اخطار وزارة الخارجية بذلك ووزارة التضامن الاجتماعى وفتح حساب خاص فى أحد البنوك وإخطار الجهتين بهذا الحساب وإيداع المبالغ موضع الاتفاق فيه وإخضاع الصرف منه لرقابة وزارة التضامن الاجتماعى للتأكد من أن هذا الصرف يتم وفقا للاتفاق. اما الجمعيات الاجنبية التى ترغب فى العمل فى مصر فان ذلك يتم بعد موافقة وزارة الخارجية. ثانيا: الفقرة (و) من المادة (8) التى تلزم المؤسسين بسداد رسم لا يجاوز مقداره 10000 جنيه مقابل قيد نظام الجمعية فى السجل الخاص بالجهة الادارية، حيث ان هذا المبلغ كبير ويحول دون قدرة العديد من المواطنين على إنشاء الجمعية، الامر الذى يتعارض مع نص الدستور على حق المواطنين فى تكوين الجمعيات. ثالثا: ما جاء فى المادة (14) من القانون بحظر (ابرام اتفاق بأى صيغة كانت مع جهة اجنبية داخل او خارج البلاد قبل موافقة الجهاز عليه وكذلك اى تعديل يطرأ عليه) اتساقا مع اقتراحنا الغاء هذا الجهاز. رابعا: الغاء ما جاء فى المادة (19) باشتراط الحصول على ترخيص من الجهة الادارية وموافقة الجهاز على ممارسة عمل أهلى مع جمعية او هيئة أو منظمة محلية أو اجنبية، لأن الدستور يحظر تدخل الجهات الادارية فى أنشطة الجمعيات الاهلية. خامسا: الغاء ما جاء فى المادة (26) من حق الجهة الادارية ان تقوم بوقف نشاط الجمعية لمدة لا تجاوز سنة لمخالفة ذلك لأحكام الدستور. سادسا: الغاء ما جاء فى المادة (27) من أنه لممثلى الجهة الادارية والجهاز الذين يصدر بتحديدهم قرار من الوزير المختص او رئيس الجهاز بحسب الأحوال دخول مقر أى من الجمعيات والمؤسسات والاتحادات والمنظمات والكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون او فروعها لمتابعة انشطتها والاطلاع على سجلاتها وفحص أعمالها من الناحية الادارية والمالية والفنية لتعارض ذلك مع احكام الدستور التى تحظر تدخل الجهة الإدارية فى انشطة الجمعيات الأهلية. سابعا: الغاء باب العقوبات (المواد 86-87-88-89) التى تتضمن عقوبات بالحبس من سنة الى 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 50 الف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه على اعضاء او رؤساء الجمعيات الاهلية الذين يرتكبون مخالفات ادارية او مالية تتعلق بنشاط الجمعية وهى عقوبات لم يسبق أن نص عليها أى قانون من قوانين العمل الاهلى التى شهدتها مصر منذ دستور 1923 وهى لا تتناسب بالمرة مع طبيعة المخالفات التى يرتكبها القائمون على العمل الأهلى وسوف يكون تأثيرها شديدا على اقبال المواطنين للتطوع فى نشاط الجمعيات الاهلية، طالما أنهم سيتعرضون لمثل هذه العقوبات. والمناسب هنا أن تكون العقوبات معنوية مثل اللوم او الانذار أو التنزيل من المستوى القيادى أو الفصل من الجمعية ويكفى هنا أن يتضمن باب العقوبات نصا لمحاسبة الاعضاء على أى جريمة يتضمنها قانون العقوبات لحماية المال العام وإنزال العقاب المناسب لأى عضو يرتكب هذه الجرائم. لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر