في إحدى ورش التدريب وقف المدرب وسط المتدربين من ذوى الإعاقة وقال: اليوم عندنا تدريب خاص بذوي القدرات الخاصة، فانتفض شخص من ذوي الإعاقة وقال له: "ليه انت شايفني ماشي على الحيط.. أنا شخص عادي ذو إعاقة"، فاعتذر المدرب وقال اليوم تدريبنا عن ذوي الاحتياجات الخاصة، فهب شخص آخر في وجهه وقال له: "انت شايفني بمد إيدي لك.. أنا شخص عادي ذو إعاقة"، فاعتذر المدرب وقال اليوم حديثنا عن ذوي الهمم، فثاروا عليه وقالوا: إذا كنت أنت المدرب لا تعلم شيئا عن مسمانا فبالله عليك كيف تدربنا.. نحن أشخاص ذوى إعاقة. هذا الحوار يقودنا إلى موافقة مجلس الوزراء على إصدار اللائحة التنفيذية للقانون 10 للأشخاص ذوي الإعاقة في أول نوفمبر الحالي، بعد الموافقة على القانون نفسه نهاية عام 2017 والذي استهل به عام 2018 - عام الأشخاص ذوى الإعاقة. صحيح أن اللائحة تأخرت عام كامل من جملة 40 عاما لم يكن فيها قانون يحمى حقوقهم، إلا أنه خير. اللافت في هذا الملف هو تداخل جهات عديدة في التنفيذ، على رأسها التضامن والصحة، والتعليم الجامعي، والتربية والتعليم، والداخلية والجمارك، والقوى العاملة وغيرها، فتتوه معها المسئولية وتتفرق دماء الملف بين هذه الجهات. طبيعي أن يكون الإعلام شريكا في هذا الملف بصفته الأكثر تأثيرا في التوعية المجتمعية لهذه القضية، سواء بالسلب أو بالإيجاب، ومن هنا يصبح تدريب الإعلاميين كخطوة أولى على المفاهيم الصحيحة للإعاقة ضرورة في ظل ما تنشره وسائل الإعلام من مفاهيم خاطئة عنهم تؤذيهم وتجرح مشاعرهم. تيقنت بعض من مؤسسات المجتمع المدني، ومنها الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، من ذلك فتعاونت مع وزارة التضامن علي تدريب الإعلاميين على نشر المفاهيم الصحيحة للإعاقة، وفقا للاتفاقية الدولية للأشخاص ذوى الإعاقة، وكذلك القانون المصري 10 لسنة 2018، وكان آخرها ورشة تدريبية للإعلاميين الأسبوع الماضي بالعين السخنة كشفت عن لجوء أصحاب القضية إلى السوشيال ميديا، للتعبير عن قضيتهم بحرية في ظل ما اعتبروه ضيق نظرة وسائل الإعلام التقليدية في التعبير عنهم، بسبب السياسات التحريرية المتبعة لنشر ما يخصهم، والتي تركزت إما على حالات تغلبت على إعاقتها فأطلقوا عليهم ذوى القدرات الخاصة، أو ذوى الهمم أو ذوى الاحتياجات الخاصة، وهو ما يشعرهم بالضيق لدرجة الكره لهذه المصطلحات، بل ويرفضونها تماما من المجتمع والإعلام ويطالبونهم بالتعامل معهم كإنسان، وشخص من ذوى الإعاقة له حقوق وعليه واجبات. ولكي يقوم الإعلام بدور إيجابي في هذه القضية بتوعية المجتمع توعية صحيحة في هذه القضية لابد أن يكون هو نفسه مؤهلا ومدربا على ذلك حتى لا تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، ومن هنا وجب تفعيل ورش تدريب الإعلاميين المتخصصين في هذا الملف جيدا، بدءا من محرر الخبر، ومصححه نحويا ومراجعه لغويا انتهاء برئيس تحرير المطبوعة في المجال الصحفي، وكذلك معد ومقدم أو رئيس تحرير، إذا كان برنامجا إذاعيا أو تلفزيونيا، وليكن ذلك وفقا لكتيب خاص يتم الاتفاق فيه على إدراج هذه المفاهيم الصحيحة بتعاون المجتمع المدني مع الجهات العديدة العاملة في هذا الملف، حتى يؤتى ثماره المرجوة لخدمة أكثر من 12 مليونا من الأشخاص ذوى الإعاقة لا تتوافر عنهم قاعدة بيانات، ويواجهون صعوبات حقيقية للحصول على حقوقهم. [email protected] لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى