منذ فترة تتوالى مراحل تطوير منطقة وسط القاهرة، تحت مسميات مختلفة، منها «تطوير القاهرة الخديوية» و«الحفاظ على تحف المعمار الفريدة» و«إحياء تراث العاصمة القديمة»، وحين بدأت عمليات تجديد ترميم ونقاشة وصيانة بنايات القاهرة القديمة على نحو ممتاز فى الحقيقة، حذرت من عدة عوامل أولها أن الاقتصار على البنايات الأثرية التى مضى على إنشائها مائة عام يؤدى إلى إخلال بصورة المنطقة عموما، فالترميم والنقاشة يجب أن يكونا لبنايات منطقة بأسرها وليس للبنايات الأثرية وحدها، وإلا صارت الصورة الكلية للتطوير «مرقعة» فيها بنايات مرممة ومطلية لمجرد أنها أثرية وباقى العمارات قذرة ومتهالكة، وذكرنا عنصراً آخر هو لافتات الأطباء والمحاسبين والمحامين المثبتة على هذه العمارات وحجم التشويه الذى تسببه سواء من حيث الحجم أو الخط المكتوبة به، ولكننا قررنا مطالباتنا بإزالة هذه اللافتات بضرورة تنظيم وإعادة تصميم واجهات المحال التى تبدو الآن كرنفالا يصطخب بالألوان والأضواء ولا يتناسب مع هيبة وجلال مناطق التراث المعمارى الهائل، وصحيح أن المهندس شريف إسماعيل مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية تحرك لإقرار فكرة إزالة اللافتات، ولكنها بدت كجملة يتيمة معلقة فى الهواء، والأصل أن يكون التطوير شاملا كاملا.. أما العنصر الثالث فهو ضرورة أن يتم إيقاف مرور السيارات بالمنطقة لأن ذلك هو ما يبرز روعة المكان وفخامته، وربما يكتمل ذلك بتغطية أرضيات الشوارع بترابيع البازلت وإطلاق عروض الشوارع المتنوعة فيها وإنشاء مقاه ومطاعم يجلس فيها الناس بالهواء الطلق، واستخدام ترام كهربائى داخلى فى نقل الناس إلى مناطق وسط المدينة المختلفة، إذا نقص شيء من تلك العناصر سيظل تطوير العاصمة جملة ناقصة.. ولا أريد من أحد أن يحدثنى عن التكاليف، لأن الدولة لا يجوز أن تتسول من رجال الأعمال والأثرياء، وإنما فى إمكانها أن تفرض على مشروعاتهم دفع مبالغ معينة لمثل هذه المشروعات القومية، كما أن المبلغ الذى منحه اتحاد البنوك المشروع «حصيلة تبرعات ستة بنوك» وهو 20 مليون جنيه هو مبلغ متواضع خجول لا يتناسب مع ضخامة هذا المشروع، أما مسألة الصعوبة فى إخلاء وسط المدينة من السيارات، فقطعا مردود عليه بأن هناك عشرات الحلول المرورية والمرافقية تجعل بلوغ ذلك الحل أمرا ميسورا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع