هاشم ونعينع يحييان ذكرى وفاة عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق بالشرقية    القبطية الأرثوذكسية تستضيف اجتماعات رؤساء الكنائس الشرقية بالعباسية    قفزة في سعر الذهب مع بداية التعاملات الصباحية اليوم الجمعة    وزير الإسكان: قرارات إزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي وبني سويف الجديدة    البورصة المصرية تنفض غبار الخسائر.. الارتفاعات تسيطر على تداولات ختام الأسبوع.. وكيف أثر إعادة التعامل بأسهم "القلعة" على المؤشرات؟    للتوصل إلى هدنة شاملة في غزة، رسائل مصرية قوية للعالم    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على مدينة غزة    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    "حماس" توضح للفصائل الفلسطينية موقفها من المفاوضات مع إسرائيل    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    بعد التأهل لنهائي قاري.. رئيس أتالانتا: من يريد جاسبريني يدفع المال وهدفنا كان عدم الهبوط    نهضة بركان يبدأ بيع تذاكر مواجهة الزمالك في نهائي الكونفدرالية    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    ذهاب نهائي الكونفدرالية، نهضة بركان يعلن طرح تذاكر مباراة الزمالك    تحرير 1419 مخالفة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    خلافات أسرية.. تفاصيل التحقيق مع المتهم لشروعه في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    14 عرضا في مهرجان المسرح بجامعة قناة السويس (صور)    تركي آل الشيخ يعلن عرض فيلم "زهايمر" ل عادل إمام بالسعودية 16 مايو    رسالة قاسية من علاء مبارك ليوسف زيدان بسبب والدته    «القابضة للمياه»: ندوة لتوعية السيدات بأهمية الترشيد وتأثيره على المجتمع    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    التعليم: 30% من أسئلة امتحانات الثانوية العامة للمستويات البسيطة    نشوب حريق داخل ميناء الشركة القومية للأسمنت بالقاهرة    القاهرة الأزهرية: انتهاء امتحانات النقل بدون رصد أي شكاوى أو حالات غش    بالتفاصيل، تشغيل قطارات جديدة بدءا من هذا الموعد    البصل يبدأ من 5 جنيهات.. ننشر أسعار الخضروات اليوم 10 مايو في سوق العبور    التنمية المحلية: تلقينا 9 آلاف طلب تصالح في مخالفات البناء خلال أول 48 ساعة    فصل متمرد.. تغير المناخ تكشف تأثير تقلبات الطقس على الزراعات    تشييع جثمان والدة الفنانة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم ظهر اليوم    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    حفل زفافها على البلوجر محمد فرج أشعل السوشيال ميديا.. من هي لينا الطهطاوي؟ (صور)    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    دعاء يوم الجمعة لسعة الرزق وفك الكرب.. «اللهم احفظ أبناءنا واعصمهم من الفتن»    الصحة: أضرار كارثية على الأسنان نتيجة التدخين    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    موعد صلاة الجنازة على جثمان عقيد شرطة لقى مصرعه بببنى سويف    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة فى الزمن الرقمى
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 11 - 2018

أثبتنا بالإحصاءات إلى أى مدى الإقبال البشرى الكوكبى على التعامل النشيط مع تقنيات وتطبيقات التواصل الاجتماعى التى غزت كل القطاعات والمجالات... وما نتج عن ذلك من تحولات جذرية طرأت على التفكير والسلوك الإنساني: الفردى والجماعى من جراء ذلك. والتى تشير إلى أن زمنا جديدا يتشكل هو الزمن الرقمى...
ولا يكمن جوهر الجديد فى أننا نستخدم تقنيات جديدة من خلال أجهزة ذكية، تتيح لنا بلمسة، أن تضع بين أيدينا دون عناء الإجابات، والحقائق، والصور، والمعلومات،...،إلخ، فقط. وإنما لأن هذا الجديد قد أفرز قيما، وأنماط تفكير، وعلاقات جديدة شبكية ومعقدة مؤسسا للزمن الرقمى. وأننا لم نعد بعد فى زمن خطوط الإنتاج، متعاقبة المراحل، التى عرفتها المجتمعات الإنسانية بزمن الثورة الصناعية.
وقد زلزلت الثورة الرقمية الكثير مما هو مستقر من أبنية وقيم وتقاليد فى شتى المجالات. ومن ضمن هذه المجالات: مجال الثقافة. وحول ما سبق يقول عالم الاجتماع الفرنسى ريمى ريفيل فى كتابه «الثورة الرقمية، ثورة ثقافية» ما نصه: لقد خلخلت التقنيات الرقمية القطاعات الثقافية التقليدية، وزعزعت منطقها الوظيفى الاعتيادى، وأثرت فى طرق توزيع المضامين، وفى إعادة تشكيل المشهد الثقافى. بلغة أخرى، أحدثت الثورة الرقمية قطيعة، غير مسبوقة، مع الكيفية التى كانت تسير بها العملية الثقافية قبل الزمن الرقمى. ومن ثم اختلفت كليا طريقة تعاطى المرء مع: دنيا الأفكار، وعوالم الإبداع، والانتاج الثقافى بصوره المختلفة: (المرئية، والمسموعة، والمتحركة، والمقروءة). كما حلت التقنيات والتطبيقات الرقمية المتنوعة محل قنوات التعبير الثقافية المتعارف عليها. ومن ثم توسيع فرص نشر المنتج الثقافى باختلاف أنواعه على أوسع نطاق. أخذا فى الاعتبار، تكون اقتصاد من نوع جديد يحكم المجال الثقافى...لذا يستوجب فهم ودراسة ما بات يعرف بالتزاوج بين عالمي: الصناعة الثقافية من جهة، وعالم التواصل الإلكترونى من جهة أخرى.
وقد أدى الانتشار المتزايد للتكنولوجيا الرقمية، ولاسيما الإنترنت فى العالم، إلى بلورة ما بات يطلق عليه «الفردانية المرتبطة» بحسب ريفيل ؛ والتى تتجلى فى الأفعال الإنسانية التالية: أولا: انكباب المرء على نفسه. وثانيا: انخراطه فى شبكة علاقات: يمكن أن تتغير ويتم استبدالها فى أى وقت بحرية تامة ودون تداعيات. ثالثا: اختياراته للمصادر التى يلجأ لها بحثا عن المعرفة. ورابعا: القدرة على التصويب المستمر من خلال البحث المتجدد...
والمحصلة يمكن رصدها فى ثلاث نتائج كما يلي: الأولي: حرر الزمن الرقمى عمليا الإنسان من المرجعيات التقليدية ومؤسسات التنشئة التقليدية. والثانية: اعتماد المرء عبر الشبكة التى ينتمى إليها والقابلة للتغيير فى أى وقت على البحث عن المعانى والقيم والأفكار والإبداعات المختلفة. أما الثالثة: التعبير الحر عن نفسه بطرق عدة تتيحها تقنيات التواصل الرقمية... وتصب هذه النتائج فى المجمل إلى تبلور ما يمكن أن نطلق عليه: «تثقيف رقمى تفاعلى متجدد عبر الشبكة»...فى هذا السياق، أظن أنه من المشروع أن نسأل، مجددا، عن مستقبل الثقافة فى مصر، أو بلغة أدق ما هو مستقبل العملية الثقافية المصرية فى ظل الزمن الرقمى...
ارتبط الحديث بالثقافة، فى مصر، إلى استدعاء الدولة. نظرا لأن الدولة الحديثة فى مصر منذ محمد على أسست لفكرة تكوين مثقفها الذى يتبنى تصوراتها وأفكارها ومواقفها ومن ثم تخطيط وتنفيذ العملية الثقافية. وهو ما تواصل فى الستينيات من خلال المنظومة الثقافية الرائدة التى تأسست آنذاك. ومع إدراكنا للدور التاريخى لهذه المنظومة، وتقديرنا التام لعناصرها المختلفة الفكرية والإبداعية والإدارية، إلا أن طبيعتها الموجهة من أعلى إلى أسفل تحمل تناقضا جوهريا بالضرورة، مع الزمن الرقمى. ما يعنى ضرورة إعادة النظر فى مضمون وعناصر العملية الثقافية...بحيث نجعلها تواكب المستجدات التى طرأت على المواطنين والمجتمع...والأهم اقترانها بالماكينة الرقمية المتجددة.
لم يعد للناقد الأدبى دور فى توجيه القارئ للنص الأدبى أو مجموعة النصوص الأدبية التى يجب أن يقرأها. كما لم يعد من حق أحد وضع ما يجب أن يسمع أو يرى من إبداعات موسيقية أو بصرية تشكيلية وحركية. ومن الأصل ليس هناك نموذج للمثقف سابق التجهيز أو ما أطلقت عليه ذات مرة «المثقف الجنتلمان الفرد»؛ نموذج المعلم الأرستقراطي: هنرى هينجز الذى رسمه برناردشو(1856 1950) فى بيجماليون. والذى كانت رسالته صنع نسخ ثقافية من ثقافته وتحيزاته. هكذا فعل مع إليزا دوليتل فى بيجماليون. ولكنها نجحت فى أن تتحرر من النموذج الثقافى الجنتلمان لمصلحة النموذج الثقافى الحر والفاعل مجتمعيا.
أى أن الثقافة فى الزمن الرقمى، يجب ألا تتسم بالهيمنة. وإنما تعمل فى ضوء قيمتين كبيرتين هما: أولا: «تفعيل الإرادة الحرة» للإنسان من جانب. وثانيا: «تمكين طاقاته الكامنة» ليكون مواطنا فاعلا من جانب آخر ليكون الأخير مؤهلا للتعاطى مع الواقع الدائم التغير باستقلالية تامة وساهرا على تقدمه دوما. مثلما فعلت إليزا... ما يعنى أن نضع أمام الإنسان/ المواطن كل الأفكار والإبداعات، ونفتح النوافذ التى تعددت بكثافة بتأمين مصادر البحث المعتبرة، ونؤمن مساحات التعبير المختلفة...
لمزيد من مقالات سمير مرقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.