النقلة الإيجابية النوعية فى الخطاب الرسمى الداعم للحريات الدينية، والتى كان للرئيس السيسى فضل طرحها بهذا الوضوح وبهذه القوة قبل أيام قليلة، يجب أن تظهر فى أداء أجهزة الدولة، التى صار عليها أن تُصدِر القرارات وتتخذ الإجراءات التى من شأنها أن تُجسِّد كلام الرئيس على الأرض، خاصة فيما يتعلق ببناء دور العبادة لغير المسلمين من المواطنين. بل ويمكن الاهتداء بمضمون كلام الرئيس فى توفير حرية العبادة بالمثل للمقيمين الأجانب بمصر وللزائرين أيضا، لأنه سوف تتجلى آثار عظيمة من الأخذ بهذه السياسة بما يدعم خطط جذب حركة السياحة العالمية، حيث يجد السائح القادم من أقصى الأرض معبدا يؤدى فيه طقوسه، فتكون لمصر فى العالم الصورة التى تليق بها فى ممارسة الحرية الدينية، بما يضيف إلى اكتساب مزايا السمات الحضارية والإنسانية، وإلى إثبات الالتزام بالاتفاقات الدولية، أنها تعالج التشويه العالق بصورة مصر من جراء مجموعات متعصبة تمارس الإرهاب الصريح منذ سنوات ضد من يؤمن بما لا يؤمنون به! لقد أثبتت التجارب العملية المعاشة فشل وخطورة الاتجاه الذى يرى وجوب مراعاة مشاعر المتطرفين، فينفذ لهم شطحاتهم بإخلاء الأفق أمامهم من علامات ورموز الأديان الأخري، بل وفرض أن يتوارى الآخرون، وأن يحظر عليهم ممارسة شعائرهم حتى فى بيوتهم! وكان الوهم الخطير أن هذا سوف يؤدى إلى تهدئة المتطرفين!! إلا أن غرض التهدئة المأمول لم يحدث قط، بل إن الكارثة الطبيعية لهذا التقاعس هى التى تحققت فى الواقع، حيث صاروا أكثر تطرفاً، بل ترتب على هذا أن أتت منهم أجيال أوغلت فى التطرف إلى حد الشطط، فكان يجب التوقف ومراجعة السياسة المتبعة، فجاءت التصريحات الأخيرة للرئيس لتبعث الأمل مجددا. عندما تَعدِل الدولة فى دعم دور العبادة المتعددة تتوافر أهم شروط المواطنة، التى هى أهم سمات الدولة الحديثة التى نجح المصريون فى أن ينص دستورهم عليها، وعندما يُطبَّق القانون بحسم وسرعة ضد من يعتدى على حرية عبادة الآخرين، يتحقق لمصر استقرار حقيقى وتتوافر لها أقوى منصة للانطلاق. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب