سبت النور 2024، سبب تسميته وأهم طقوس احتفالاته    المستندات المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء.. تبدأ يوم الثلاثاء    نانسي عجرم ناعية الأمير بدر بن عبد المحسن: خسرنا إنسان وشاعر استثنائي    الدوري الإنجليزي، نيوكاسل يكتفي بثلاثية نظيفة في شباك بيرنلي بالشوط الأول    التشكيل الرسمي للخليخ أمام الطائي بالدوري.. موقف محمد شريف    وزير الرياضة يتفقد ورشة عمل حول الأمن المعلوماتي بشرم الشيخ    مدرب ريال مدريد السابق مرشح لخلافة توخيل    إعادة الحركة المرورية لطبيعتها على الطريق الحر بعد حادث تصادم    "الجثمان مفقود".. غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    بعد القاهرة مكة، أفلام مصرية جديدة "للكبار فقط" في موسم صيف 2024    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    أحدث 30 صورة جوية من مشروع القطار السريع - محطات ومسار    طلب برلماني بتشكيل لجنة وزارية لحل مشكلات العاملين بالدولة والقطاع الخاص -تفاصيل    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    "الزراعة" تنظم سلسلة أنشطة توعوية للمزارعين في 23 محافظة -تفاصيل    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    أخبار التوك شو| الأرصاد تعلن تفاصيل طقس اليوم.. أسعار الذهب الآن في مصر    "علشان تأكل بأمان".. 7 نصائح لتناول الفسيخ في شم النسيم 2024    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    كشف ملابسات فيديو التعدى بالضرب على "قطة".. وضبط مرتكب الواقعة    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    رئيس الأعلى للإعلام يهنئ البابا تواضروس الثاني بمناسبة عيد القيامة المجيد    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة لمدينتي سفنكس والشروق لسرعة توفيق أوضاعها    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    محافظ المنوفية يحيل 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات للتحقيق    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    انطلاق ماراثون المراجعات النهائية لطلاب الشهادة الإعدادية والثانوية بكفر الشيخ    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    دفاع طفل شبرا الخيمة يتوقع أقصى عقوبة لطفل الكويت معطي التعليمات    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقطاب الأيديولوجى ضد الديمقراطية

تسود الخشونة والاتهامات والتحقير فى الحوار العام بدرجات متسارعة. يحدث هذا فى بلاد حديثة العهد بالحوار والديمقراطية، ويحدث أيضا فى بلاد عريقة فى الديمقراطية ورسوخ قيم التعددية والتسامح واحترام الآخر.
اللغة المستخدمة فى الحوار العام ليست مجرد ممارسات بلاغية وأساليب تعبير غير ذات صلة بجوهر التعايش والديمقراطية، لكنها مرآة تعكس الانقسامات فى المجتمع, وبقدر ما تتعمق الانقسامات الإيديولوجية بقدر ما تزيد صعوبة نشوء الديمقراطية وصعوبة الحفاظ عليها.
فى خطاب عام، تحدث جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكى السابق أوباما أخيرا، فوجه انتقاداته للرئيس ترامب، قائلا له: إن الحزب الجمهورى ليس «حزب أبوك». تحدثت هيلارى كلينتون عن الرئيس ترامب فوصفته بأنه خطر على المؤسسات الديمقراطية.
لم يعد الرئيس ترامب, وفقا لهذه التصريحات, رئيسا تم انتخابه ديمقراطيا وشرعيا، بل أصبح خطرا، والخطر يجب مقاومته والتصدى له. شيء من هذا نجده أيضا فى انجلترا.
تحدث وزير الداخلية البريطانى فى المؤتمر العام الأخير لحزب المحافظين واصفا رئيس حزب العمال المعارض جيرمى كوربن بأنه خطر على الأمن القومى لبريطانيا. التصريح شديد الحدة، فعندما يصل الأمر لتهديد الأمن القومى يصبح مقبولا فعل أى شيء لحماية أمن البلاد.
هذه مجرد عينة صغيرة لتصريحات صدرت خلال الشهر الأخير عن نجوم السياسة فى أعرق الديمقراطيات الغربية؛ لكن كل هذه التعبيرات الخشنة تبدو غاية فى الانضباط والتأدب لو قورنت بما ينشره الناس على منصات التواصل الاجتماعي، وبما ينطق به قادة أحزاب متشددة صاعدة، يمينية ويسارية.
تتيح الديمقراطية آليات لحل الصراعات السياسية سلميا؛ فعندما ينشب الصراع يتطلع الخصوم للانتخابات التالية لحسمها وفقا لقاعدة الأغلبية والأقلية.
تعمل الديمقراطية بكفاءة عندما يقبل الخاسرون نتيجة الانتخابات؛ وعندما لا تتحول المعارضة إلى تربص يستهدف إفشال الحزب الحاكم؛ وعندما لا يرتبط الخلاف السياسى بمشاعر الاحتقار والكراهية. توافر هذه الخصائص لم يعد من المسلمات فى الديمقراطيات الغربية، التى أصبح فيها الكثير من التربص والكراهية والاحتقار وسوء النية والتحايل فى تفسير قواعد النظام الديمقراطي، والعنف أيضا. نجحت الديمقراطية فى حل الكثير من الصراعات سلميا وفى إطار القانون.
إلا أن الديمقراطية لا تمتلك عصا سحرية تحل كل أنواع الصراعات. فكما تنشب الحرب بين الدول عندما تفشل الدبلوماسية فى إيجاد مخرج سلمى للأزمة، فإن الديمقراطية قد تعجز عن حل صراعات السياسة إذا وصل الانقسام الإيديولوجى بين أجنحة النخبة إلى مستوى معين من الحدة. فى الديمقراطيات العريقة تطور النظام الديمقراطى تدريجيا كأسلوب لإدارة الحكم والسلطة قبل أن تظهر الانقسامات الإيديولوجية والأحزاب السياسية.
فى انجلترا كان هناك صراع بين الملك وملاك الأرض الأثرياء بشأن مقدار الضرائب التى يتم تحصيلها، والطريقة التى يتم إنفاقها بها. لم يكن هناك خلاف أيديولوجى بين الملك والنبلاء، ولم يكن هناك طعن فى شرعية الملك والملكية، فقط خلاف على طريقة تمويل مؤسسات الحكم، وكيفية إنفاق هذه الأموال. فى مرحلة لاحقة ظهر حزب يمثل ملاك الأراضى وآخر يمثل الرأسمالية التجارية والصناعية الصاعدة؛ تطور الأول إلى حزب المحافظين، فيما تطور الآخر إلى حزب الأحرار، قبل أن يظهر فى النهاية حزب العمال ممثلا للطبقة العاملة.
تأخر ظهور الانقسامات الأيديولوجية فى انجلترا أتاح للنظام الديمقراطى الفرصة لتثبيت قواعده، فيما كان أصحاب الأيديولوجيات والأحزاب التى جاءت متأخرة معتدلين فى توجهاتهم، فسهلت مهمة استيعابهم وتعايشهم فى إطار ديمقراطي.
شيء مثل هذا حدث فى الولايات المتحدة، فقواعد النظام الديمقراطى هناك وضعته النخبة الموحدة التى انتزعت الاستقلال بعد صراع مسلح خاضته مجتمعة ضد الإمبراطورية البريطانية. ظهر الخلاف فى صفوف النخبة حول ما إذا كان من الأفضل بناء حكومة مركزية قوية، أم وضع القدر الأكبر من السلطة فى يد حكومات الولايات على المستوى المحلي.
هذا بالتأكيد خلاف سياسى مهم، لكنه أقل من أن يكون خلافا أيديولوجيا يعكس نظرات متعارضة للعالم والمجتمع والطبيعة البشرية، الأمر الذى أتاح للديمقراطية الأمريكية الفرصة لتثبيت قواعدها.
تعثرت الديمقراطية فى البلاد التى ظهرت فيها والانقسامات الأيديولوجية مبكرا. لم تعرف الديمقراطية طريقها إلى ألمانيا إلا بعد الهزيمة فى الحرب العالمية الأولى.
فى عام 1919 فى مدينة فايمار تأسس أول نظام ديمقراطى لعموم ألمانيا، وهو النظام الذى ولد فى ظل انقسام إيديولوجى عميق بين اليسار والقوميين النازيين، وانتهى عام 1933 عندما انفرد النازيون بالحكم، وقادوا البلاد والعالم إلى كارثة الحرب العالمية الثانية. مسار مشابه حدث فى إسبانيا.
ولدت الجمهورية الديمقراطية هناك فى عام 1931 وسط انقسامات عميقة بين المحافظين أنصار الملكية من ناحية، والشيوعيين والفوضويين من ناحية أخرى.
اختلف الفرقاء على كل شيء: النظام الملكى والكنيسة والدين والملكية الخاصة والحريات الفردية. لم تحتمل الديمقراطية الإسبانية الوليدة كل هذه الخلافات، فانفجرت الحرب الأهلية عام 1936، ووقعت إسبانيا تحت حكم ديكتاتورى استمر قائما حتى منتصف السبعينيات. الانقسام الإيديولوجى فى الغرب يزداد عمقا. تيارات يسار ويمين الوسط التى هيمنت على الحياة السياسة فى الغرب منذ الحرب العالمية الثانية تفقد أرضا واسعة لصالح تيارات متطرفة فى اليمين واليسار.
فى انتخابات إقليم بافاريا الألمانى قبل أيام خسر حزبا يمين ويسار الوسط أكثر من 20% من مؤيديهم لصالح أحزاب يمينية ويسارية متشددة. ما حدث فى بافاريا قبل أيام حدث قبل ذلك فى الانتخابات العامة الألمانية، وفى إيطاليا والنمسا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
الاستقطاب الأيديولوجى يتعمق فى الديمقراطيات الغربية، ومعه تزداد صدامات الشوارع بين متظاهرين من اليمين واليسار، ويزداد خطاب الكراهية والرفض المتبادل بين أنصار الفرق الأيديولوجية المتناحرة.
مستقبل الديمقراطية متوقف على تخفيف حدة الانقسامات الإيديولوجية، وظهور تيارات وسطية جديدة تسحب البساط من المتطرفين فى اليمين واليسار.
لمزيد من مقالات ◀ د. جمال عبدالجواد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.