تعرضت الإسكندرية خلال السنوات الماضية ومازالت تتعرض ، لحملة يبدو أنها ممنهجة لتغيير وجه المدينة وبصمتها التراثية والمعمارية من خلال إزالة وطمس ومحو التراث العمرانى للمدينة التى كانت توصف يوماً ما بأنها “ كوزموبوليتانية “ أو بوتقة تضم وتحتضن كل الجنسيات من أرمن ويونانيين وإيطاليين وفرنسيين وإنجليز وشوام الى جانب المصريين أصحاب البلد الأصليين مما انعكس على طابعها المعمارى فكانت كل البنايات والقصور أوروبية الشكل تتخللها حدائق فرنسية التنسيق ، نادرة الأشجار ، وكانت الشوارع ممهدة ومبلطة بالبازلت الأسود … ولكن دوام الحال من المحال . ومع رحيل الأجانب فى الستينيات من القرن الماضى تغيرت الخريطة السكانية للمدينة ونزح سكان القرى والصعيد اليها وإزداد الزحام وتغير السلوك الإنسانى السكندرى ، وظهرت طبقة من المقاولين كانت تتطلع بعين الجشع لتلك الفيلات والبنايات الجميلة الأنيقة الراقدة فى وداعة فى الأحياء الراقية التى تميز المدينة وترسم خريطتها الحضارية والتراثية وبدأت تتحين الفرص للاستيلاء عليها بالتلويح بالنقود فى وجه الورثة أو من تبقى منهم أو القائمين على أمر تلك الفيلات وكان الأمر محدوداً فى البداية حتى حدث الانفلات الأمنى بعد ثورة 25 يناير ، لتحدث ثورة محمومة بعدها لهدم الفيلات والقصور بعد استغلال بعض الثغرات فى قانون الحفاظ على التراث أمكن بها إخراج هذه الكنوز من مجلد التراث المعمارى للمدينة وأصبح بالإمكان هدمها بشكل قانونى ليحل محلها غابات أسمنتية لا حياة ولا تاريخ ولا روح فيها .. وفى هذه الأيام تتساقط بعض العمارات القديمة بنفس المنطق فى مناطق الشاطبى ومحطة الرمل وبعض الفيلات تنتظر دورها ليكتسحها بلدوزر الجهل والطمع وبعضهم ليس له مثيل فى العالم … الحل يا سادة فى تشريع سريع وفورى لإنقاذ ما تبقى من تراث المدينة المعمارى ومنع إخراجها من مجلد التراث وسد الثغرات أمام المتحايلين والطماعين والجهلة بالإضافة لتعويض أصحابها بشكل لائق حتى لا يضطرون لبيعها ، ويمكن بعد ذلك إستغلالها فى مشروعات سياحية أو ثقافية كفنادق صغيرة أو مراكز ثقافية .. هذا نداء لمن يهمه الأمر ،، مطلوب سرعة التدخل قبل أن تذهب الإسكندرية الى الأبد وتتحول الى مسخ لا حياة فيها ولا روح . [email protected] لمزيد من مقالات أمل الجيار