باليوم والتاريخ.. جدول امتحانات الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025 رسميًا في محافظة كفر الشيخ    غياب جماعي في مركز طبي بسوهاج.. والمحافظ يحيل 12 موظفاً للتحقيق ويستبعد المدير    بيطري كفر الشيخ: تحصين 43210 طيور متنوعة باللقاحات ضد الأمراض الوبائية    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد مركز بحوث الصحراء    سوريا ترحب بتصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات عن دمشق    الأهلي يتواصل مع فنربخشة لضم عمر فايد (تفاصيل)    «بعد مكالمة ميدو».. نجم الزمالك السابق يرحب بالعودة للفريق    «التموين» تكشف حصاد جهودها الرقابية في الربع الأول من عام 2025.. تحرير 121 ألف مخالفة    السيطرة على حريق مخلفات بكورنيش النيل فى حلوان    إخماد حريق داخل لوحات كهربائية داخل 3 طوابق بالمريوطية دون إصابات    منال سلامة تكشف السر في دخولها الفن... وماذا قالت عن أبناء النجوم؟    أحمد فهمي يشعل الحماس: "ابن النادي" قريبًا على شاهد    أعراض ومضاعفات تسمم الماء.. المعاناة تبدأ ب 4 لترات وقد تنتهي بغيبوبة    رئيس «الرقابة الصحية» يزور مستشفى بئر العبد النموذجي تمهيدا لتطبيق «التأمين الصحي الشامل»    فحص 1140 مواطنا وصرف العلاج مجانا خلال قافلة طبية في السويس    جولة ميدانية لإدارة الطوارئ بمستشفيات منوف وسرس الليان لمتابعة جودة الخدمات الصحية    جدول امتحانات الترم الثاني للصف الخامس الابتدائي في الغربية    أستاذ علوم سياسية: إنهاء صفقة عيدان ألكسندر خطوة مهمة فى دعم القضية الفلسطينية    تطور جديد فى خلاف أبناء محمود عبد العزيز ضد بوسي شلبي    «بيئة العمل تحتاجهم».. 4 أبراج تترك أثرًا إيجابيًا لا يُنسى في أماكنهم    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    من الإعارة إلى التألق.. إيريك جارسيا "ورقة رابحة" في يد فليك    محبوس بكفر الدوار ومزور اسمه.. كيف سقط المتهم في جريمة شقة محرم بك؟    ترامب يدافع عن الطائرة هدية قطر: لست غبيا لأرفضها.. وقدمنا لهم الكثير من مساعدات الأمن والسلامة    أتالانتا ضد روما.. التشكيل الرسمي لقمة الدوري الإيطالي    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    أمينة الفتوى: الزغاريد عند الخروج للحج ليست حراماً لكن الأولى الالتزام بالأدب النبوي    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية جديدة | صورة    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    قطرة شيطان.. قتل خالته وسهر بجوار جثتها مخمورًا حتى طلوع الفجر (كواليس جريمة بشعة)    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    أسعار الحديد ومواد البناء اليوم الإثنين 12 مايو 2025    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    الكرملين: بوتين حدد موقفه بشكل واضح بشأن استئناف المفاوضات مع أوكرانيا    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية التجارة    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    رئيس الوزراء يتابع الاستعداد لتنفيذ قانون الرقم القومي العقاري    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    العراق: الواقع العربي يتطلب وقفة جادة لتحقيق العدالة الاجتماعية    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    العمل: 45 فرصة للعمل في الأردن برواتب تصل ل 500 دينار    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    حالة الطقس اليوم في السعودية    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من وحى ذكرى النصر العظيم فى أكتوبر..
المناظرة التى هزت عرش «قائد الثغرة»
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 10 - 2018

استلهمتٌ « روح أكتوبر» فهزمتُ الجنرال «شارون» على شاشة B.B.C
المشير الجمسى أمر بأن أحضر إلى القاهرة للحصول على المعلومات اللازمة قبل المناظرة
لجنة فى البنتاجون تشير إلى أن المصريين نجحوا فى إفشال «خطة الدفاع المتحرك» وتطالب بتطويرها لأنها أساس العقيدة الدفاعية فيِ حلف الناتو
«صنداى تايمز» نشرت صورتى فى صفحتها الأولى وكتبت تعليقا يقول: وصول أول ضابط مصرى للدراسة فى لندن.. سيعود ليحارب الإسرائيليين

لفتت حرب 73 أو كما يِطلقون عليِها حرب عيِد الغفران (KIPPUR WAR Yom ) اهتمام العديِد من المؤسسات ومراكز الدراسات الاستراتيِجيِة فيِ كل انحاء العالم حتى القنوات التليِفزيِونيِة باعتبارها احدث حرب تقليِديِة تمت فيِ العصر الحديِث بيِن دولتيِن تمتلك كل منها أحدث تقنيِات العصر من الأسلحة والمعدات .
وهذا ما دعا قناة BBC البريِطانيِة عام 1975 إلى أن تدعونيِ لعمل مناظرة علميِة مع الجنرال الإسرائيِليِ شارون قائد القوات الإسرائيِليِة فيِ معركة ثغرة الدفرسوار غرب قناة السويِس ولقد قام بالتحكيِم على هذه المناظرة أساتذة من المعهد الدوليِ للدراسات الاستراتيِجيِة فيِ لندن The International Institute for Strategic Studies أو IISS، حيِث كان هذا المركز يِجمع خيِرة الباحثيِن العسكريِيِن فيِ مجال الاستراتيِجيِة والأمن القوميِ فيِ العالم.. وكانت إصداراته كل عام من المراجع العلميِة التيِ يِعتمد عليِها كل الباحثيِن العسكريِيِن فيِ العالم كله.
ولذلك كان هناك لديِ قناعة بحيِاديِة هذا المعهد وقدرته على التحليِل الدقيِق لما قامت به القوات المصريِة فيِ مرحلة التخطيِط او إدارة أعمال القتال
وكنت قد أنهيِت دراستيِ فيِ كليِة القادة والاركان المصريِة وكان ترتيِبيِ الأول فيِ التخرج وطبقا للنظام المعمول به فيِ القوات المسلحة المصريِة تم ترشيِحيِ للدراسة فيِ كليِة كمبرليِ الملكيِة بإنجلترا فيِ دورة عام1975 أيِ بعد انتهاء حرب أكتوبر مباشرة، حيِث سافرت اليِ لندن عام 1974 لحضور دورة التأهيِل قبل الدورة الأساسيِة ، وبدأت الدراسة وكنت فيِ ذلك العام طالبا فيِ كليِة كمبرلى الملكيِة بإنجلترا.. وهيِ كليِة من أعرق.. وأقدم كليِات القادة والأركان فيِ العالم.. وكانت مصر قد أوقفت إرسال مبعوثيِها لهذه الكليِة منذ أزمة السويِس عام 1956... وبعد عشريِن عاماً.. كنت أول دارس مصريِ التحق بهذه الكليِة.. لمدة عام كامل.. وكان الجنرال آريِيِل شارون أيِضاً من خريِجى هذه الكليِة.. مع إسحاق رابيِن.. وبن إليِعازر.. وتال.. وجونيِن.. وغيِرهم من القادة العسكريِيِن فيِ إسرائيِل.
وكان من المهم لمصر ان تبدأ فيِ إرسال ضباط مصريِيِن لدراسة الفكر والعقيِدة القتاليِة الغربيِة التيِ كانت بعيِدة عن الفكر المصريِ العسكريِ.
وفور وصوليِ اليِ لندن ومع بدء الدراسة نشرت جريِدة « الصن دايِ تايِمز « Sunday Times يِوم الاحد فيِ الصفحة الأولى عليِها صورتيِ لتعلن وصول اول ضابط مصريِ للدراسة فيِ لندن سيِعود ليِحارب الإسرائيِليِيِن بعد دراسته وتساءلت كيِف تقبل حكومة جلالة الملكة قبول هذا الضابط المصريِ ، كذلك كان هناك جرحى مصريِون من معارك أكتوبر يِتلقون العلاج فيِ لندن فيِ هذا التوقيِت ، ومن هذا المقال عرف الجميِع ان هناك ضابطا مصريِا يِدرس فيِ كليِة كمبرليِ فيِ لندن وهذا ما شجع «ادجار آلن « مقدم برنامجه الأسبوعيِ الشهيِر بانوراما على قناه BBC يِوم الاحد فيِ اهم توقيِت من الساعة الثامنة اليِ العاشرة مساء لكيِ يِحضر اليِ الكليِة ويِقابل مديِر الكليِة آنذاك الجنرال بيِتش ويِطلب مقابلتيِ لإقناعيِ بالاشتراك فيِ برنامجه بانوراما للحديِث عن حرب أكتوبر / Yom Kippur War كما يِطلق عليِها فيِ الغرب حيِث لم يِتحدث أيِ ضابط مصريِ على أيِ قناة فيِ الغرب عن هذه الحرب عكس الضباط الإسرائيِليِيِن الذيِن يِتحدثون فيِ جميِع وسائل الاعلام وكانت ليِ شروط لقبول الاشتراك فيِ البرنامج هى ان جميِع الأسئلة معدة من قبل ولن اقبل بأيِ سؤال على الهواء لإحراجيِ كذلك من حقيِ رفض أيِ سؤال اعتبره مسيئا للجيِش المصريِ وثالثا يِجب موافقة حكومتيِ فيِ القاهرة وبالفعل أرسلت اليِ وزارة الدفاع فيِ مصر، حيِث وافق المشيِر الجمسيِ آنذاك على ان اشترك فيِ ذلك البرنامج ممثلا عن مصر فيِ اطار عرض الخطة المصريِة لاقتحام قناه السويِس وتدميِر خط برليِف
ولقد استمرت المناظرة بيِننا ساعة ونصف الساعة على الهواء مباشرة.. تضمنت الساعة الأولى تسجيِلات خارجيِة.. معي.. ومع الجنرال شارون.. عرضت فيِها خطة القوات المصريِة فيِ اقتحام قناة السويِس.. وكيِف نجح الجيِش المصرى فيِ اقتحام أكبر مانع مائى فيِ التاريِخ.. وسقوط خط بارليِف.. ويِجب أن نوضح أن الحديِث.. فيِ وسائل الإعلام الغربيِة.. كان يِختلف كثيِراً.. فيِ ذلك الوقت عن الحديِث فيِ وسائل الإعلام العربيِة.. حيِث يِعتمد الإعلام الغربي.. على الحقائق والأرقام.. والإحصائيِات والمقارنات.. وليِس على الكلام المرسل. ومن هنا تظهر صعوبة التعامل.. حيِث ركزت على أن يِكون عرض التخطيِط المصرى وإدارة القتال لحرب أكتوبر 1973 متسماً بالوضوح.. والدقة.. والصدق.. معتمداً على النجاح العظيِم.. أشبه بالأسطورى من وجهة نظر كل المراكز والمؤسسات العسكريِة فيِ العالم.. لما قام به الجيِش المصرى فيِ مجال الفكر والتخطيِط وإدارة العمليِات العسكريِة على ضفاف قناة السويِس، على الرغم من أن كل تقاريِر معاهد الدراسات الاستراتيِجيِة قبل أكتوبر.. كانت تؤكد استحالة قيِام مصر بأى عمل عسكرى شامل وخاصة اقتحام أكبر مانع فيِ التاريِخ.
وجديِر بالذكر انه قبل التسجيِل تلقيِت الأسئلة من مقدم البرنامج ادجار الن ولقد وجدت ان هناك أسئلة من الصعب الرد عليِها بمفرديِ فأرسلت تلك الأسئلة اليِ وزارة الدفاع فيِ القاهرة ولما كان عنديِ إجازة فيِ تلك الفترة فلقد امر الفريِق الجمسى ان انزل مأموريِة للقاهرة وتكونت لجنة من العمليات والمخابرات وتم الرد على جميِع الأسئلة.
وعندما بدأت بشرح خطة العبور المصريِة واقتحام خط بارليِف.. ركزت تماما على أن التخطيِط للعمليِة الهجوميِة لاقتحام خط بارليِف وعبور القناة.. كان تخطيِطاً مصريِاً.. خالصاً.. نابعاً عن الفكر العسكرى المصري.. تم بعد خبرات طويِلة.. فيِ حرب الاستنزاف.. وتدريِبات شاقة على عمليِات العبور فيِ دلتا نهر النيِل 5 سنوات كاملة من عمر حرب الاستنزاف بعد أن استكمل الجيِش المصرى معداته وأسلحته التيِ فقدها فيِ حرب 1967.. ولقد جاء السؤال سريِعاً.. ومباغتاً من أساتذة معهد الدراسات الاستراتيِجيِة.. على الهواء مباشرة.. كيِف كان التخطيِط مصريِاً.. والذى رأيِناه.. أنكم التزمتم بتكتيِكات وأساليِب القتال فيِ العقيِدة السوفيِتيِة عن أعماق المهام القتاليِة.. كالمهمة المباشرة.. والمهمة التاليِة..!! ولحسن الحظ.. عرضت محطة BBC صورة لميِدان القتال اعتبرته انفرادا فيِ هذا الوقت.. حصلت عليِه من الولايِات المتحدة الأمريِكيِة.. لذلك أشرت إلى الخط الذيِ وصلت إليِه القوات المصريِة شرق القناة فيِ رأس الكوبرى من فرق المشاة المصريِة الخمس، وأوضحت لهم.. أن هذه الخطوط التيِ وصلت إليِها قوات رأس الكوبري.. لم تكن مبنيِة على أساس أعماق المهام كما فيِ العقيِدة السوفيِتيِة.. وإنما تم التخطيِط لها على أساس مدى حمايِة خط حائط الصواريِخ للدفاع الجوى غرب القناة..
الأمر الذيِ أدى إلى ألا تتعدى القوات المصريِة فيِ رأس الكوبري.. خط حمايِة حائط الصواريِخ.. مما أدى إلى حرمان القوات الجويِة الإسرائيِليِة من التدخل نهائيِاً.. بأى أعمال قتاليِة ضد قوات رأس الكوبرى المصريِة.. شرق قناة السويِس.. وكان خيِر دليِل على ذلك.. الأوامر الصريِحة الواضحة التيِ صدرت من قائد القوات الجويِة الإسرائيِليِة لقواته الجويِة يِوم 6 أكتوبر.. فور عبور قواتنا قناة السويِس.. بعدم الاقتراب من قناة السويِس لمسافة 15 كيِلومترا.. التيِ كانت بالطبع مسافة عمل وتغطيِة حائط الصواريِخ المصري.. ومن هذا المنطلق تم حرمان الذراع الطويِلة للجيِش الإسرائيِلى «قواته الجويِة» من العمل ضد القوات المصريِة طوال عمليِة اقتحام قناة السويِس وإنشاء رءوس الكباري.. وهو ما أطلق عليِه الخبراء العسكريِون فيِ العالم آنذاك.. أن المصريِيِن.. طبقوا مبدأ جديِداً فيِ أشكال عمليِات القوات الجويِة.. وهو تحيِيِد القوات الجويِة المعاديِة «Neutralizing Enemy Air Force» وهو أسلوب لم يِكن مطبقاً من قبل.
و الجديِر بالذكر ان هذا الأسلوب اصبح فيِ جميِع المراجع العسكريِة فيِ العالم الآن ، ومعه شرح ان ذلك هو ما نفذته القوات المصريِة فيِ حرب 73 .
ولقد عرضت خطة العبور واقتحام خط بارليِف بالتفصيِل..
وأن ذلك القرار أربك حسابات وتقديِرات القوات الإسرائيِليِة.. حيِث وقفت الاحتيِاطيِات المدرعة الإسرائيِليِة عاجزة عن القيِام بالهجمات المضادة ضد قوات الكبارى المصريِة فيِ انتظار تحديِد المجهود الرئيِسى لهذه القوات.. وذلك طبقاً لخطة الدفاع المتحرك التيِ كانت إسرائيِل تطبقها للدفاع عن سيِناء.. وأشرت الى أن خطة الدفاع الإسرائيِليِة التيِ اعتمدت على نقاط خط بارليِف القويِة.. ومعها احتيِاطيِات على أعماق متعددة.. فقدت الاتزان الدفاعي.. ووقفت عاجزة.. أمام مفاجأة الهجوم المصرى.
وعندما قامت الاحتيِاطيِات الإسرائيِليِة لخط بارليِف بالهجمات المضادة.. كانت ضعيِفة.. ومبعثرة.. وتحطمت أمام الخطة الرائعة المضادة للدبابات التيِ نفذتها لأول مرة فيِ التاريِخ عناصر مشاة مترجلة.. دون دعم من دبابات التعاون الوثيِق التيِ لم تصل لرءوس الكبارى إلا فيِ اليِوم التالى بعد تشغيِل الكباري.
وجاء تعليِق أساتذة معهد الدراسات الاستراتيِجيِة.. أن توقف القوات المصريِة وتعزيِز رءوس الكباري.. تحت مظلة صواريِخ الدفاع الجوى المصري.. حرم الإسرائيِليِيِن من تنفيِذ خطتهم الدفاعيِة بأسلوب الدفاع المتحرك Mobile Defense من استدراج القوات المصريِة إلى مناطق احتواء وقتل لتدميِرها فيِ العمق.. ولذلك جاء إعلان موشيِه ديِان.. وجولدا مائيِر يِوم 9 أكتوبر 1973 بهزيِمة إسرائيِل.. اعترافاً كبيِراً بتفوق التخطيِط المصرى فيِ المرحلة الافتتاحيِة من الحرب.. علاوة على الأداء المتميِز لتنفيِذ هذا التخطيِط.
وفيِ عام 74 عقدت مجموعة Pentagon Mind فيِ البنتاجون لتطور مفاهيِم القتال بخبرة حرب 73 سواء من الجانب المصريِ او الإسرائيِليِ ، وخرجت مجموعة Pentagon Mind بالخلاصة ان المصريِيِن نجحوا فيِ إفشال خطة الدفاع المتحرك التيِ يِجب تطويِرها لانها أساس العقيِدة الدفاعيِة فيِ حلف الناتو وبعد عام كامل لهذه المجموعة تم تطويِر فكر الدفاع المتحرك فيِ العقيِدة الغربيِة لتكون نظام Active Defense منذ عام 74 تغيِر هذا المفهوم بسبب ما حققه المصريِوِن فيِ حرب أكتوبر73
لذلك اندفع شارون ليِقول إنه لطالما عارض الجنرال بارليِف.. وخطته للدفاع عن قناة السويِس.. وبناء هذا الخط.. الذيِ وصفه شارون أنه مثل الجبن السويِسرى ذى الثقوب.. وأن إسرائيِل دفعت الثمن باهظاً.. عندما لم تستمع لآرائه حول تنظيِم الدفاعات فيِ سيِناء.. ونفذت خطة الجنرال بارليِف.. رئيِس الأركان الإسرائيِلى آنذاك.. وقبل أن أنطلق بالرد، تولى أستاذ من معهد الدراسات الاستراتيِجيِة التعليِق قائلاً.. سيِادة الجنرال.. أشبعتمونا فكراً.. وآراءً.. ونظريِات.. بعد حرب 1967.. نظراً إلى خبراتكم وتطبيِقكم هذه النظريِات التيِ حققت النصر عام 1967.. والآن نسمع أن كل هذه المفاهيِم والنظريِات الإسرائيِليِة خاطئة.. أعتقد سيِادة الجنرال شارون.. أن ما فعله المصريِون كان رداً عمليِاً على أن هذه النظريِات.. لم تكن دقيِقة.. أو صحيِحة. ويِبدو أن الجنرال شارون أعجبه هذا التحليِل من معهد الدراسات الاستراتيِجيِة الذيِ يِديِن الخطة الدفاعيِة الإسرائيِليِة شرق القناة.. حيِث قرر استغلال ذلك كله لمصلحته الشخصية.. ليِقول.. إنه من ذلك المنطلق وبعد إعلان موشيِه ديِان ومائيِر.. هزيِمة إسرائيِل.. جاء هو المنقذ.. ليِنفذ «عمليِة الغزالة» ويِبدأ فيِ التفكيِر فيِ ثغرة الدفرسوار.
ولقد نال حائط الصواريِخ المصريِ استحسان لجنة معهد الدراسات الاستراتيِجيِة حيِث اكدت اللجنة فيِ حوارها انه لولا حائط الصواريِخ لما نجحت القوات المصريِة فى بناء الكباريِ تحت سترها ثم عبور المدرعات و المدفعيِة اليِ شرق القناة
وحتى هذا الموقف كانت الخطة المصريِة حصلت على تقديِر 4 نقاط فيِ المناظرة من لجنة التحكيِم من معهد الدراسات الاستراتيِجيِة.. بيِنما لم تحصل الخطة الإسرائيِليِة على أيِ نقاط.. بعدها تابعت عرض تفاصيِل كثيِرة عن تخطيِط العبور والتنظيِم الرائع لجهود القوات المصريِة.. وكيِف تم تنفيِذ خطة الخداع.. وتحقيِق المفاجأة.. والتغلب على الساتر الترابي.. إلخ.. لذا حصلت الخطة المصريِة على نقطتيِن إضافيِتيِن عن مرحلة إدارة القتال فيِ رأس الكوبرى حتى يِوم 15 أكتوبر 1973.. ليِصل عدد النقاط إلى 6 نقاط بيِنما لم تحصل الخطة الإسرائيِليِة على أيِ نقاط.. وأكد معهد الدراسات الاستراتيِجيِة أن الخطة الدفاعيِة الإسرائيِليِة.. المبنيِة على خط بارليِف كانت خطة ذات مفهوم دفاعى غيِر متزن.. وافتقدت عدم بناء الأنساق والخطوط الدفاعيِة المتتاليِة.. ولذلك عندما اقتحم المصريِون القناة.. تم عزل نقاط خط بارليِف.. تهاوت هذه النقاط فيِ ساعات.. أو استسلمت.. وشبه خبراء معهد الدراسات الاستراتيِجيِة IISS على الهواء.. ما حدث من سقوط لخط بارليِف.. هو بالضبط ما حدث من سقوط لخط ماجيِنو فيِ الدفاعات الفرنسيِة فيِ بدايِة الحرب العالميِة الثانيِة.. وإن اختلف الأسلوب. حيِث إن القوات المصريِة هاجمت خط بارليِف بالفعل بيِنما القوات الألمانيِة لم تهاجم خط ماجيِنو والتفت حوله من خلال جبال الارديِن فيِ بلجيِكا وبعد ذلك جاء استعراض مرحلة تطويِر الهجوم المصرى بالقوات المدرعة للوصول إلى خط المضايِق فيِ سيِناء.. لتخفيِف الضغط على القوات السوريِة فيِ جبهة الجولان.. ولقد فقدت الخطة المصريِة فيِ هذا العرض فيِ المناظرة نقطتيِن.. وعلق أساتذة معهد الدراسات الإستراتيِجيِة على خطة التطويِر المصريِة.. بنفس التعليِق الكلاسيِكى الذيِ يِدرس فيِ كل المعاهد العسكريِة فيِ العالم لكل القادة.. لا تدع السيِاسى يِجبرك على القيِام بعمل عسكري.. ما دمت غيِر قادر على تنفيِذه.. أو غيِر مقتنع به.. أو أنه خارج التخطيِط المسبق للعمليِات.
وهيِ احد الدروس المهمة التيِ اكدتها حرب 73.
وهنا كسبت الخطة الإسرائيِليِة أول نقطتيِن فيِ المناظرة بعد نجاحها فيِ حق تطويِر الهجوم خارج رأس الكوبريِ حيِث نجحت فيِ إيِقاف تقدم اللواءات المدرعة المصريِة نحو منطقة المضايِق.
وبدأنا فيِ المرحلة الأخيِرة من المناظرة.. التيِ أعتقد أن آريِيِل شارون.. دخل هذه المناظرة فيِ التليِفزيِون البريِطانى على الهواء ليِستعرض ما قام به فيِ عمليِة الثغرة غرب القناة.. واستعرض شارون الانهيِار الذيِ كانت عليِه الجبهة الدفاعيِة الإسرائيِليِة فيِ سيِناء.. وهو ما دفع موشيِه ديِان ليِعلن هزيِمة إسرائيِل يِوم 9 أكتوبر.. وبدأت إسرائيِل فيِ طلب إمدادات عاجلة من الأسلحة والمعدات من الولايِات المتحدة الأمريِكيِة.. التيِ بدأت فيِ إرسال الإمدادات من خلال جسر جوى عاجل إلى إسرائيِل.. وطلبت إسرائيِل من الولايِات المتحدة، طبقا لما ذكره شارون، أن تصل هذه الأسلحة والمعدات مباشرة إلى مطار العريِش فيِ سيِناء.. لأن الجبهة فيِ الجولان كانت قد تم الانتهاء منها.. أما الجبهة الإسرائيِليِة فيِ سيِناء فكانت منهارة تماماً.
وهنا نالت القوات الإسرائيِليِة نقطة فيِ تلك المرحلة، حيِث انها نفذت خطة سرعة التدخل ضد القوات السوريِة فيِ هضبة الجولان ثم الانتهاء منها والتحول نحو جبهة السويِس
وأضاف شارون أنه طلب على وجه التحديِد الصواريِخ المضادة للدبابات من الجيِل الجديِد من طراز TOW.. ذات الدقة العاليِة فيِ تدميِر الدبابات وهو تطويِر للجيِل القديِم «المالوتيِكا» الروسى الذيِ كانت تستخدمه القوات المصريِة.. وفعلاً وصلت إلى العريِش يِوم 13 أول دفعة من المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات.. ولم تكن جديِدة من المخازن ولكن تم سحبها من الوحدات المقاتلة الأمريِكيِة العاملة فيِ ألمانيِا.. وجرى تطقيِمها بأفراد من جنود الاحتيِاط الذيِن تم استدعاؤهم ضمن خطة الاستدعاء الإسرائيِليِة وأسند قيِادة هذه القوة.. إلى ملازم أول احتيِاط إسرائيِلى اسمه «جوفي» أو ما أطلق عليِه فيِ المناظرة الملازم Joffy.
وبدأ شارون فيِ هذه المرحلة يِشرح خطته لاختراق رأس الكوبرى فيِ الدفاعات المصريِة للوصول إلى غرب القناة.. ليِندفع إلى عمق الدفاعات المصريِة.. مطبقاً نظريِة ليِدل هارت
«الاقتراب غيِر المباشر Indirect Approach وهى النظريِة التيِ كان يِطبقها روميِل فيِ الصحراء الغربيِة.. وأيِضاً طبقها الجيِش الألمانى فيِ اختراق الدفاعات الفرنسيِة على خط ماجيِنو فيِ الحرب العالميِة الثانيِة.. بتجنب الهجوم على دفاعات خط ماجيِنو.. والاختراق من اتجاه وغابات الأرديِن فيِ بلجيِكا.. وبعدها انهارت الدفاعات الفرنسيِة تماماً.
وشرح شارون هذا الفكر وأنه بدأ التطبيِق بمحاولة اختراق الجانب الأيِمن للجيِش الثاني.. الذى كانت تؤمنه الفرقة 16 مشاة.. وذكر أنه هاجم بشراسة 3 أيِام هذه المواقع.. التيِ عرفت باسم «معركة المزرعة الصيِنيِة» وقاد هذا الهجوم الجنرال آدان.. والجنرال ماجن. ويِقول شارون.. إنه استخدم جميع الوسائل والقوات.. والأساليِب.. وإن نيِران المدفعيِة الإسرائيِليِة ظلت تقصف هذه المواقع المصريِة بلا توقف يِوميِن كامليِن.. وتم الهجوم على هذه القوات المصريِة بالقوات المدرعة وبوحدات المظلات الإسرائيِليِة.. والتى هيِ أرقى الوحدات القتاليِة الإسرائيِليِة.. تدريِباً وكفاءة.. وفشلت كل هذه الهجمات الإسرائيِليِة أمام صلابة الكتائب الأماميِة للفرقة 16 فيِ معركة المزرعة الصيِنيِة.. وإذا كان لنا من تعليِق.. فإنه يِجب الإشارة.. إلى أن قائدى كتائب المشاة التيِ أوقفت هذا الهجوم 3 أيِام كاملة هما.. المقدم محمد حسيِن طنطاوي.. والمقدم أحمد إسماعيِل عطيِة.. وأتذكر أنه فيِ إحدى زيِارات الجنرال شارون بعد عدة سنوات مصر فيِ زيِارة رسميِة.. وعندما علم أن القائد المصرى فيِ معركة المزرعة الصيِنيِة كان المشيِر طنطاوى وزيِر الدفاع المصري، طلب شارون أن يِلتقى ويِقابل المشيِر طنطاوي.. ولكن على حد علمي، فإن المشيِر طنطاوى اعتذر عن مقابلته.. ولم يِقابله.. حتى إن شارون عندما علم بالرد الدبلوماسى لرفض المشيِر طنطاوي.. قال بالحرف الواحد «لقد كنت أريِد أن أقابل قائداً شجاعاً.. قاتلنى بشراسة».
ونستكمل ما ذكره شارون بأنه بعدما فشل الجنرال آدان..والجنرال ماجن فيِ اقتحام دفاعات الفرقة 16 مشاة لم يِجد أمامه إلا أن يِعبر من البحيِرات متجنباً هذه الدفاعات المصريِة الشرسة فيِ المزرعة الصيِنيِة.. واندفع شارون بمجموعة قتال من سريِة دبابات ومشاة واندفعوا إلى عمق منطقة الدفرسوار خلف رأس كوبرى الجيِش الثانى الميِداني؛ حيِث بدأ شارون مهاجمة قواعد صواريِخ الدفاع الجوي.. وكان يِكتفى بالاشتباك عن بعد من مسافة 3 كيِلومترات ليِدمر رادار القاعدة.. فتتوقف بطاريِة الدفاع الجوى عن العمل.. حتى نجح فيِ عمل ثغرة فيِ حائط صواريِخ الدفاع الجوى المصري.. لكى تندفع القوات الجويِة الإسرائيِليِة لأول مرة يِوم 17 أكتوبر لتهاجم القوات المصريِة.. كما هاجمت قوات شارون.. مواقع المدفعيِة المصريِة غرب القناة، وبذلك تم حرمان قوات رأس الكوبرى من المعاونة النيِرانيِة من البر الغربي.. وذكر شارون أن هدفه من العبور إلى غرب القناة فيِ البدايِة كان أن يِندفع للاستيِلاء على مديِنة الإسماعيِليِة.. بصفتها هدفا ذا أهميِة استراتيِجيِة وهى لو تم الاستيِلاء عليِها.. يِمكن للجانب الإسرائيِلي.. عندما يِتوقف القتال فيِ أيِ مفاوضات قادمة.. استخدام هذا العمل للحصول على مكاسب يِوقف بها نزيِف الخسائر أمام النصر الكبيِر الذيِ حققته القوات المصريِة شرق القناة. ويِقول شارون.. إنه فوجئ.. بقتال شرس وعنيِد من قوات الصاعقة المصريِة غرب القناة فيِ منطقة الدفرسوار.. ومنطقة الجنايِن.. وبرر شارون خسائره الكبيِرة فيِ المعدات والأرواح.. بل إصابته هو شخصيِا إصابة نقلته للعلاج إلى داخل إسرائيِل.. نتيِجة لشراسة رجال قوات الصاعقة المصريِة الذيِن كانوا يِظهرون فيِ كل مكان وسط زراعات المانجو. ولذلك قرر شارون نتيِجة خسائره الكبيِرة فيِ اتجاه الإسماعيِليِة أن يِعيِد ترتيِب أوراقه.. وقرر أن يِندفع بقواته جنوبا فيِ اتجاه السويِس.. ليِكون هدفه السويِس بدلاً من الإسماعيِليِة.
وهنا نالت الخطة الإسرائيِليِة درجة واحدة من معهد الدراسات الاستراتيِجيِة تحت مفهوم المرونة فيِ تنفيِذ الخطة ما دام الهدف كما هو الاستيِلاء على هدف حيِويِ يِتم التفاوض به عند توقف القتال لتكون مديِنة السويِس بدلا من الإسماعيِليِة.
ويِقول شارون إنه.. لم يِركب طائرة الإخلاء.. إلا بعد أن تأكد أن قواته بدأت فيِ التحرك نحو السويِس.. وغيِرت اتجاهاتها من الإسماعيِليِة إلى الجنوب. وبدأ سؤال خبراء معهد الدراسات الاستراتيِجيِة لى عن خطة القوات المصريِة ضد عمليِات شارون.. وأوضحت أن القيِادة العامة المصريِة أمرت بتحريِك اللواء 25 مدرع من الجيِش الثالث شرق القناة.. وكان هذا اللواء مسلحا بالدبابة ت 72 التيِ كانت أحدث الدبابات فيِ الجيِش المصرى ذلك الوقت.. وكان هذا اللواء كاملاً دون أيِ خسائر.. لأنه حتى ذلك الوقت لم يِدخل أيِ معركة.. واندفع اللواء 25 مدرع وتقدم ببطء وحذر شديِد.. من رأس كوبرى الجيِش الثالث فيِ اتجاه الدفرسوار على البر الشرقي.. ليِقفل الثغرة بيِن الجيِشيِن الثالث والثاني.. وقبل وصول اللواء 25 مدرع إلى رأس كوبرى الجيِش الثانى بنحو 20 كيِلومترا، كان قد وصل إلى ميِدان القتال قبلها بساعة واحدة الملازم «جوفي» ومعه كتيِبة صواريِخ «تو» الأمريِكيِة الجديِدة.. التيِ كانت قد وصلت إلى العريِش منذ ثلاثة أيِام وتم تدريِب الأطقم الإسرائيِليِة عليِها هناك. وخلال المناظرة.. تم سؤال هذا الضابط الإسرائيِلى »جوفي« فيِ مقابلة تمت معه فيِ إسرائيِل.. عما حدث.. قال لقد وصلت لمنطقة القناة، وشاهدت وأنا متحرك غبار حركة اللواء 25 المدرع المصري.. وأمرنى قائد الجبهة بعمل ستارة مضادة للدبابات.. وقمت بإيِقاف تقدم اللواء المدرع المصرى نظراً لدقة الإصابة العاليِة لهذا النوع من الصواريِخ الذيِ كان مفاجأة للمصريِيِن.
وجاء تعليِق معهد الدراسات الاستراتيِجيِة.. ليِقول إن تطبيِق شارون نظريِة الاقتراب غيِر المباشر.. كنظريِة عسكريِة علميِة.. سليِمة.. أما التطبيِق فكان لا يِتفق مع أسس ومبادئ القتال.. وذكر الخبراء.. أن شارون.. لم يِؤمن منطقة العبور بأيِ قوات.. وأن التنفيِذ أشبه بعمليِة خاصة يِطلق عليِها إغارة بالقوة.. أو إغارة عسكريِة.. يِمكن أن تنفذها وحدات خاصة وليِست عمليِة عسكريِة رئيِسيِة لها هدف هو الاستيِلاء على مديِنة ذات أهميِة استراتيِجيِة.. وأكد خبراء معهد الدراسات الاستراتيِجيِة أن قرار القيِادة العامة المصريِة بدفع اللواء 25 مدرع كان سليِماً.. يِستحق عليِه نقطتيِن أيِضاً.. ولكن دخول بطاريِات الصواريِخ تو.. غيِر من ميِزان القتال.. وكان تعليِق خبراء مركز الدراسات الاستراتيِجيِة.. لو كان اللواء 25 مدرع قد نجح فيِ معركته شرق القناة.. ولو كانت سرعة اللواء منذ خروجه من رأس كوبرى الجيِش الثالث أفضل.. لكان شارون.. وقواته قد تم تدميِرهم أو أسرهم غرب القناة.. ولتغيِر الموقف العسكري.. والسيِاسي.. فيِ الشرق الأوسط.. لعدة أعوام.. وقال خبراء معهد الدراسات الاستراتيِجيِة فيِ لندن.. أننا لا نوصى لأى قائد أن يِنفذ فكر ليِدل هارت بهذه المغامرة غيِر المحسوبة وغيِر المؤمنة.. وأن شارون يِجب أن يِشكر الملازم جوفى وأمريِكا على صواريِخ تو التيِ لولا تدخلها لفشلت العمليِة بالكامل. واحتد شارون بشدة على هذا التحليِل من خبراء معهد الدراسات الاستراتيِجيِة وقال لهم.. أنا الذيِ حولت هزيِمة إسرائيِل المهيِنة إلى نصر على ضفاف القناة.. أنا الذيِ رفعت العلم الإسرائيِلي.. فوق إفريِقيِا.. أنا الذيِ جعلت المفاوض الإسرائيِلى فيِ مباحثات الكيِلو 101 قادراً أن يِكون نداً للمفاوض المصري، وبعد العار الذيِ جلبه ديِان يِوم 9 أكتوبر 1973.
وكان السؤال الأهم من خبراء معهد الدراسات الاستراتيِجيِة.. جنرال شارون.. إن خسائر إسرائيِل فيِ معركة الدفرسوار فقط تساوى خسائر إسرائيِل كلها فيِ حرب 1956 و1967.. ولذلك فإن من أطلق عليِك الجنرال الدموي.. لم يِكن مخطئاً.. وثار شارون.. وأضاف لقد أعدت لإسرائيِل هيِبتها التيِ فقدتها فيِ هذه الحرب.
ولكن ما يِهمنى هو السؤال الأخيِر فيِ الحلقة وكان موجها للجنرال شارون قبل أن يِنتهى وقت البرنامج.. سأله خبيِر معهد الدراسات الاستراتيِجيِة.. الجنرال شارون. فيِ رأيِك..؟؟ ما هيِ مفاجأة حرب أكتوبر بالنسبة لك من المصريِيِن.. هل هجومهم يِوم عيِد الغفران والحيِاة متوقفة فيِ إسرائيِل؟ هل هجومهم فيِ منتصف النهار وهو أمر لم يِكن متوقعا؟ هل قيِامهم بإغلاق مضيِق باب المندب فيِ مفاجأة أذهلت إسرائيِل؟ هل لأنهم نجحوا فيِ التنسيِق مع سوريِا لشن الهجوم فيِ توقيِت مشترك؟ هل لأنهم هجموا بطول مواجهة القناة.. وهو أمر لم يِكن فيِ تخطيِط.. وحسابات وتوقعات الجانب الإسرائيِلي؟ هل.. هل..؟ وذكر له عدة نقاط أخرى ولكن شارون أجاب.. إن ذلك كله لم يِكن مفاجأة لنا.. إن بعض ما ذكرته ربما كان خارج توقعاتنا.. وحساباتنا.. مثل إغلاق مضيِق باب المندب.. لكن المفاجأة لى شخصيِاً فيِ حرب 1973.. هيِ »الجندى المصري«.. هذا الجنديِ المصري.. لم يِكن الذيِ قابلته فيِ حرب 1956 أو 1967، فالجندى المصريِ فيِ الحروب السابقة كان لا يِعرف القراءة والكتابة.. هذه المرة عندما كنت أستجوب الأسرى المصريِيِن بنفسيِ فرأيِت لأول مرة خريِجيِ كليِات التجارة والهندسة والحقوق.. إلخ. أيِضاً الروح المعنويِة لهذا الجنديِ هذه المرة كانت مختلفة تماماً.. وأضاف قائلاً.. إنه وهو متقدم بسريِة الدبابات نحو الإسماعيِليِة.. بعشر دبابات.. وفجأة خرج من بيِن الأشجار 5 جنود من الكوماندوز المصريِيِن »يِقصد الصاعقة« وقال إن خمسة جنود.. ضد عشر دبابات الأمر واضح أنهم جميِعاً قتلي.. وقال إن المفاجأة أنهم أصابوا خمس دبابات إسرائيِليِة.. ويِقول شارون.. هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر.. الجنديِ المصريِ الجديِد.. المتعلم خريِج الجامعات، هذا الجندى المسلح بروح معنويِة عاليِة.. تعلم شراسة القتال.. لم يِعد يِرهبه جيِش الدفاع الإسرائيِليِ كما كان من قبل.. لقد صنعت منه هزيِمة 1967 إنساناً جديِداً.. عكس توقعاتنا بعد 1967.. إننا قضيِنا على الجيِش المصري، وأصبح جثة هامدة غيِر قادر على القتال مرة أخري.
وأضاف شارون.. أنه يِجب على المخطط الإسرائيِليِ فيِ أيِ حرب مقبلة مع مصر.. أن يِضع فيِ حساباته.. نوعيِة هذا الجنديِ الجديِد.. الذيِ لم نقابله من قبل.. وأنهى حديِثه.. هذه كانت مفاجأة حرب أكتوبر لى شخصيِاً.. الجنديِ المصريِ الجديِد.
انتهت المناظرة بحصول القيِادة المصريِة على 8 درجات وحصلت القيِادة الإسرائيِليِة على أربع درجات فقط.. مع توصيِات عديِدة جاءت معظمها سلبيِة فيِ خطط وأداء جيِش الدفاع الإسرائيِليِ.. سواء فيِ الخطة الدفاعيِة لخط بارليِف.. أو أداء معركة شارون غرب القناة.. بيِنما كانت الإيِجابيِات للقيِادة المصريِة.. التيِ أوصى معهد الدراسات الاستراتيِجيِة.. أنه يِجب أن تدرس المعاهد العسكريِة والمراكز العلميِة هذا الفكر المتطور والتخطيِط المتميِز للقيِادة المصريِة، والأداء الراقيِ للجنديِ المصريِ فيِ هذه الحرب..
ويِكفيِ ان أقول إنه فيِ نهايِة العام 73 كان من المفترض ان يِصدر معهد الدراسات الاستراتيِجيِة تقريِره السنويِ Military Balance مع بدايِة عام 74 كما يِحدث كل عام لكنه تأخر ستة اشهر بهدف ان يِتضمن عدد عام 74 المفاهيِم القتاليِة الجديِدة التيِ حققها الجيِش المصريِ فيِ هذه الحرب.
وفيِ كل عام ، وفيِ ذكرى حرب أكتوبر أتذكر تلك المناظرة التيِ عرضت ما قدمه الجيِش المصريِ من تخطيِط وفكر متميِز وأداء مشرف للضابط والجنديِ المصريِ بشهادة قادة إسرائيِل انفسهم لتكون اعظم انتصار للعسكريِة المصريِة فيِ العصر الحديِث .
لمزيد من مقالات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.