احترت واحتار دليلي، فالبابا تواضروس الثانى مستهدف فى حِلّه وترحاله استهدافاً بلغ حد التحلل من أبوته الروحية، وهذا حديث إفك يتترى فيسبوكياً على حوائط ملطخة بسباب البابا. والسبب خطاب البابا المصدّر إلى الأمريكان ومَن والاهم غربياً، البابا فى الخارج كما فى الداخل يرفض التدخل الخارجي، ويستقوى بإخوانه المسلمين من بعد الله، ويرى أن كلنا (كمصريين) مستهدفون، كلنا فى الهم قبط، وكما قال وقوله حق وطنيا: وإن أحرقوا الكنائس سنصلى فى الجوامع وإن أحرقوا الجوامع فسنصلى معاً فى الشوارع، ووطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن. هل كان مطلوباً من البابا أن يسلخ وجه وطنه على الأراضى الأمريكية؟..أكان مقبولاً من البابا أن يجلد ظهر وطنه هناك بين من يضمر العداء لمصر وطناً وشعباً ورئيساً وبابا وشيخاً؟.. هل كان مطلوباً من البابا أن يخرج على بنى وطنه ويستقوى عليهم هناك، ويستعدى عليهم من لم يرحم الأقباط تحت سطوة الإخوان الإرهابيين الذين أحرقوا فى صباح يوم حزين 73 كنيسة بطول وعرض البلاد؟.. ولم يفتح الأمريكان ومن ولاهم أوروبياً فما فى مواجهة الإخوان، أقله حماية للصليب الذى كسر، والجرس الذى سقط ، والأيقونة التى أحرقت . ما المطلوب من قداسة البابا بالضبط.. هل انحرف البابا تواضروس عن بوصلة كنيسة الوطن؟.. هل خالف الطقس الوطني؟.. هل خرج على القواعد الوطنية المرعية فى الكنيسة المصرية؟.. أَلم يقل فينا سلفه المعظم بابا العرب شنودة الثالث نيّح الله روحه: «مصر ليست وطناً نعيش فيه بل وطن يعيش فينا» وهو صاحب المقولة الوطنية الأهم فى مواجهة الأمريكان والمتأمركين: «إذا كانت أمريكا ستحمى الكنائس فى مصر.. فليمُت الأقباط وتحيا مصر». ما المطلوب من البابا تواضروس؟..أيبغض وطنه وهو من طعم لبان الوطنية فى كنيسة وطنية؟.. أيلعن بلده التى هى فى خاطره وفى دمه؟.. البابا يحسن إلى مبغضيه، ويصلى من أجل أعدائه، هكذا أوصاه المسيح عليه السلام فى موعظة الجبل، ويوصيكم البابا (إخوتنا فى الوطن)تبالإحسان والصلاة لأجل الذين يسيئُون إليكم. استهداف البابا كلما سافر إلى الخارج أو صرّح مطفئاً نارا وقودها الناس والحجارة، أو سقط شهيد قبطى ضحية الغدر الإخوانى بيد إرهابية، لا يرعوى لإنجيل، ولا لتعاليم كنسية، وكأن البابا ينقصه إساءات وهو يعانى ويلات الإخوان والسلفيين والتابعين. البابا فى التحليل الأخير رجل دين، يصلى بالناس، يمسك صليباً، وادعاً مسالماً يمشى بين الناس بالمحبة ويطلبها للوطن، وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة. محزن ومؤلم ما يتترى فيسبوكياً وتويترياً وفضائياً وصحفياً فى مقالات، محزن وأنا المسلم أرى الضباع فى الدغل الفيسبوكى تتلذذ بقطعة من لحم البابا، وأشهد أنه لم يفرط فى حق اعتقده، ولم يوالس على ظلم حاق برعيته، ولم يماطل فى حقوق شعبه، ولم يترخص قولاً، ولم ينافق تصريحاً، عينه على وطنه، وشعبه، والشعب عند البابا ليس كما يظنون شعب الكنيسة، ولكنه شعب مصر، ونذر نفسه بابا لشعب مصر، ويحبه المصريون ويبادلهم حباً بحب، ولا يلتفت إلى الصغائر، كبير قبط مصر كبير فى كلمه وتصرفه. وأعلم والله هو الأعلم بذات الصدور، أن البابا يتألم كثيراً، لكنه يدعو لأبنائه ولوطنه. البابا ليس بمعزل عن الناس، ولا يعيش الوطن بل يعيش الوطن فيه، وتعلم على علم آبائه المكرمين، من القديسين والرهبان، معنى حب الوطن، والفداء والتضحية، البابا لا يمارس السياسة بمفهوم الكيد والخديعة والدس والوقيعة، لكنه صادق القول حقاً. ماذا يكسب بابا الأقباط إذا رضى عنه الأمريكان ونَفرَ منه المصريون، البابا راضٍ بمحبة المصريين، محبتهم كنوز يحوزها البابا. البابا يقف على ثغر من ثغور الوطن منافحاً ومدافعاً عن بقائه، الكنيسة ثغر من ثغور الوطن وعمد من أعمدته الراسخة، الكنيسة والأزهر والجيش مثلث القوة المصرية الضارب فى أعماق التاريخ، المثلث الراسخ فى أرض المحروسة يرتوى بماء النيل فصار بنياناً عظيماً اسمه مصر. البابا يعالج القروح الطائفية بماء المحبة، ويعلم أن استهداف الكنيسة من استهداف الدولة. البابا تواضروس لم يفرط فى شيء، ولم يدخر وسعاً فى الوقوف وسط شعبه ممسكاً عصاه، داعماً لهم، داعياً لضحاياهم، محتسباً الشهداء فى حب الوطن. البابا يوازن ويوائم ويطبطب ويربت ويمسح الأحزان، ويصلى بالشعب ويدعو لسلامة الوطن فى الداخل والخارج، يتكلم بلغة واحدة، يظهر بوجه واحد، وجه مصرى أصيل، يعرف الأصول، ولا يتخطاها بحثاً عن شعبية مزعومة وهو من سكن قلوب المصريين، أحبهم فأحبوه، وعطف عليهم فنال احترامهم، وتماهى مع مصائبهم فصار فى القلب منهم.. بوركت أبانا الطيب. لمزيد من مقالات حمدى رزق