مصر الآن لا تقف فقط عند علاج المشكلات الحالية والموجودة بها ولدى المواطن المصرى وفى مقدمتها مشكلات التعليم والبيئة وغيرها بل إنها وبوضوح شديد تسعى للوجود الدولى بما يتفق مع مكانتها الحقيقية التى تستحقها، ولابد ألا ننسى أن مصر بعد ثورة 30 يونيو قامت باستعادة جزء كبير من موقعها الدولى ومن أهمها الوجود فى القارة الإفريقية وتحمل مسئوليتها السياسية والاقتصادية ودعم التنمية والتكامل بين دول القارة لكى تمثل قوة عالمية فى المجتمع الدولى. هذا علاوة على وجود مصر فى المنظمات الدولية ودورها الفعال فى وضع خبراتها ونشاطها فى هذه المنظمات المتنوعة فى تخصصاتها والمنظمات السياسية ويظهر هذا بوضوح عند انتخاب مصر عضوا غير دائم فى مجلس الأمن ثم اختيارها رئيسا للجنة مكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن والمنوط بها تنظيم مكافحة الإرهاب على المستوى الدولى وان تقوم برفع تقاريرها إلى المجلس بعد تجربة مصر فى مواجهة العمليات الإرهابية. ولذلك نجد أن زيارة الرئيس السيسى الأخيرة للصين قد جاءت فى توقيت مناسب وبنظرة مستقبلية لتغيرات موازين القوى الدولية, وهناك ملاحظات كثيرة على سياسة الرئيس الأمريكى مع كل التكتلات الدولية سواء العربية أو الآسيوية حتى مع التكتل الأوروبى وغيرها. وكذلك هناك مشكلات داخل الاتحاد الأوروبى مما دفع بريطانيا إلى الانسحاب من الاتحاد.وفى مواجهة هذا وتزامنا معه نجد أن التكتل الآسيوى قد بدأ يظهر قوته فى المجتمع الدولى وأنه قوة اقتصادية تهدف إلى «الحزام والطريق» وهو أسلوب تعامل جديد لا يهدف إلى أى تغيرات سياسية بل إلى تغيرات تنموية تحقق الاستقرار والسلام والتنمية فى القارة الافريقية وخاصة فى مجال التنمية الجماعية المستدامة والاهتمام الشديد بالتعاون المشترك فى دعم الصناعات وتطوير البنية التحتية وتسهيل المعاملات التجارية وتنمية الاقتصاديات الصديقة للبيئة. ونجد أن منتدى التعاون الصينى الافريقى (فوكاك)الذى شارك فيه الرئيس السيسى لمدة يومين وحضره قادة وزعماء 53 دولة افريقية كان مناسبة للتشاور بين الدول الإفريقية ورسم سياسة مشتركة للتعاون الإفريقى الإفريقى والتعاون الصينى الإفريقى أيضا. وقد أشار رئيس الصين الى الدعم الصينى سواء الصناعى أو الزراعى او فى مجال البنية التحتية أو فى المعاملات التجارية والاقتصاديات الصديقة للبيئة وتطوير القدرات المهنية، علاوة على إنشاء معهد للدراسات الإفريقية فى الصين لدعم فرص التبادل الدراسى وكذلك إنشاء مؤسسات مالية افريقية لسندات داخل الصين. لذا فإن مصر عليها دور وواجب مهم للغاية فى الفترة المقبلة، خاصة أنها ستقوم برئاسة الاتحاد الإفريقى فى العام المقبل ومن ثم نجد أن هذه العلاقة الثلاثية بين مصر وإفريقيا والصين هى نتاج لنظرة مستقبلية لتوازن القوى العالمى. هذا جزء من كثير نتج عن احترام العالم لمصر ودخولها بقوة بخطواتها الموضوعية منذ 30 يونيو فى التوازنات العالمية وخاصة الاقتصادية والسياسية. وفى نفس الوقت فان هذا يتطلب على المستوى المحلى فى مصر مزيدا من العمل والتدريب للعمالة المصرية بما يتناسب مع متطلبات الخبرة والمهنية على المستوى الدولى. إن مصر مهتمة بالعلاقات الثنائية المصرية الصينية بعد ثورة 30 يونيو، حيث بدأت زيارات رجال الأعمال الصينيين منذ 22 فبراير 2014 وبدأت مصر حوارا مشتركا أثناء زيارة وزير الخارجية الصينى لمصر فى أغسطس 2014 وتشكيل لجنة وزارية لتعزيز العلاقات المصرية الصينية علاوة على زيارة الرئيس السيسى الأولى للصين فى 22 ديسمبر 2014 وبداية تعاون حقيقى على أعلى مستوى وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين فى مجال التعاون الاقتصادى والنقل وتوريد المعدات الطبية والطيران المدنى والتعليم والبيئة ، وأكد الرئيس السيسى ترحيب مصر بمبادرة الرئيس الصينى بإعادة طريق الحرير البرى والبحرى الذى يمر بعدد 65 دولة ورحب فى أثناء زيارته للصين فى الأول من سبتمبر 2015 بمناسبة احتفال الصين بعيد النصر الوطنى بالاستثمارات الصينية فى مصر وخاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وغيرها. كل هذا يؤكد أن السياسة المصرية الحالية تسير فى الاتجاه السليم الموضوعى لمصلحة مصر والا تدخل فى شباك أى اتجاه سياسى يمكن أن يسيطر عليها بسياسات اقتصادية ومالية ويمكن أن يعطل تقدمها ونموها تنمية مستدامة. لمزيد من مقالات د. نبيل أحمد حلمى