بملامح وجهه الطفولية التى يتوجها شعر مجعد غير منتظم ..وتحددها لحية تنازلت أخيرا عن كثافتها لتصبح منسقة بعض الشيء.. وابتسامة بريئة مميزة توجته معشوقا لجماهير تكتب حروف أبجديتها من اليسار لليمين وأخرى من اليمين إلى اليسار ليصبح ذلك الطفل محمد صلاح حامد غالى من مواليد 1992 ابن قرية نجريج التابعة لمدينة بسيون فى محافظة الغربية حديث العالم بعد أن صار شابا وواحدا من بين أكثر لاعبى كرة القدم الدوليين شهرة على مستوى العالم وسفيرا فوق العادة لوطنه على الساحة الدولية ويتحول اسمه إلى مو صلاح وفق ما ينطق به أطفال وجماهير بريطانيا..! بعد هدوء تام دام عدة أشهر وكانت الجراح فى طريقها إلى الإلتئام عقب تلك المأساة التى واجهها منتخب الفراعنة بعد مباراتين فقط فى مونديال روسيا 2018 إذ كانت المبارة الثالثة مع المنتخب السعودى مجرد تحصيل حاصل وعندها خرجت مصر رسميا من البطولة التى كانت حلما للجميع على مدى 28 عاما منذ مشاركتنا فى مونديال ايطاليا 1990 إلا أن اتحاد الكرة المصرى كان له رأى آخر ورأى تجديدها فى هجومه غير المبرر على مو صلاح ليصبح هذه المرة محورا لاتهامات عدة بعد كانت سيرته قد اعتادت أن تتسم دوما بالإشادة والاعجاب..وكأننا أصبحنا مدمنين لتشويه أى رمز ناجح وإفشال أى متفوق فى أى مجال..! ضربة البداية جرت عندما دعا اتحاد الكرة «مو صلاح» للانضمام إلى المنتخب فى مباراته مع النيجر التى ستقام يوم 8 سبتمبر الحالى وهو ما دفع وكيل اللاعب إلى إرسال إيميل يوم 11 أغسطس لرئيس الاتحاد هانى أبو ريدة بعدة طلبات خاصة باللاعب لتوفير ظروف مناسبة له للمشاركة فى المباراة بدلا من تلك المهزلة التى جرت فى معسكر مونديال روسيا 2018.. ليرد عليه اتحاد الكرة يوم 16 ويطالبه بإرسال خطاب رسمى طبقا للبيروقراطية المصرية وبعدها أرسل وكيل محمد صلاح خطابا يوم 23 من نفس الشهر بقائمة طلبات ومن بينها: أن يشارك اللاعب فقط خلال التسعين دقيقة لأى مباراة للمنتخب، وأن يوفر مسئولو الجبلاية له حارسا خصوصيا منذ قدومه للقاهرة حتى عودته للندن، بالإضافة لعدم إلزام اللاعب بأى متطلبات خاصة مع الرجوع لوكيله فى الأمور الإعلانية، كما اشترط وكيل اللاعب العودة إليه فى حال إجراء أى حوارات أو صور فوتوغرافية أو مؤتمرات ليس للاتحاد أو المنتخب الحق فيها وهى كلها تمثل حقا طبيعيا للاعب إلا أن اتحاد الكرة رد بأن اليوم إجازة عيد الأضحى وهناك اجتماع للمجلس يوم الاثنين للرد على طلبات اللاعب . ولأن الاتحاد هو اتحاد يجمع هواة لا يستوعبون كيفية التعامل مع المحترفين فقد رآها طلبات مبالغ فيها فما كان من وكيل اللاعب إلا أن منح فرصة لمسئولى الجبلاية حتى مساء يوم الثلاثاء الماضى لتنفيذ طلباته وإلا سيتم إقالة اتحاد الكرة وتهديده بعدم انضمام اللاعب للمنتخب لمباراة النيجر بداعى إرسال خطاب الاستدعاء متأخراً وهو ما أثار حفيظة هانى أبو ريدة الذى رأى أن وكيل اللاعب الذى وصفه بالمدعو محمد صلاح قد تخطى الخطوط الحمراء فى التعامل مع اتحاد الكرة.. وهو بالفعل تجاوز فى التعامل مع اتحاد لا سلطة عليه سوى للفيفا..! الأمر لم يقف عند هذا الحد فقد تطورت الأزمة وبدا معها أن الاتحاد قرر محاسبة اللاعب على خطيئة وكيله باسلوب مخاطبته بهذا التجاوز واضطر معها مو صلاح إلى أن يكشف فى فيديو له بثه على صفحته بالفيس بوك عن كواليس ما حدث فى معسكر منتخب مصر بالمونديال من مهازل كانت أقرب إلى ما يحدث فى أى سوق عشوائى تسبب فيه الاتحاد بسوء التنظيم..إضافة إلى ماجرى فى توريط اللاعب فى أزمة مع شركة الاعلانات الراعية له..! وتوالت حرب البيانات من جانب الاتحاد وبعض اللاعبين الذين رأوها فرصة لتذكير الجماهير بنجوميتهم رغم أن الزمن قد تجاوزهم واتهموا مو صلاح بالغرور والكبرياء على الرغم من أنه يمثل تجسيدا حيا لكل معانى الرقى والتحضر والتواضع والتدين والالتزام إضافة لعشقه لوطنه .. لينهى مو صلاح حرب البيانات التى اشتعلت بقوله: لا أريد الدخول فى صراعات أو مشاكل، لكن لابد من سماع وجهة نظري، وأنا لا أتحدث بإسمى فقط ولكننى استهدف أن يكون اللاعبون فى وضع مريح!. وبعيدا عن حرب البيانات المتبادلة فإن السؤال الذى يطرح نفسه: ألم يكن أمام مجلس الجبلاية الفرصة لمناقشة ما طلبه اللاعب بكل هدوء بدلا من إشعال هذه الحرب لتشويه نجم نقل بلده.. إلى ملاعب الكرة العالمية وساند موقعها على خريطة العالم السياحية دون أن تتكلف مليارات الدولارات لتحقيق كل ذلك؟ ألا تكفى حالة الإحباط الشديد التى أصابت جموع المواطنين عقب خروج فريقنا القومى لكرة القدم مبكرا من بطولة كأس العالم لتدفعنا لأن نقف وقفة موضوعية مع أنفسنا لنبحث عن حل لإنهاء حالة مواجهتنا لأى خلاف بالعنف وتوجيه الإهانات؟!. خروجنا المبكر دائما من أى بطولات جماعية يؤكد ان مشروعنا الجماعى كان فعلا ماضيا وأن الهم الفردى للحفاظ على أى مكسب بات هو الهدف والغاية وأننا أصبحنا نفتقد التنسيق الجماعى فى كل مانقدم عليه... وما دمنا لا نستطيع مواجهة أى مشكلة بسيطة فلننه القصة ونغلق ملف كرة القدم تماما ونفضها سيرة ..! ليست دعوة لليأس أو للمزيد من الإحباط ولكنها أمل فى صحوة لنتبين أين نحن الآن.. لنفيق مما نحن فيه ونحدد بالضبط حقيقة مانعانيه.. وإذا كان الأمل يحدونا فى أن نستضيف يوما ما أى مونديال قادم وإن كنت أستبعد ذلك فلنترفع عن تلك الصغائر ونبدأ فى مواجهة مشاكلنا التى تلتهب بكلمة هنا وكلمة هناك.. ونأمل فى أن نسمع قريبا صافرة الحكم لتنهى تلك الحرب دون أن ننتظر أن نسمع تعبير «إليكم البيان التالى»..! لمزيد من مقالات عبد العظيم درويش