هناك حالة فريدة واستثنائية من الكذب والنفاق والخداع الرخيص بمروحة توجهات وأدوات غير مسبوقة بات من الصعوبة بمكان السكوت عليها هذه المرة. تلك التى تقودها هذه الأيام دولة مارقة فى المنطقة وإعلامها المنحرف والمنفلت من كل عقال وبغطاء تركى رخيص. مضمون تلك الحملة أن مصر قد باعت فلسطينوالقدسالشرقية فى صفقة رخيصة ضمن «صفقة القرن» مع إدارة الرئيس الأمريكى ترامب وأنها قدمت وعودا حسب الادعاءات والأكاذيب القطرية وإعلامها المأجور للمبعوثين الأمريكيين كوشنر صهر ترامب ومبعوثه لعملية السلام فى المنطقة جرينبلات بامكانية التنازل عن القدسالشرقية وجعل قرية أبوديس قرب القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة مقابل التعمير الاقتصادى الأمريكى والدولى فى قطاع غزة. وليت الأمر يتوقف عند هذا الحال فقد عاود الحديث مجددا فى كل المنصات الاعلامية القطرية وفى القلب منها فضائيتها فى الدوحة ولندن الممولة بأموال قطرية وحتى فى مواقع السوشيال ميديا التابعة لها عبر عزف سيمفونية الحقد والكيدية المعادة المملة ضد مصر وقيادتها وشعبها بأن هناك وثائق وهى كاذبة ومزورة بالطبع حصل عليها اعلامها ومنصاته بأن هناك تأكيدات وضمانات مصرية لأطراف أمريكية واسرائيلية بالتنازل عن مساحة 720 كيلو مترا مربعا بشكل مستطيل فى سيناء لتوطين الفلسطينيين فى قطاع غزة ومجاميع فلسطيني الشتات مقابل حصول مصر على أراض بديلة فى منطقة جنوب غرب النقب وبعض المكاسب والمساعدات المالية والاقتصادية. واستقلت هذه الدولة المجهرية فى الاقليم واعلامها التقارير والتسريبات السياسية الأمريكية من قبل ادارة البيت الأبيض وترامب بشأن موعد طرح «صفقة القرن» لتزايد جرعات الكذب الاعلامى يوميا عبر موجات متدرجة فى محاولة على التشويش على مضمون الموقف المصرى الأصيل والثابت الذى أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال لقائه منذ عدة أسابيع لوفد المبعوثين الأمريكيين كوشنر وجرينبلات هنا فى القاهرة بأن موقف مصر ثابت ومبدئى لا يتغير وأنه لاسلام فى المنطقة ولا استقرار ولا نجاح لصفقة القرن تلك وغيرها إلا بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وكذلك حل القضايا الخمس الرئيسية كالحدود واللاجئين والمياه والمستوطنات وغيرها وعودة الحقوق الكاملة للشعب الفلسطينى بما يرتضيه ويقبله. وهكذا هو موقف معلن وثابت ومعلوم للكافة فى المنطقة والعالم، حيث صدر بيان مصرى قوى عقب استقبال السيسى لهذا الوفد الأمريكى. ولكن لماذا هذا التناقض والإسقاط من قبل قطر وإعلامها على هذا الموقف المصرى حاليا؟ الاجابة ليست صعبة أو مخفية وإنما واضحة وضوح شمس الظهيرة فى أغسطس خاصة بعدما تم كشف النقاب وعلى لسان مسئول قطرى نفسه هو محمد العمادى السفير القطرى المسئول عن ملف إعادة إعمار غزة بأن هناك مفاوضات سرية تستضيفها الدوحة حاليا بين اسرائيل وقيادة حركة حماس من أجل إقرار صفقة القرن وإعادة إعمار غزة وجعلها العاصمة الاقتصادية لدولة فلسطين المرتقبة وأن كل هذا يتم بعلم ومساندة الولاياتالمتحدةالأمريكية. ناهيك عن عجز وفشل تسويق تلك الترهات التى عجزوا طيلة ست سنوات حتى أثناء حكم مرسى والإخوان الارهابية عن التنازل عن مساحات شاسعة فى سيناء لتوطين الفلسطينيين وسكان قطاع غزة وجعلها عاصمة الدولة الفلسطينية، لأن القاصى والدانى ليس فى مصر بل فى المنطقة والعالم يعلم أن كل ما يروج له فى هذا الشأن ضد إرادة وصلابة المواقف المصرية وكذلك دستور الدولة المصرية الذى جاء فى مقدمة فصله وبابه الأول أن وحدة وسلامة الأراضى المصرية وحدة واحدة لايمكن لأى كائن من كان التنازل عن شبر أو سنتيمتر واحد منها كما لايحق لأى رئيس أو حاكم المساس بوحدة وسلامة تلك الأراضى، فما بالنا إذا كان الرئيس الآن هو عبدالفتاح السيسى الذى خبر الحرب والشهادة بجيشه وقواته المسلحة لاستعادة سيناء والأراضى المصرية وقدمت مصر أكثر من 100 ألف قتيل فى الحروب مع اسرائيل لاستعادة كامل أراضيها وترابها. وهذا نهج وطنى لم يخالفه أى من الزعماء المصريين منذ عبدالناصر ومرورا بالسادات ومبارك ووصولا للسيسى، كما أن مروجى هذهالخرافات الآن وفى هذا التوقيت قد فاتهم أن مصر خاضت حربا قانونية وسياسية مع الكيان الاسرائيلى استغرقت قرابة 9 أعوام من أجل استعادة كيلو متر واحد فى طابا وربحت مصر هذه القضية بتفوق وامتياز من أجل استعادة آخر كيلو متر من أراضيها.. فكيف لهؤلاء الغافلين أن تتنازل عن 720 كيلو من سيناء لإقرار وإتمام صفقة القرن ومواقفها واضحة ساطعة. وقد يتساءل البعض متى يتوقف هذا النهج القطرى من الكذب والكيدية كل يوم ضد مصر ،فى تقديرى أن ما تفعله قطر وغيرها فى المنطقة من الدول المارقة كتركيا وايران هو استمرار لحالة السيولة السياسية غير المسبوقة التى يعيشها الشرق الأوسط من التوتر والأزمات المتواصلة نتيجة ممارسات وجرائم وعدوانية قطر واحتضانها الجماعات الارهابية وامتلاكها أموالا وإعلاما مضللا وأصدقاء منفلتين مارقين فى أنقرة وطهران للسيطرة والتمرد والتموضع فى الاقليم على حساب المصالح العربية والأمن القومى العربى. ولما كانت مصر قد عادت بقوة واستطاع السيسى إعادة تصويب ونجاح سياسة مصر الخارجية بقوة واندفاعة ثوابتها ومصداقيتها كان لزاما اندلاع وتيرة الغيرة والكيدية والتكتل ضد مصر ومصالحها وخلق الأكاذيب للنيل من نجاحها وعودتها للاقليم بقوة، وكذلك نشر محاولات فاشلة لتكسير أقدام نجاحاتها الداخلية حاليا ومشروعاتها التنموية واقتصادها البازغ حاليا، وهم جميعا فى الدوحةوأنقرة وطهران لم ينسوا الآن أن العودة المصرية للإقليم أحدثت تحولا وتغييرا خطيرا فى ميزان القوى الاقليمى. ولذا كان لازما عودة مصر سريعا إلى محيطها العربى، لأنها حاجة مصرية ملحة وحاجة عربية واقليمية ضرورية. ولذا لاعزاء بعد اليوم للكاذبين والكارهين والمتآمرين والمأجورين والمأمورين أيضا فى قطر الذين لايملكون لا سلطة ولا قرارا ولاحتى حماية أنفسهم. لمزيد من مقالات ◀ أشرف العشرى