تفيض مشاعر ضيوف الرحمن زوار مكةالمكرمة والمدينة المنورة عند تجولهم في أقسام معرض «السلام عليك أيها النبي» مبدين إعجابهم بما يحتويه من معلومات تاريخية ومجسمات ولوحات تحكي واقع الحياة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال اطلاعهم علي أروقة المعرض الذي يضم عددا من النصوص المستمدة من الأحاديث الصحيحة من خلال تصميم حديث ومميز يليق بالسيرة النبوية ومكانتها العالمية. و«السلام عليك أيها النبي» هو مشروع علمى عالمي، عصرى تجديدي، إنسانى حضارى يقع فى مكةالمكرمة، رسالته التعريف بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم، وبرسالته السّامية، وشريعته السمحة، ويعرض المشروع - المقام فى مكةالمكرمة - من خلال شاشات عرض ضخمة ومجسمات بالحجم الطبيعي، لكل ما ورد ذكره فى القرآن الكريم والسيرة النبوية من أدوات، ومقتنيات، وملابس، وغيرها، تحاكى ما كانت عليه فى عهد النبي. وفى حوار مع «الأهرام» قال الدكتور ناصر مسفر الزهرانى مؤسس المشروع، أن إحياء القيم الواردة فى السنة النبوية الشريفة، يعد ضمانة لحماية الشباب من التطرف، موضحا أن مشروعه الإنسانى الحضارى العالمى للتعريف بسيرة النبي، بدأ فى مكَّة المكرَّمة وانتشر فى مصر، ويلقى رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وزاره فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف ومفتى مصر. وأكد أن مصر قادرة على هزيمة الإرهاب فكريا وعسكريا، وأن الجهود التى تبذلها مصر تدل على مكانتها فى العالم العربى والإسلامي.. وإلى نص الحوار: مشروع «السلام عليك أيها النبى» يعد نموذجا متميزا فى التعريف بأخلاق الإسلام، ماذا عن آلية عمله وكيف يسهم فى تصحيح المفاهيم؟ تقديم السيرة والسنة فى ثوب جميل يعد من الأمور الفاعلة فى طريق محاربة الغلو والتطرف، والمشروع يضم متاحف ومجسمات فريدة ورسومات وصورا تاريخية لمكةالمكرمة والمدينة المنورة والمسجد الأقصى، مع قسم كامل لمصنوعات توضيحية لمقتنيات وأثاث وسلاح وأوان وملابس تحاكى ما كان فى زمن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، لتجسيد صورة ذلك العصر بكل أشكال الحياة فيه، كما تتضمن هذه المعارض والمتاحف تعريفا شاملا بالأنبياء والرسل وكريم أخلاقهم، إضافة إلى موضوعات متنوعة تظهر عظمة الإسلام بطرق مبتكرة ووسائل حديثة، وتقنيات متطورة، كما تشتمل على شرح مفصل عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وعرض شامل بأبدع الوسائل وأحدث التقنيات لجميل أوصافه، وسمو شريعته التى تدعو إلى الحب والسلام والمودة والتراحم. والمشروع يلقى كل الدعم والمساندة لأنه يقدم صورة الإسلام الحقيقية، لأن الناس ربما لا تقبل كثرة الخطب، والكثير من الناس قد يميل أكثر للمعارض أو الصور والمجسمات التى تُقدم فى تقنية معينة، فهذا يكون له تأثير مباشر وقوى فى بيان عظمة وحقيقة الإسلام. شاركت فى مؤتمر «مواجهة الإرهاب» الذى عقد بالقاهرة مؤخرا، كيف ترى أفضل سبل المواجهة الفكرية؟ المؤتمر وضع خطط عمل حقيقية للمواجهة الفكرية، والمؤتمر بحق يعد دليلا على مكانة مصر فى العالم العربى والإسلامي، لكننى أرى أننا يجب ألا نضيع الوقت فى الدفاع عن الدين، لأن الإسلام ليس متهما، فالإرهاب لا دين له ولا وطن، ويجب أن نركز على بيان سماحة الإسلام وكشف أكاذيب الجماعات المتطرفة، لأن الإسلام برئ من تصرفات تلك الجماعات، لأن مبادئ الإسلام تقوم على حفظ الدين والنفس والمال والعقل والعرض، لكن هذه الجماعات مأجورة وتنفذ خطط أعداء الدين والوطن، وأرى أن تقديم الإسلام للناس فى ثوبه الصحيح، يعد محاربة قوية وفاعلة للإرهاب لأنه بضدها تتميز الأشياء، فلكى نحارب الفكر الضال المنحرف، يجب علينا أن نظهر حقيقة الإسلام، وأنه يختلف تماما عن تصرفات الجماعات الإرهابية، فالإسلام ضد التطرف والعدائية التى لا تليق بالإنسانية، وحتى نقتلع الإرهاب من جذوره علينا بجانب المواجهة العسكرية، أن نقدم صحيح الإسلام، ونبين للناس أن هذا هو الإسلام الذى يحترم المخالف فى الرأي. وكيف يمكن إحياء القيم الواردة فى السنة النبوية الشريفة لحماية الشباب وتحصينهم ضد الفكر المتطرف؟ أرى أن عودة منظومة القيم والأخلاق أهم ما يجب أن نركز عليه، لأن الجماعات المتطرفة تسعى بكل قوة لنشر الفوضى فى المجتمعات، وإحياء القيم الواردة فى السنة النبوية الشريفة ضمانة لتحصين الشباب، فإذا كانت الجماعات الإرهابية تسعى لضرب مفهوم الدولة الوطنية، وتعمل على تجنيد الشباب ضد أوطانهم، فإن واجب العلماء أن يوضحوا للناس موقف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكةالمكرمة إلى المنورة، هذا الموقف الذى تجسد فيه مفهوم حب الأوطان، وهناك الكثير من المواقف فى السيرة النبوية، نستطيع من خلالها أن نغرس القيم والأخلاق لدى الأجيال الجديدة، وفى نفس الوقت فإن تلك المواقف تعكس الوجه المشرق للإسلام، فهذا هو السبيل الوحيد لمواجهة الفكر المنحرف، لأنه كما قلنا بضدها تتميز الأشياء، فالإسلام هو دين الأخلاق والرحمة والإنسانية، وكل ما يؤدى لهذه القيم هو من جوهر الدين . وما النصائح التى توجهها للشباب فى ظل التحديات الكثيرة التى تواجههم؟ أنصح الشباب بأخذ العلم من العلماء والدعاة المشهود لهم بالوسطية والاعتدال، ويعلم الشباب أن حب الأوطان والدفاع عنها من الإيمان، لأن التحديات التى تواجه الشباب حاليا تتطلب مواجهة حاسمة، فوسائل التواصل الحديثة لها الكثير من الايجابيات، لكن من المهم توعية الشباب بمخاطرها، ومن الضرورى أن نستخدمها فى الايجابيات ونستفيد منها، الشباب فى حاجة لمن يقدم لهم العلم الصحيح ويأخذ بهم للطريق القويم، كما أن تحذير الشباب من الفكر المتطرف يعد قضية الساعة، لأن كل الممارسات التى تقوم بها الجماعات المتطرفة، تستهدف السيطرة على عقول الشباب، وبث أفكارها المتطرفة فى عقولهم، ولذلك من الأفضل أن نبادر ونصحح المفاهيم لدى الشباب، ونقدم لهم المثل والقدوة. الغرب لديه صورة خاطئة عن الإسلام كيف يمكن أن نبين حقيقة الإسلام ونرسخ قيم التعايش لدى المسلمين هناك؟ رسالة الإسلام هى رسالة عالمية والنبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال فى الحديث الشريف «بلغوا عنى ولو آية»، ومن ثم يجب التواصل مع المسلمين الذين يعيشون خارج العالم الإسلامي، فهؤلاء هم سفراء للإسلام فى البلاد التى يعيشون فيها، والمؤسسات الدينية الرسمية فى العالم الإسلامى تتواصل معهم بشكل جيد، من خلال إيفاد العلماء والدعاة فى رمضان والمناسبات الدينية الأخرى، وهذا أمر جيد للغاية، لكن علينا أن نركز على عدة أمور، لعل أهمها التركيز على قيم المواطنة فى الإسلام، وضرورة التعايش السلمى والتسامح.