الأعباء هائلة والتحديات جسام، فكانت المواجهة بالعمل الدءوب والجهد الفائق الجاد من أجل سرعة دوران عجلة الاقتصاد ومعها فرص العمل وقبل ذلك كله بعث الثقة والأمل والاستقرار فى نفس الوطن الجريح النازف اقتصاده بعد مرحلة من الفوضى والانفلات الأمنى ومحاولات تغيير وسطية الهوية الوطنية والاقتراب من هاوية الإفلاس. لقد شهدت مرحلة استعادة الدولة وأركانها مشروعات قومية كبرى استقرت أقدامها وأصبحت كيانات قوية تعمل فى شكل شركات تتقدم طبيعيا ولم تعد تحتاج الى عناية خاصة تستقطع الجهد والفكر والزمن مثلما احتاجت فى مراحل ولادتها الصعبة. وبالتالى فاعتقادى أن مشروعا للتنمية المحلية من أجل تحقيق جودة الحياة هو المشروع القومى الذى نحتاجه مواكبا للمرحلة الجديدة محققا اقترابا أكبر من تفاصيل حياة الملايين فى العزب والنجوع والقرى والمدن فى الدلتا والصعيد وجميع أرجاء الوطن. أتمنى أن يحمل خطاب التكليف للوزارة الجديدة توجيها واضحا بأن مهمتها الأولى هى التنمية المحلية وصولا الى الهدف الأسمى وهو التحسن الحقيقى فى جودة حياة المواطن وفقا للمعايير العالمية، وذلك بالتركيز على التحرك الواعى فى المحافظات مع المتابعة المكثفة وقد يقتضى الأمر أن يحتفظ رئيس الوزراء بحقيبة التنمية المحلية أو أن يكون وزير التنمية المحلية نائبا لرئيس الوزراء لتكون رسالة واضحة بأهمية الهدف. التنمية المحلية أصبحت فى حاجة ملحة لدفعة قوية نحو التحديث والحيوية خروجا عن النمطية لملاحقة ما يحدث على أرض الوطن من خلال التركيز على عملها وتفعيل المخططات التنموية ودعم تمويلها ومساعدتها على تدبير مواردها الحكومية والذاتية حتى تستطيع القيام بمهمتها الهائلة فى تحقيق جودة الحياة. علمتنا التجارب أن جودة حياة الإنسان المصرى لن تتحقق كما نرجوها إلا من خلال تنمية محلية تعى جيدا أبعاد محاورها الاقتصادية، الخدمية، العمرانية، الثقافية، الاجتماعية والبيئية على مختلف مستوياتها من النجع الى القرية والمدينة تعتمد على رؤية واضحة تدفع بقيادات نابهة لرئاسة القرية يتم اختيارها بدقة وبشرط الخبرة والعلم المتخصص على نفس المستوى، إن لم يكن أكثر دقة، من اختيار رئيس المدينة والمحافظ نظرا لقربها المباشر من المواطن، وبالتالى تعاظم دورها وتأثيرها التنموى. أثق إننا لو اتخذنا من «التنمية المحلية طريقا لجودة الحياة» مشروعا قوميا وتعاملنا معه بنفس القوة والإصرار والمتابعة الدقيقة مثل باقى مشروعاتنا الكبرى، فسوف نرى تغييرا ايجابيا كبيرا فى وجه الوطن كليا خلال عامين على الأكثر، وسوف يشعر المواطن المصرى بالتحسن الملموس فى نسب الجودة بحياته. إن محلية التنمية هى الأساس الحقيقى الوحيد والأسرع فى الوصول الى كل مواطن فى قلب وأطراف الوطن وهى الضمان لتوازن وعدالة التنمية تحقيقا لجودة الحياة.
------------------------------ وزير الإسكان ومحافظ دمياط الأسبق لمزيد من مقالات د. محمد فتحى البرادعى