اشتهرت الفنانة متعددة المواهب روزان بار بين مشاهدي الشاشة الصغيرة بمسلسلها الكوميدي الذي يحمل اسمها «روزان». ظهرت أولي حلقات هذا المسلسل علي شبكة «إيه بي سي» أواخر الثمانينات واستمر حوالي عشر سنوات، وتدور أحداثه حول ملابسات الحياة اليومية لأسرة تمثل الأمريكيين البيض من الطبقة المتوسطة الدنيا. وكانت المفاجأة عندما قررت الشبكة إعادة إحياء المسلسل وتقديم جزء آخر منه في مستهل العام الحالي، لكن المفاجأة الأكبر أن المسلسل يحقق نجاحا كبيرا بعد أن تقدم جميع أبطاله في العمر عشرين عاما. وفي نسخته الجديدة، يطرح المسلسل محاكاة للواقع السياسي في أمريكا حيث الانقسام بين الجمهوريين اليمينيين والديمقراطيين الليبراليين في صورة مفارقات كوميدية بين أفراد هذه الأسرة المنقسمين بين الفريقين. وجسدت روزان في أفضل صورة شخصية الأمريكية البيضاء المؤيدة للرئيس ترامب، وهي شخصيتها في الواقع. وبينما تتمتع روزان بعودة قوية إلي أضواء الشهرة، وهي في الخامسة والستين من العمر، إذا بها تفاجئ الجميع بتغريدة تقول فيها إذا حدث تزاوج بين الإخوان المسلمين وفيلم كوكب القردة، ستكون النتيجة في.جي، الحرفين الأوليين لفاليري جاريت، مستشارة الرئيس أوباما ذات الأصول الإيرانية. التغريدة تعكس كراهية وعنصرية علي أكثر من مستوي، فهي لاتعني الجماعة الإرهابية بقدر ماتخص المسلمين بصفة عامة، كما تسخر من ذوي البشرة السمراء. وأثارت تغريدة «روزان» ردود فعل متباينة. فهناك من رأي التغريدة ممارسة مشروعة لحرية التعبير، وأن رد الفعل ضدها تحيز لأنها ليست الوحيدة التي تعبر عن أفكار عنصرية، بل هناك بعض السياسيين وكثير من إعلاميي اليمين المتطرف، بل وهناك رئيس البلاد نفسه. رأي آخرون أن الهجوم علي روزان مؤامرة من جانب الليبراليين لإسكات صوت المحافظين. وهناك علي الجانب الآخر من يري أن تغريدة روزان العنصرية تسئ إلي القيم المحافظة ولا تعبر عنها، وأن الفنان المتعصب أشد خطرا علي المجتمع من السياسي لأن الفن يشكل الوجدان ويؤثر في بنية المجتمع. وبعد ساعات قليلة من هذه التغريدة، أعلنت رئيسة المنوعات في شبكة «إيه بي سي» تشاننج دانجي إيقاف مسلسل «روزان» بعد أن وصفت تغريدتها بأنها مثيرة للاشمئزاز ولاتتفق مع القيم التي تتبناها الشبكة التليفزيونية، وقد تكبدت الشبكة خسائر مادية فادحة بسبب هذا القرار. وبينما كان ممكنا أن تكتفي الشبكة بإدانة التغريدة دون أن توقف المسلسل، إلا أن هذا الموقف يؤكد أن الفن في جوهره مسئولية أخلاقية، وأنه من غير المقبول دفع ملايين الدولارات لفنانة تتمتع بقدر وافر من الجهل، بحيث تعتقد فعلا بأفكار عنصرية، وبقدر أوفر من الغباء بحيث تعلنها علي الملأ. ومع ذلك لم تسلم الشبكة من الانتقاد لإقدامها أصلا علي إنتاج هذا المسلسل ، الذي لم تخل حلقاته من اسقاطات كوميدية سواء ضد المسلمين أو السود، وأنه بدلا من إنتاج مسلسل يخص حياة الأمريكيين البيض اليومية، كان من الأجدر إنتاج مسلسل يخص حياة الأمريكيين من بيض وسود وأقليات مختلفة. وإذا كانت روزان تعبر عن شريحة ظهرت بوضوح بين الأمريكيين البيض منذ حملات انتخابات الرئاسة الأمريكية في صيف 2016، حيث يشعر هؤلاء بأن من المقبول أن يعبروا عن تحيز عنصري وكراهية، فإن مايُحسب لشبكة إيه بي سي أنها اتخذت قرارا حاسما ، يؤكد أن القبول والتسامح لا العنصرية هي القيم التي يجب أن تسود المجتمع الأمريكي، وأن الفنان العنصري ليست له قيمة. درس مكلف تعلمته روزان بار التي بعد سلسلة من الاعتذارات والتبريرات أعلنت في تغريدة لاحقة أنها ليست عنصرية، بل مجرد إنسانة حمقاء.