ضل سعيها فى المطبخ وهى تظن أنها تحسن صنعا!! ما هي أفضل عجينة؟ ما طرق تشكيل التوست؟ أين أجد الأواني الجديدة والكاسات المبهرة؟ ما أجمل الحافظات للشوربة؟ ما جديد ترامس القهوة؟ ويبدأ اللهاث الذي لا ينتهي إلا في ثاني أيام العيد حين يغشى الناس النعاس ويسيطر على البيت الخمول، ويغطون في سبات عميق!! بعد أن طويت صحائف رمضان ونال العتقاء من النار أعظم منحة ورفعت الأقلام وجفت الصحف. جدير بنا أن نتأمل في هذه الأيام في شهر القرآن لنعدّ العدة، لا بعد فوات الأوان. إن ثمة فكرا مغلوطا يسيطر على قناعاتنا أو يوافق أهواءنا المختنقة بدخان الدنيا وزخرفها يدفع بعض النساء لتحتجَ بأنها مأجورة في كل ذلك اللهاث، لأنها تفطّر صائمين حتى لتكاد تعتقد أن كل صنف من الحلوى يعدل في الأجر جزءا من القرآن، و كل دقيقة في المطبخ لتقطيع العجين و تلوينه تبلغ ركعات التراويح أو تفوق، وأنّ ساعات من البحث في الشبكة عن جديد المقالي والعجائن لا ينقص أجرا عن عمرة أو اعتكاف، كيف تسلل ذاك الاعتقاد المقيت إلى البيوت المسلمة فخدّرها عن العبادة، وزين لها الركون إلى تفطير الصائمين، عن تحقيق معنى الصوم الحقيقيّ في ذاتها؟ لا أدري أي حديث صحيح أو ضعيف استندت إليه الأسرة المسلمة وهي تبدّد لحظات لا تعود بحيلة نفسية توهمها أن مجرد ملء بطون أبنائها وزوجها يسوّغ لها نسيان نفسها اللاهثة التي ربما لم تكترث لتدخر لها دقائق قبل الأذان فتوافق دعوة لا ترد؟ بل قد تراها تحمل الصحن الأخير لسفرتها العامرة بعد أن فرغ المؤذن من أذانه غير آسفة على لحظات حرمت فضلها، ليعود ما تبقى من أطباقها ويستمر المسلسل! وأعجب من الرجل هو يتكئ على جدار الفناء يقرأ القرآن أو يغادر المنزل ليخلو في المسجد يوشك ان يختمه دون أن يفكر لحظة في تلك المسلمة التي ضلّ سعيها في مطبخها وهي تحسب أنها تحسن صنعا! ربما لا يعجبُ كثيرا من الأزواج والزوجات ما أقوله، ولكنه الحق الذي قد لا تقبله كل النفوس حتى وإن كان في هذا الحق سعادة الدارين، إن صنيعك يخالف الحديث الصحيح والعقل الصريح من عدة أوجه، الأول: لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الاستكثار من الطعام على وجه المدح أبدا بل قال: “ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه”. الوجه الثاني: اعتزال رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وترك المباح في العشر لدليل قوي لا يعتريه شك أن الأصل في رمضان حصول الروحانية والتجرد بخلاء البطن وصفاء الذهن لا الاستزادة على غير المألوف. الوجه الثالث: أن السلف رحمهم الله كانوا ينصرفون عن كل العلوم النافعة ليتفرغوا للقرآن في شهر القرآن. دربي أبناءك على أنّ رمضان يحلو بغير تلك الأصناف واربطيهم بذكريات جميلة كعمرة أو اعتكاف أو صدقة أو زيارة أسرة محتاجة. وساهمي في تعديل ثقافة المجتمع ولنجعل رمضان لما شُرع له.