وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    شتاء الألبان يكشف الحقيقة: إنتاج قياسي يطيح بالأسعار… والمنوفي يعلنها بالأرقام    رئيس الوزراء يتفقد الوحدة البيطرية بقرية "نوى" ضمن مشروعات "حياة كريمة" بالقليوبية    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    توزيع 2 طن من لحوم صكوك الأضاحي على الأسر الأولى بالرعاية في الجيزة    بتنسيق أمريكي.. مؤتمر في الدوحة حول "قوة غزة" الدوحة الثلاثاء المقبل    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    ترامب يرسل موفده إلى برلين للقاء زيلينسكي ومسؤولين أوروبيين بشأن أوكرانيا    بعد إصابته بالصليبي.. ارتباك في الأهلي بسبب يزن النعيمات    دونجا يكشف سر نجاح بيراميدز    ارتدوا الشتوي.. الأرصاد للمواطنين: لن يكون هناك ارتفاعات قادمة في درجات الحرارة    وفاة عروس اختناقا بالغاز بعد أسابيع من زفافها بالمنيا    الحالة المرورية اليوم السبت.. سيولة بالقاهرة والجيزة    سقوط تاجر منشطات مجهولة المصدر وبحوزته أكثر من 5 آلاف عبوة    ضبط أكثر من 121 ألف مخالفة مرورية وفحص 1194 سائقًا خلال 24 ساعة    حريق يلتهم أتوبيس في كفر الشيخ دون إصابات.. صور    السياحة والآثار توضح الحقائق بشأن ما أُثير مؤخرا حول المتحف المصري الكبير    أول تعليق من أحمد السقا بعد حذف فيسبوك فيديو دعمه لمحمد صلاح    الأعلى للثقافة: كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس ويؤكد القيمة العالمية لجبانة منف    توقيع بروتوكول لتطوير المعامل المركزية للرقابة على الإنتاج في «فاكسيرا»    نائب وزير الصحة تبحث مع «يونيسف مصر» اعتماد خطة تدريب شاملة لرعاية حديثي الولادة    وزارة العمل: تحرير 463 محضرا لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    إسرائيل تشن حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في الضفة الغربية    آخر مستجدات تطور العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية بقيادة السيسي وماكرون    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    جهود مكثفة لرفع مياه الأمطار من شوارع مدينة كفرالزيات بالغربية    بيت الطين يتحول إلى قبر بالدير.. مأساة أسرة كاملة فى جنوب الأقصر    موعد مباراة برشلونة وأوساسونا في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    افتتاح أيام قرطاج السينمائية بفيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن مارى جاسر    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتلقى هزيمة مذلة أمام أنجيه بالدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يتفقد مكتبة مصر العامة ومستشفى شبين القناطر المركزى    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    معرض جدة للكتاب ينظم ندوة عن تحويل الأحداث اليومية البسيطة إلى قصص ملهمة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    مقررة أممية: تكلفة إعادة إعمار غزة يجب أن تسددها إسرائيل وداعموها    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    " سلبيات الأميّة الرقمية وتحديات الواقع ومتطلبات سوق العمل ".. بقلم / أ.د.أحلام الحسن ..رئيس القسم الثقافي.. إستشاري إدارة أعمال وإدارة موارد بشرية    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    محكمة بوليفية تأمر بسجن الرئيس السابق لويس آرسي 5 أشهر    الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة تفتح ملف العدالة والتعويضات نحو مقاربة شاملة لإنصاف أفريقيا    حبس عاطل بتهمة التحرش بسيدة قعيدة أثناء معاينتها شقة للايجار بمدينة نصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    ترامب: الضربات الجوية على أهداف في فنزويلا ستبدأ قريبًا    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ضيافة أرسطو
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 05 - 2018

الشعب اليوناني صغير العدد فهو يتجاوز بالكاد عشرة ملايين نسمة ولكنه يتمتع بحيوية فكرية وحراك ثقافي ملحوظ. وقد أقيم في الاسبوع الماضي معرض للكتاب في مدينة سالونيك، بلد الاسكندر ومعلمه أرسطو، شارك فيه عدد هائل من الناشرين من أوروبا وأمريكا بل وكذلك السعودية وتركيا ومصر تقديرا منها للدور البارز الذي ما زالت تلعبه ثقافته القديمة حتى يومنا هذا. وكان هذا هو موضوع الحديث الذي طرحته بالفرنسية على جمهور المعرض. فقد استقر في ذهن عدد من رواد النهضة عندنا أن الثقافة اليونانية القديمة هي مدخل مصر إلى النهضة أو إلى الحداثة. والواقع أننا أمام مفارقة مزدوجة: فإذا كانت يونانية، ما علاقتها بمصر، وإذا كانت قديمة فكيف تكون مدخلا إلى الحداثة؟ لن نستطيع أن نفك شفرة هذه المفارقة إلا إذا رجعنا إلى إسهام اثنين من كبار مفكرى النهضة وهما أحمد لطفي السيد وطه حسين.
كان أحمد لطفي السيد يرى أن الفلسفة ضرورية كي تمد أبناء الأمة بمنظور عن العالم يستطيعون من خلاله الحكم على الأشياء انطلاقا من معايير علمانية متفق عليها فيما بينهم مثل العقل والملاحظة والتجربة والإحصاء. وما العمل إذا كانت الفلسفة قد اختفت من ثقافة الأمة بعد إدانة الفقهاء لها منذ ثمانية قرون. لا يجوز أن نهبط فجأة على ديكارت وكانط وهيجل، وانما يلزم أولا إحياء الفلسفة العربية القديمة والتي كان أرسطو وجها مركزيا فيها. فقد كان للثقافة العربية الريادة بين الأمم في شرحه والتعليق عليه وتفسير العالم من خلاله. ولهذا عكف لطفي السيد رغم مشاغله السياسية الكبرى على ترجمة أعمال أرسطو الكبرى: الاخلاق، الكون والفساد، الطبيعة، السياسة على مدى ربع قرن. وكان أثناء ترجمته لكتاب السياسة يعمل وزيرا للداخلية فكان يقول كنت أذهب إلى مكتبي في الصباح لأنشغل بالمجرمين من كل لون، وأعود في المساء إلى بيتي لأنعم بصحبة أرسطو. أرسطو مدخل ضروري لإعادة الفلسفة إلى ثقافتنا العربية لأننا اعتدنا عليه فيما سبق ولأنه لا يصطدم بما استقر لدى الأمة من عقائد. ولا يعني هذا أننا يمكننا أن نستغني بفلسفة أرسطو عن الفلسفة الحديثة. لقد كان لطفي السيد نفسه يعلن انتسابه إلى مذهب الليبرلية والفلسفة النفعية عند جيرمي بنتام. ولكن دور أرسطو الضروري في نظره هو وصل ما انقطع.
أما طه حسين فقد ترجم في وقت مبكر نسبيا عام 1920 كتاب نظام الاثينيين عن اللغة اليونانية القديمة مباشرة. وقد أهدى طه حسين هذا الكتاب إلى روح قاسم أمين وفاء بما له على شباب مصر الناهض من حق. ثم نشر طه حسين بعد ذلك كتاب قادة الفكر عام 1925. وهؤلاء القادة هم هوميروس والاسكندر الاكبر وسقراط وأفلاطون وأرسطو. لم يكونوا قادة لليونان وحدها بل لمجمل الفكر الانساني ليس في مجال الرياضيات والفلسفة فحسب ولكن في مجال الأدب أيضا. ولا يعني ذلك أنهم قالوا الكلمة الأخيرة ولكنهم فقط رسموا للعقل الانساني المسار الذي سيسير فيه. أما عن الدلالة الرمزية لهذه الثقافة اليونانية القديمة فنجدها مبلورة بوضوح في كتابه مستقبل الثقافة في مصر. في هذا الكتاب يدافع طه حسين عن تدريس اليونانية واللاتينية ليس فقط في الجامعة ولكن كمواد اختيارية في الثانوية العامة. وليس في ذلك حنين إلى الماضي بل نظر إلى المستقبل. أما الدلالة الكبرى للثقافة اليونانية القديمة فهي علامة على انتماء مصر إلى حضارة البحر المتوسط. ولقد أثار هذا الطرح على طه حسين عاصفة من النقد تعتبر الأمر تقليلاً من شأن الاسلام. ولكن طه حسين يقول في كتابه أن التاريخ يعلمنا أن البشرية تنتقل من عصر إلى عصر ولكل عصر سماته. وتتميز الأديان الكبرى مثل المسيحية والاسلام بأنها تترافق مع هذه التطورات وتتعايش مع كل العصور. أما تهمة التخلي عن الثقافة العربية فهي غريبة لأن طه حسين كان من أكبر المدافعين عن اللغة العربية الفصحي وكان من كبار الداعمين لتحقيق المخطوطات التي تعبر عن تراثنا الفكري. إن الانتماء لحضارة البحر المتوسط ليس قومية بديلة بل هو كما يطلق عليه طه حسين أسرة ثقافية. كان النقاد في الحقيقة خصوما لتحرر المرأة وحقوق المواطنة المتساوية للجميع وديمقراطية الحكم. لقد عاشت شعوب البحر المتوسط شمالا وجنوبا قرونا طويلة في ظل الاستبداد. وأراد طه حسين أن يقول لنا إننا حين نتأهب مثلهم للانتقال من عصر الاستبداد إلى عصر الديمقراطية فلن يقف الاسلام ولا اللغة العربية مانعا دون ذلك. وهكذا كانت الثقافة اليونانية القديمة تعني لدى لطفي السيد الفلسفة ولدى طه حسين الديمقراطية.. وكلتاهما من مستلزمات الحداثة.
لمزيد من مقالات ◀ د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.