ربما لا يعرف الكثيرون عن المسرح الرومانى إلا أنه بناء هندسى دائرى الشكل ومحاط بالأعمدة القديمة كما يبدو للزوار فى مدينة الأسكندرية.. ولكن المسرح فى رومانيا يشكل ثروة قومية.. ليست عبارة مجازية للتضخيم والتفخيم وإنما هى حقيقة تؤكدها الأرقام، فالثقافة فى تلك الدولة تدر عائدا اقتصاديا ضخما ولا تحتاج إلى دعم من الحكومة بل هى التى تدعم سائر الأنشطة والخدمات.. وخلال مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى التقينا بالبروفيسور كرياك قسطنطين رئيس لجنة التحكيم الدولية ورئيس مهرجان سيبيو المسرحى لنتعرف منه على تجربة فريدة فى دولته تجمع ما بين الحفاظ على المستوى الفنى الرفيع وتحقيق أرباح كبيرة تجعل الاستثمار فى مجال الثقافة ضرورة للنجاح. تعلمت التمثيل فى بداية شبابى فى عصر الرئيس الرومانى السابق شاوشيسكو الذى عرف بعدائه للثقافة وكان عدد الفرق قليلا للغاية ولعل هذا كان من حظى, حيث لعبت أدوارا عديدة فى بداية حياتى الفنية.. . بدأ مهرجان سيبيو الدولى بفكرة بسيطة كمهرجان لطلاب فنون الدراما والآن ونحن نستعد للاحتفال باليوبيل الفضى للمهرجان نستقبل 525 عرضا مسرحيا منتقاة بعناية من 73 دولة تمثل جميع مناطق العالم كما نستقبل ثلاثة آلاف فنان يتحاورون ويتبارون ويتبادلون الأفكار والرؤى ونحن لا نستخدم المسارح التقليدية فقط ولكننا نستخدم كذلك الساحات والمصانع والشوارع وأى مكان متسع يمكن أن يكون جاهزا لتقديم عروض مسرحية، كما أن القاعات المجهزة تستخدم ليلا للعروض وعصرا للتدريبات وصباحا لإقامة الندوات عن طريق تقنيات حديثة تقبل الطى أو التنقل حتى لا يكون المكان مشكلة فى تقديم عروض المسرح.. وحتى تستخدم الإمكانيات المتاحة بأفضل صورة.. ولدينا فى رومانيا دراسات متخصصة وورش فنية عديدة كما نهتم بدراسة نوعية الجمهور وميوله وشرائحه السنية وتطوراته الفكرية والمزاجية.. كما نهتم بتقديم العروض الكلاسيكية الشهيرة على سبيل المثال لشكسبير وإبسن وموليير وغيرهم وتبلغ عدد عروض الريبرتوار فى الموسم المسرحى الواحد ما يزيد على 200 عرض كما أن التذاكر كلها تباع عن آخرها وتحجز قبل بداية العرض ولا توجد أى تذاكر مهداة أو أماكن شاغرة فى العروض العالمية الكبيرة, والسر فى ذلك هو حرصنا على الانتقاء الجيد لعناصر العمل الفنى والاعتماد على الدعاية الشخصية المباشرة من الجمهور لأقاربه وأصدقائه.. ولدينا فى مدينة سيبيو 52 مهرجانا أو حدثا ثقافيا بحيث لا يخلو أسبوع واحد من أجندة العام دون فعاليات ثقافية وذلك لأنها من مصادر الدخل القومى ويشكل النشاط الفنى نسبة 12% من الدخل القومى لرومانيا! ولهذا أصبحنا من الدول القليلة جدا على مستوى العالم التى تعتبر الثقافة من عناصر النمو الاقتصادى ولا تحتاج إلى دعم من أى نوع.. ولقد سافرت عبر عملى بالتمثيل والإخراج وإدارة المهرجانات الثقافية إلى 155 دولة وعادة لا أمكث فى أى دولة أكثر من 3 أيام لارتباطى بالتدريس ولكنى اخترت أن أبقى فى مدينة شرم الشيخ عشرة أيام كاملة لرغبتى فى التعرف أكثر على المسرح العربى والمصرى خاصة الشبابى والفرق المستقلة, ربما أنتقى بعضا من العروض لتكون ضيفة فى رومانيا كما أننى سعيد بالتعرف على نجوم المسرح العربى سميحة أيوب ومحمد صبحى وغيرهما من كبار الفنانين, وسعيد باستقبال مهرجان شرم الشيخ لجمعية السينوغرافيين الدولية وتخصيص عروض لفن المونودراما كما أدعو للاهتمام بكتاب المسرح المبدعين وخاصة الأجيال الشابة.