الفنان والكاتب والسيناريست والمخرج يوسف فرنسيس كان واحدا من المبدعين القلائل الذين كانت لهم قدرة عجيبة علي الجمع بين ألوان متعددة من الإبداع، وكانت له قدرة أعجب علي أن يبدو في كل منها كأنه متفرغ تماما له، كان يوسف فرنسيس الذي رحل فى 15 إبريل 2001، له عوالم إبداعية متعددة، لكن بجانب أن «الإبداع» كان العنصر الذي يجمعها، إلا أن «المرأة» كانت هي المحور الذي يدور حوله كل عمل يقدمه، والمنصة التي تنطلق منها إبداعاته، لم تكن ملهمته فحسب، وإنما كانت تيمته الأساسية، ربما يكون السبب حرمانه من أمه التي رحلت بعد ولادته في 6 يونيو عام 1934 بفترة قصيرة، ربما يكون الحرمان من حنانها ودفء حضنها لابنها سببا في انجذابه للمرأة التي صورها بحب ورومانسية وشاعرية وإحساس متدفق بالرقة والعذوبة. ................................ كان يعشق الرسم منذ نعومة أظافره، وعندما كان فى السابعة من عمره شارك فى مسابقة للرسم بمدرسته .. كانت الجائزة التى فاز بها علبة ألوان صغيرة، ربما هى التى كانت وسيلته لتحقيق حلمه بالتعبير عن مشاعره وانطلاقته إلى عالم الرسم التى صاحبها إعجاب وتشجيع من أساتذته فى مراحل دراسته حتى التحق بكلية الفنون الجميلة، وكان مشروع تخرجه لوحة رسمها لملهمة الفنانين.. جليلة.. الموديل المشهورة، لكنه لم يرسمها كما رسموها وإنما تفرد عنهم بتصويرها فى خلال ممارساتها لحياتها اليومية الشاقة وسط أولادها الصغار، وكان موفقا لدرجة كبيرة عندما اختار لهذه اللوحة اسم (الحقيقة). قد يكون هذا التميز سببا فى حصوله على درجة امتياز فى السنة النهائية وتعيينه معيدا بالكلية، ولو استمر فى سلك التدريس لربما تغيرت مسيرته الفنية تماما وربما أيضا أضاف إلى مجالات إبداعه المتعددة مجال الفن الأكاديمى، لكنه واصل ما بدأه عندما كان طالباً فى الكلية، فقد كان يعمل فى روزاليوسف ، ورسم غلاف مجلة صباح الخير فى أعدادها المبكرة ، فعاد إلى صفوف مبدعيها عام 1958 بعد عام واحد من عمله معيدا، لكنه بعد 6 سنوات فقط انتقل إلى مؤسسة الأهرام ليواصل العمل الإبداعى فى مجال التصوير والكتابة والنقد التشكيلى ويكون واحدا من القلائل الذين جمعوا بين الفن والنقد والصحافة التشكيلية، حتى ضم إلى إبداعاته مجالا جديدا هو الكتابة والإخراج السينمائى فبدأ رحلته بكتابة سيناريوهات لأفلام روائية وأخرج أفلاما روائية قصيرة وطويلة أيضا، وظل للمرأة مخلصا مستلهما منها إبداعاته فى كل هذه المراحل والمجالات وكان له سحر خاص فى أعماله التى أضاف إليها غموضا فى الخامات التى يستخدمها وكأنه يحيط عالمها بأسرار وحواجز يصعب اجتيازها والكشف عنها، فكان يخفى وجه المرأة وراء زجاج مكسور، أو شباك مهجور أو لحاء شجرة، وكانت المرأة غالبا حزينة الوجه، مكسورة المشاعر.. لكنها دائما كانت البطلة. كان يرسمها أحيانا تتحدى ، تقود الرجال، تحنو على الرضيع وترعى الصغير، إنه دورها فى الحياة كما هو دورها كرمز للرومانسية والمشاعر المتدفقة بالرقة والإحساس.. رحم الله الفنان المبدع الذى رحل عن دنيانا قبل 17 عاما ولا تزال أعماله تنبض وترفض إلا أن تكون دليلا على تميز إبداعاته كواحد من جيل يعد امتدادا لجيل الرواد.