كثرت المشكلات النفسية، وأنعزل كثير من الناس عن بعضهم، رغم كثرة وسائل تواصلهم، وأنتشر الهجر، وقطع علاقات الحب والصداقة فجأة، ولأسباب تافهة، كأن من كان يملأ حياتك ووقتك، كان بنفس الوقت يلتمس طريقا للفرار من علاقته بك!والرأى السديد فى هذه الحالات، تلك الأقوال السائدة التى تملأ وسائل التواصل الإجتماعى، وتنصحك ليل نهار، بأن من يريد أن يتركك، فاصحبه حتى باب حياتك وأنت مبتسما، وقل له وداعا.. لكن هذا ليس حلا نهائيا شافيا للنفس، والقلب، فكثرة التجارب السيئة، والإحباط فى علاقات كان يحسبها أصحابها ناجحة، وقوية، كى تدوم لأخر يوم بعمرهم، كل هذا يميت القلب ببطء، يقتل خلاياه على فترات، فيمرض، ومرضه هذا فى النهاية، سيقتل الإنسان الذى يحمله. لهذا على المرء أحيانا، أن يتخذ عدة إجراءات "وقائية" لحماية قلبه من المرض عند تعرضه لصدمات متتالية، وحتى لا يجد نفسه قابعا دون أن يدرى فى بئر الإكتئاب رغم أنه قدم كل ما لدية من مشاعر، وأفعال طيبة. أولا، يجب عدم الإرتباط الشديد بأحد، ومنع النفس من التعلق بشخص، وإشراكه فى كل الأحلام والخطط المستقبلية، بل علينا دائما تخيل عدم وجوده، حتى ولو لدقائق.. ثانيا، أن يلاحظ الإنسان نفسه دائما، فإذا وجد أن كل تفاصيل حياته، أصبحت تتمركز حول شخص ما، فعليه أن يقلل من إرتباطه وتمركزه حول هذا الشخص، لأن فى هذا دماره، إذا قرر الإبتعاد عنه، بقرار فردى، وإذا كان الإبتعاد صعبا عليه، فليكن على مراحل، المهم أن يقل.. ثالثا، ليس على الإنسان إذا أحب أو وجد صديقا مقربا، أن يهجر بقية معارفه، وأصدقاءه الآخرين، بل أنه من العقل أن يحمى نفسه بصداقات موازية، ويقبل الأخرين بعيوبهم التى يعرفها، فربما ظهرت له عيوب من يحب، فوجدها أسوأ بكثير.. رابعا، النفس الإنسانية شديدة التعقيد، فما تحبه اليوم، هو نفسه الذى تزهد فيه غدا، وقد تعود فتشتاقه مرة أخرى، وهكذا، لهذا، ليس علينا تعذيب أنفسنا كثيرا بالخروج من العلاقات بشكل غير لائق، ولا أيضا تدمير أنفسنا بالحزن الشديد على إنتهاءها. خامسا، كل الأشياء لها أعمارا مكتوبة، والأحداث، وكذلك العلاقات، فلن نقدر على إطالة بقاء أى شىء، أو وقت جميل نعيشه، وإذا فعلنا فسيكون من رصيد سلامنا النفسى، وهنا يفضل أن يكون الإنسان وحيدا. بعض العلاقات القوية تشبه الكهرباء، فوائدها عن بعد تنير الحياة، لكن إذا إقترب الإنسان منها، و"مسكت" فيه، فإحدى الأمرين، إما أن تقتله على الفور، أو أن تلقيه بعيدا، بعد حطمت عظامه، وجمدت الدم فى عروقه. [email protected] لمزيد من مقالات وفاء نبيل ;