كنت دائما خلال فترة عملى بالخارج أسأل نفسى عن طبيعة التأثير الذى تحدثه مكاتب السياحة المصرية فى كل مكان، لأن هناك ما يُعرف بظاهرة «الولع بمصر» التى كانت تدفع بعض أطفال المدارس إلى إرسال خطابات لمكتب الأهرام فى لندن لكى يطلبوا شرائح فيلمية لآثار وتماثيل لا يعرفها إلا المتخصصين، ولم يفعلوا ذلك بالطبع نتيجة مجهود من أى نوع قامت به المكاتب السياحية، لا بل إننى رأيت الدكتور ممدوح البلتاجى وزير السياحة الأسبق يقوم بنفسه بعملية إنقاذ السياحة المصرية من الوضع الكارثى الذى وجدت نفسها فيه بسبب حادث الأقصر فى أواخر التسعينيات، والذى وقع فى أثناء زيارة البلتاجى إلى لندن، فكان الوزير هو الذى يتحدث لوكالات الأنباء والصحف الأجنبية، وهو الذى يتصل بالوكالات السياحية لوقف تدهور الحجوزات إلى مصر.. أكتب كل ذلك لأننى تلقيت ضمن مادة صفحة فريق ليفربول لكرة القدم بالإنترنت نصا عجيبا لرسالة وجهها أحد مشجعى الفريق البريطانى إلى جناحه اللاعب المصرى محمد صلاح هداف الدورى الإنجليزى، والخطاب يشير إلى الأثر الذى أحدثه صلاح وحده والذى يفوق بكثير ما رأيته من أسلوب ومستوى عمل المكاتب السياحية ببريطانيا، ويقول المشجع البريطانى فى رسالته: «ألم تكتف بعد؟ أما آن لك أن تتوقف عما تفعله احتراما لتاريخ من سبقوك؟ أما يكفيك أن تقضى على التمييز ضد العرب؟ أتظن أن أقدامك تزلزل قلوب المدافعين وحراس المرمى وحدهم؟.. الأمر ليس هكذا يافتى.. أنت تعصف بكيان دولة كاملة.. تغنوا باسمك فى موسمك الأول ولم تكتف.. حملوا أعلام الدولة المصرية فلم تتوقف.. رسموا ابتسامتك البريئة على جدران منازلهم فما ارتضيت.. أنت أقوى إعصار عاطفى مر على أمة ليفربول لبلادك ونجحت فى أن تحتل دولة كاملة وحدك.. لم تحتل أراضيها ولكنك استعمرت القلوب والعقول والحناجر التى تهتف لك». ............. هذا الخطاب أقوى قطعا من أى مجهود بيروقراطى يتصور أن مصر عليها أن تدفع كل هذه الرواتب الضخمة لأعمال موظفى مكاتب السياحة التى يمكن إنجازها بوسائل الاتصال الأليكترونية، وبسمعة وثقل وأرجحية أسماء مثل زاهى حواس، ومجدى يعقوب.. ومحمد صلاح!! لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع